رواية اقتحمت ظلامي حورية كاملة وحصرية بقلم مريم عمر
في مصر في محافظة القاهرة في منطقة سكنية من الطبقة المتوسطة، في عمارة تبدو عادية، وتحديدًا في الطابق الثالث.. في منزل متوسط ليس به سوى غرفتان للنوم، ومطبخ، ومرحاض صغير، وغرفة معيشة متوسطة، تقف في المطبخ فتاة في أوائل العشرينات تعد الطعام على عجل، كانت فتاة متوسطة القامة، شعرها أسود طويل وعينيها سوداء قاتمة مثل ظلام الليل.. ولكن بها بريق مميز.. كانت تعقد شعرها للأعلى على شكل ذيل حُصان.. وكانت ملامحها هادئة رقيقة.. ولديها بعض النمش على جانبي خديها وفوق أنفها الصغير.. وكانت بيضاء البشرة.. كانت تعد الطعام ويبدو على ملامحها التوتر! حتى قاطعها دخول أحدهم يحادثها قائلًا:
– لسه ما خلصتيش؟!
وكان شابًا طويل القامة، عريض، شعره بني كثيف، عيونه سوداء هادئة، يشبهها إلى حدًا ما.
قالت الفتاة تتأفف:
– من كتر استعجالي البيض اتحرق مني!
– طب أخلصي عشان أنا جعان وعندي شغل، و”سالي” عايزة تفطر قبل ما تروح الجامعة.. وأنتِ كمان هتتأخري على شغلك!
– أنا خلاص خلصت، خد حط الأكل على الترابيزة.
تناول منها أطباق الطعام يتجه إلى الخارج، إلى غرفة المعيشة.. وضع الأطباق على السفرة الصغيرة، المكونة من ثلاث مقاعد فقط!، وكانت تجلس على أحدى المقاعد؛ فتاة قصيرة القامة، شعرها أسود لامع مثل شقيقتها الكبرى!، لكن يصل إلى بعد رقبتها بقليل، وعينيها بنية مثل شقيقها.. ترتدي نظارات طبية وتبدو فتاة لطيفة وهادئة.. تضع بعض الأوراق أمامها تقرأها بأهتمام، حتى شعرت بيد تربط على رأسها، رفعت رأسها للأعلى لترى شقيقها الأكبر يردف بمرح:
– خلاص يا دحيحة شيلي ورقك ده عشان الأكل ما يدلقش عليه.
– أخيرًا هاناكل.. ده أنا قرأت ورق المراجعة للمرة التانية!
قال ضاحكًا:
– مش بقولك دحيحة!
ضحكت بخفوت.. حتى قاطع ضحكتها صوت صياح!، حركت رأسها قليلًا تبعده عن جسد شقيقها الذي يحجب الرؤية أمامها.. لترى شقيقتها الكبرى تضع كلتا يديها على خصرها تنظر لهما نظرات غاضبة تصيح قائلة:
– بقالكم ساعة بتزنوا عليا عشان أعمل الأكل، ومستعجلين أوي، وفي الآخر قاعدين ترغوا؟!
جلس الأخير سريعًا على المقعد يمسك المعلقة، قائلًا بمرح متلعثم:
– مين دول إلي بيرغوا؟! أحنى بناكل أهو!
زفرت بحنق واقتربت من السفرة تعد بعض الشطائر بخفة!، ثم وضعتهم في كيس بلاستيكي واقتربت من شقيقتها الصغرى، تمد يدها لها تردف قائلة:
– خدي السندوتشات دي كُليها في التاكسي، عشان ما تتأخريش على الجامعة أكتر من كدا.
– حاضر..
أخذت منها الكيس ووضعته في حقيبتها، وتحركت بخطى سريعة ناحية الباب،
قالت تلك الفتاة والشاب الآخر في ذات الوقت:
– خدي بالك من نفسك.
ابتسمت ملوحة لهما بيدها وذهبت..
بينما قالت الفتاة:
– هاتلحق تاكل يا “سالم”؟ ولا أعملك سندوتشات زي “سالي”؟
– لا تسلمي لسا في وقت.
– تمام أنا هاروح أجهز عشان ما تأخرش على الشغل.
– مش هاتاكلي؟!
– لا أنا مليش نفس دلوقتي، وهبقى أفطر مع “أمنية”.
