رواية أنشودة الأقدار الجزء الثالث للكاتبة نورهان العشري الفصل الخامس والأربعون
لا تحلو الحياة إلا برفقة من نُحِب، كم مرت هذه الكلمة على مسامعي دون أن أنتبه لها أو أتمعن في معانيها، فلم أكن يومًا على وفاق مع قلبي إلى أن التقيتك، لم يكُن لقاءً عاديًا يُمكنني تجاوزه؛ حينها علِقنا معًا في قبضة الأقدار التي جمعتنا من دون سابق إنذار، ل أجد نفسي مُتورطًا وقلبي مع داءً دون دواء وهو العشق الذي كان يلهو بنا كيفما يشاء، تارة يغمِسنا في غياهب الألم وتارة يرسو بنا فوق شاطيء السكينة التي لم تستشعرها روحي ويرتشف من حروفها قلبي سوى بين ذراعيكِ، ل ننجو معًا من غياهب أقدارنا وظلمتها إلى عالمًا لم يُخلِق ل سوانا، وحينها لامس قلبي حقيقة ثابتة وهي أن الحياة دون