قالت ذلك ثم ذهبت سريعًا لغرفتها، وارتدت ملابسها الفضفاضة المحتشمة.. وعقدت شعرها على شكل دائرة كبيرة تعلو رأسها، وأخذت حقيبتها وخرجت تحادث شقيقها التوأم! قائلة:
– هتيجي تاخدني من الشغل وتاخد سالي من الجامعة، ولا أخلص شغلي وأروح اجيبها أنا؟!
فكر “سالم” لبرهة ثم قال:
– لا جبيها أنتِ؛ عشان أنا ممكن اتأخر النهاردة في الشغل.
– تمام.
– بس عمومًا لو حصل أي تغيير هاتصل أقولك عشان تستنيني.
– ماشي هاروح أنا دلوقتي.
– خدي بالك من نفسك يا “حور”.
هزت رأسها إيجابيًا وتحركت تخرج من المنزل، تنزل على السلالم مسرعًا حتى لا تتأخر، وقفت أمام الشارع حتى رأت سيارة “تاكسي” اشارت لها حتى توقفت، ثم صعدت السيارة تركب خلف مقعد السائق وتخبره عن وجهتها، حتى تحركت السيارة بها.
كانت تنظر من النافذة شاردة الذهن.. تفكر في حياتها.. والمسؤولية التي فوق عاتقها.. أنها المسؤولة عن المنزل بصفتها الأبنة الكبرى.. فبعد وفاة والدتها اضطرت هي لتحمل كل شيء.. ليس كل شيء تمامًا.. لأن شقيقها التوأم يساندها، وكلاهما كالأب والأم لسالي.
أخرجها السائق من شرودها قائلًا:
– وصلنا يا آنسة.
فتحت حقيبتها تخرج منها بعض الأوراق النقدية واعطتها له، ثم نزلت من السيارة واخذت تسير لبعض الوقت حتى وصلت لمكان عملها المميز.. كان موقعه مميز في نظرها؛ حيث كان مطعم في شارع هادئ يتوسط المكان، وعلى كلتا جانبيه أشجار عليها بعض أعمدة الضوء التي وضعوها لتزين المكان.. وأمام الأشجار مقاعد خشبية عريضة للجلوس.
سارت بإتجاه المطعم ولكنها لم تدخل من الباب الرئيسي بل سارت حتى وصلت خلف المطعم، ودخلت من الباب الخلفي للعمال.. وعندما دخلت وجدت من تتحدث قائلة:
– الحمدلله متأخرتيش زي العادة.
– آه لأني النهاردة موصلتش سالي زي العادة.
– هي مش صغيرة عشان توصليها، وكمان ما تخلي أخوكي يوصلها.
– ما أنا بوصلها وهو بيجبها أو العكس.
– إيه الدلع ده؟
نظرت إليها حانقة وقالت:
– ما أنتِ عارفة أن الجامعة بعيدة وأحنى بنخاف عليها، وبعدين كفاية رغي خلينا نبدأ شغل يا أمنية.
تأففت “أمنية” وقالت بضجر:
– يادي الشغل إلي مش بيخلص ده!
– شوفتي هو ده الدلع بقى!!
– طيب طيب يا ست حور يلا نشوف شغلنا.
وعلى الناحية الآخرى، كان “سالم” في مكتب عمله الصغير، وأمامه حاسوب يعمل عليه، فهو يعمل محاسب، وفجأة سمع صوت رنين هاتفه فأمسكه ووجد أن المتصل هو “فراس تو!” فابتسم إبتسامة صغيرة على الأسم ثم وضع الهاتف على اذنه وقال:
– ازيك يا “فراس” تو! عامل إيه؟
سمع ضحكة خافتة من الطرف الآخر الذي اردف:
– الحمدلله كويس يا سالم وان!
– من أمتى بترن عليا وأنا في الشغل؟
– عشان أخد إذنك أني هاجي أقعد مع سالي النهاردة.
– تنور في أي وقت.. بس ليه ما استنتش الأستراحة وجيت قلتلي؟ ونبقى نروح مع بعض.
– عشان النهاردة هامشي من الشركة بدري، عندي مشاوير كده.. ولما أرجع هاجي عندك على طول.
– تمام، وهايجي “شهاب”؟
– لا أنا بس، بقولك جاي عشان سالي.
– تمام فهمت.
ثم أكمل بنبرة ليست مريحة:
– بس أبقى قلي إيه المشاوير دي..
تنهد “فراس” وقال:
– طب سلام بقى.
– سلام.
وعلى الناحية الآخرى، كانت “سالي” تقف أمام شارع عمومي تنتظر أن تأتي سيارة “تاكسي” حتى تستقلها وتذهب لجامعتها، ولكن لحظها السيء لم تظهر ولا واحدة للآن!، كانت يبدو على ملامحها التوتر فهي تخاف أن تتأخر خصوصًا أن الجامعة بعيدة.. ظلت تنتظر وأثناء إنتظارها مر بجانبها شابًا ما وفجأة أنتشل منها حقيبتها! وركض مسرعًا!!، فُزعت “سالي” ولكن قبل أن تستوعب إي شيء ظهر شابًا آخر وركض خلف السارق وكان سريعًا فأستطاع اللحاق به، وركضت “سالي” خلفهم وهي خائفة، حتى وصلت إليهم ووجدت الشاب يمسك السارق من تلابيب ملابسه ومن الواضح على وجهه أنه لكمه! وكان سيلكمه مرة آخرى ولكن صاحت “سالي”:
– خلاص خلاص سيبه!
نظر إليها الشاب بعينيه الرماديتين.. بإستنكار وقال:
– أسيبو مين؟! ده أنا هاخدو القسم!
– لاء لاء! مفيش داعي للقسم..
قال السارق برجاء:
– آه ونبي أسمع كلامها بلاش قسم ونبي!
شدد الشاب يده على تلابيب ملابس السارق وكورها أكثر، وقال بغضب:
– أنت تسكت خالص!!
ثم نظر لسالي وأكمل ببرود:
– وأنتِ خدي شنطتك والباقي مش شغلك!
ورمى الحقيبة التي كان يمسكها في يده الآخرى بإتجاهها، فأسرعت وانتشلتها بصعوبة، بينما أخذ الشاب يجر السارق خلفه حتى يأخذه لأقرب قسم!، سارت
“سالي” بخطى سريعة خلفهم حتى تلحقهم، ووصلوا أمام قسم الشرطة فوقفت أمام الشاب قبل أن يدخل القسم قائلة:
– خلاص سيبو خلاص.
– بقولك إيه حاسبي من قدامي أحسنلك!!
– مش لازم تكبر الموضوع سيبو يمشي أنا مسمحاه..
– بس المجتمع مش مسمحوا! لازم إلي زي دول يتعلموا الأدب عشان يحرموا يسرقوا تاني بعد كده.
قال السارق بأمل أن ينجو:
– ونبي هي ست طيبة ومسمحاني فسبني ونبي عشان عيونها!
– خليك ساكت لو مش عايز أضربك تاني!!
تدخلت “سالي” برجاء:
– بس أنا مسمحاه! و..
قاطعها قائلًا ببرود:
– هو أنا بتناقش معاكي؟! حاسبي من قدامي!!.
ودفعها ومر!.. وعندما دفعها سقطت حقيبتها وتفرغت محتوياتها فأسرعت تجثو على ركبتها تلملمها، وهي تحدث نفسها قائلة:
– إيه الوقاحة دي؟!
بينما كان السارق يترجى الشاب أن يتركه قائلًا:
– خلاص ونبي ما هعمل كده تاني!!
– ما أنا هخليك تحرم تعمل كده تاني فعلًا.
ودفعه بقوة داخل قسم الشرطة، الذي كان عبارة عن مبنى حديث ذو واجهة زجاجية، دلفا من البوابة الحديدية الكبيرة، ومروا بجوار مكتب الإستقبال حيث كان يجلس ضابط شرطة يرتدي زيًا رسميًا، قال الشاب بصوت عالٍ:
– أنا جبت واحد حرامي!
أدار الضابط رأسه ونظر إليهما بملل، ثم قال ساخرًا:
– أهلا يا “أسامة”.
قال “أسامة” ببرود:
– أنا عايز أروح مكتب “أسر” باشا.
– المكتب عندك، أظن عارف مكانو.
طالعه “أسامة” ببرود، ثم إتجه إلى ممرًا ما ودلفا إلى مكتب صغير، كان مكتظًا بالأوراق والمستندات، وعندما دخلا قال الشاب الذي كان يجلس على المكتب:
– يا أهلا وسهلًا أسامة بذات نفسه جاي عندي المكتب!!
دفع “أسامة” السارق ناحية المكتب، وقال:
– ده واحد سرق شنطة بنت وجري بس أنا لحقته ومسكته وجبتهولك هنا، فشوف هاتعمل معاه إيه.
– بدأت تمارس شغلك أخيرًا.
عقد “أسامة” حاجبيه واحتل الغضب ملامحه، وقال نافرًا:
– لاء ده أي واحد مكاني كان هايعمل نفس الشيء، وعلى فكرة كنت أقدر أروح لشرطي تاني فياريت تقصر الكلام.
تنهد الشرطي وقال بنبرة ذات مغزى:
– ماشي يا أسامة..
وعند “سالي” كانت تتحدث مع شقيقتها في الهاتف وقد حكت لها ما حدث، فقد أنارت شاشة الهاتف عندما كانت تلملم أغراضها التي سقطت من الحقيبة، وقد أتصلت شقيقتها عليها حتى تطمئن أنها وصلت للجامعة، تحدثت “حور” بقلق على الهاتف:
– بس أنتِ كده أتأخرتي على الجامعة.
– عشان كده عايزاكي عبال ما أنا أشوف موضوع الواد ده تجيبيلي تاكسي وتيجي عشان أصلًا أنا ما ملقتش تاكسيات.
– بطلي هبل هما خلاص مسكوه ملكيش دعوة أنتِ.
– لاء يا حور مش هقبل أنهم يعملوا فيه حاجة!
– كان من بقيت أهلك هو؟! وبعدين آخرهم يخلوه يدفع غرامة بسيطة.
– خلاص يا حور أنا هقفل سلام.
– ماشي براحتك، وأنا هاجيب تاكسي وأجيلك.
اغلقت الخط معها، ثم سارت مسرعة ودلفت القسم على عجل، كان تلتفت حولها تبحث عنهما، فقال شرطي الاستقبال:
– في حاجة يا آنسة؟
– كان في واحد لسه داخل من شوية ومعاه واحد بيقول أنه سرق حاجة، تعرف دخلوا فين؟!
– أنتِ إيه علاقتك الأول؟
– أنا إلي سرق منها الشنطة.
– آه مادام كده.. دخلوا المكتب الأولاني إلي على اليمين في الطريق ده.
وأشار لها إلى الممر، فشكرته وسارت بخطى سريعة إلى المكتب، وعندما وصلت وجدت عليه لافتة مكتوب عليها بالخط العريض”الضابط أسر الحوتي”، طرقت الباب فسمعت صوتًا يإذن لها بالدخول، ثم دلفت ورأت الشاب يجلس على كرسي أمام المكتب، بينما السارق غير موجود.. قال “أسامة” ببرود:
– أنتِ تاني!
سألت “سالي” وهي تبحث بعينيها البنيتان في أرجاء المكتب:
– هو راح فين؟!
سأل الضابط “أسر” بتعجب:
– مين دي يا أسامة؟!
– دي إلي سرق منها الشنطة.
قال “أسر” بينما هو يطالعها عن كثب:
– متقلقيش أحنى خلناه يدفع غرامة ماليًا، ولو تحبي ترفعي قضية وتخليه يدفعلك تعويض مفيش مشكلة.
اكتسى الحزن على ملامح “سالي” لأنها لم تستطع منع ما حدث، لذلك نظر إليها “أسامة” ساخرًا على حزنها هذا ونهض من فوق الكرسي وإتجه إليها وقال ببرود:
– لو فضلنا نسامح الدنيا هتخرب.. لأن الكل هيقول ما هما كده كده بيسامحوا وهيتمادوا في الموضوع، لكن لو عاقبناهم هيخافوا ويفكروا ميت مرة قبل ما يعملوا كده.
قال ذلك ثم إتجه وخرج من المكتب قبل أن يسمع ردها.. فإلتفت إليه وكانت ستقول شيئًا ولكن قاطعها “أسر” متسائلًا:
– هو أنتِ كنتي ناوية تسامحيه؟
– أنا سامحتو فعلًا وقلت كدا ل.. اا للشاب إلي مشي ده، وقلت بلاش قسم بس ما سمعش كلامي.
– هو بيسمع كلام أخوه وأبوه عشان يسمع كلام واحدة غريبة؟!
– إيه؟!
– لاء ولا حاجة.. بس عمومًا القانون قانون وكل غلطة ليها عقاب، وتقدري تفضلي.
– اا تمام عن إذنك.
خرجت “سالي” من المكتب ثم رأت “أسامة” يتحدث مع شرطي الإستقبال، ترددت قليلًا ولكنها في النهاية ذهبت إليه وقالت بتوتر:
– ع.. على فكرة أنا فاهمة كلامك كويس بس قلت المسامح كريم ومفيش داعي للقسم المرة دي، وكمان ربنا غفور رحيم فأحنى مين عشان ما نغفرش؟.
إلتفت إليها بإستنكار وقال ساخرًا:
– بس ده حرامي والسرقة حرام على حد علمي.
– آه حرام بس ربنا بيغفر.
– خلاص كفاية صداع إلي حصل حصل.
شعرت بالحرج وقالت بتلعثم:
– اا تمام آسفة.
– في إيه يا سالي إيه كل التأخير ده؟
نظرت “سالي” خلفها فوجدت “حور” شقيقتها قد وصلت، اكملت “حور” بإستياء:
– وبعدين أنتِ واقفة تتكلمي مع مين؟!
توترت “سالي” فهي تعلم مدى تشدد شقيقتها في أمر التحدث مع الرجال الغرباء، فقالت تبرر:
– اا لا ده هو إلي مسك الواد إلي سرق مني الشنطة.
نظرت “حور” إليه وقالت بإمتنان:
– شكرًا على المساعدة.
رد بلا مبالاة:
– عفوًا.
ثم امسكت يد شقيقتها وسحبتها قائلة:
– يلا عشان التاكسي مستني برا.
– طب ما أنا كده اتأخرت جامد.
تنهدت “حور” ثم قالت:
– خلاص غيبي النهاردة وأمري لله، وخدي التاكسي يوصلك للبيت وأنا هاخد تاكسي تاني وأروح الشغل.
– آسفة جبتك على الفاضي.
– عادي يا سالي حصل خير.
ثم خرجا من القسم.. وأثناء خروجهما دلف شاب آخرى وإتجه إلى “أسامة” الواقف عند شرطي الإستقبال وقال بمرح:
– أهلا يا شباب.
قال شرطي الإستقبال ضاحكًا:
– منور كالعادة.
– طبعًا ما أنا عارف..
قال “أسامة” مباشرةً:
– يلا نمشي المكان هنا بيخنقني!.
– طب سلم الأول.
تجاهله “أسامة” وإتجه ليخرج فقال الشاب بحزن تمثيلي:
– مفيش سلام مفيش كلام!
ضحك شرطي الإستقبال وقال:
– أنا مش عارف إزاي أنت صاحب ده، أنت في عالم وهو في عالم تاني خالص.
– ما أنت عارف طبعو هنقول إيه بس..
– ربنا معاك.
ثم تحرك ليخرج خلف “أسامة” وعندما خرج وجده يشعل سيجارة ويضعها في فمه، فإتجه إليه وقال بإنزعاج:
– برضو يا أسامة؟!
– خليك في نفسك يا “نبيل” من الآخر كده.
– مش كنت بطلت؟
قال وهو يزفر ويخرج دخان من فمه:
– ما أنا بطلت فترة بس رجعت تاني..
تنهد “نبيل” وقال:
– ربنا يهديك..
ثم فجأة اتسعت عينيه العسليتين.. كأنه تذكر شيئًا، ووضع يده في جيب سرواله واخرج منها شيء، وقال:
– آه صحيح شوف لقيت إيه..
– إيه؟
– لقيت البطاقة دي واقعة قدام القسم.
انزل “أسامة” السيجارة من فمه ونظر إلى البطاقة الانتمائية التي كان تحمل صورة فتاة، فأخذها من يده وتفحصها وكانت عليها صورة “سالي”!، جاء مشهد سريع في عقل “أسامة” عندما دفعها وسقطت منها أغراضها، فقال بهدوء:
– شكلها ما اخدتش بالها منها وهي بتلم الحاجة.
“نبيل” بإستغراب:
– هي مين دي؟!
– هحكيلك..
وعلى الناحية الآخرى، كانت “حور” قد وصلت إلى المطعم فأسرعت تركض إلى الباب الخلفي، وعندما دخلت استقبلتها “أمنية” قائلة بهمس:
– أتاخرتي أنا غطيت عليكي بالعافية.
– متشكرة يا أمنية وآسفة مكانش قصدي اتأخر.
– أنتِ عارفة أنك أشطر طباخة هنا فمكانك لا يعوض.. وكمان أحكيلي إيه إلي حصل.
– بعدين خليني أشوف شغلي.
ودلفت مسرعة إلى مطبخ المطعم، أما “أمنية” جلست ترتاح قليلًا على مقعد موجود في الممر بين المطبخ والباب الخلفي وكان شاردة وهي مبتسمة بهيام..
فجاءت “حور” فجأة وقاطعت شرودها قائلة بغضب:
– أنتِ قاعدة عندك بتعملي إيه ورانا شغل كتير.
– عايزة أحكيلك عن حاجة مهمة أوي.
– أنتِ مش بتبطلي رغي أبدًا؟!
– لاء هههه، وكمان فيها إيه بسلي وقتي.
– طيب سليه في الشغل.
– تمام تمام ده أنتِ مملة أوي.
ونهضت ودلفا معًا للمطبخ..
وفي نفس المطعم على أحد الطاولات كان هناك مجموعة من الشباب ومن الواضح عليهم أنهم كما يقال “شلة صايعين”
تحدث واحد منهم:
– خلونا نراهن على حاجة وإلي يخسر يعزمنا كلنا على حسابو.
قال واحد آخر:
– فكرة حلوة.
ووافقت الكل على الأقتراح إلا واحد قال معارضًا:
– لاء كل واحد يدفع لنفسو.
– ليه ما أنت طول عمرك بتحب الرهان؟
– كفاية الغرامة إلي دفعتها النهاردة!!
– غرامة إيه يا “مروان”؟
– النهاردة سرقت شنطة من بنت كده وجريت، بس للأسف مسكني واحد ووداني القسم.
وأكمل هو يضحك ساخرًا:
– بس مقلقوش البنت إلي سرقت منها الشنطة كانت مسخرة على الآخر.. قال إيه عاملة فيها طيبة ومسمحاني ومش عايزة أني أروح القسم.
قال واحد آخر ضاحكًا:
– كتر خيرها هههه.
وأخذوا يضحكون! إلا واحدًا كان صامت لا يتحدث ولا يضحك..
سأل “مروان” بإستغراب:
– مالك يا “شهاب”! مش مركز معانا ليه؟!
– مفيش..
ثم نهض وقال:
– أنا هروح عشان ورايا حاجة أعملها.
وتحرك وخرج من المطعم..
قال “مروان” بحنق:
– مالو ده اليومين دول؟
أجاب واحد آخر:
– معرفش بقالو فترة كده.. أعتقد بسبب “فراس”.
– يادي فراس دا إلي مش هنخلص منو!. شخص لا يطاق مش عارف شهاب بيعزوا أوي كده ليه.
– معاك حق.. طب ما نخلص منو!!
وعلى الناحية الآخرى، كان “أسامة” قد أخبر صديقه “نبيل” عن أمر “سالي”،
قال “نبيل” متسائلًا:
– طب هنرجعلها البطاقة إزاي؟
– هنرن على الرقم المكتوب على البطاقة يا ذكي.
– آه صح فكرة حلوة..
فأخرج هاتفه من جيبه وبدأ يُدون الرقم المكتوب على البطاقة، ثم قام بالإتصال..
وعند “سالي” كانت تجلس على الأريكة تشاهد التلفاز، حتى سمعت رنين هاتفها يرن فالتقطته من فوق الطاولة، ورأت أنه رقم غريب وترددت ترد أم لا ولكنها في النهاية لم ترد؛ فهي لا ترد على أرقام غريبة، ولكن قام الرقم بالإتصال مرة آخرى فسحبت نفسًا عميقًا ثم أجابت بصوت خافت:
– الو؟!
(يتبع)
الثاني ممن هنا
اخترنا لك
ترددات قنوات MBC 2025: استمتع بمتابعة برامج رمضان بجودة عالية ومتميزة
وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية يفاجئ الإدارات الفرعية بجولات مرورية حاسمة
مواجهات نصف نهائي كأس مصر 2024-2025: تفاصيل المباريات والفرق المشاركة
تحول الاقتصاد المصري نحو قطاعات تصديرية لدفع عجلة النمو الاقتصادي
رواية ضالتي الفصل السادس 6 بقلم حبيبة محمود (حصرية في مدونة )
تردد قنوات تعرض مسلسل المؤسس عثمان 186 مترجم بجودة شاشة كاملة
الأهلي يتفوق على طلائع الجيش بـ2-0 في الدوري الممتاز: تفاصيل المباراة وأبرز الأحداث – مصربوست
دوري روشن: تعرف على موعد مباراة اتحاد جدة والفتح والقنوات الناقلة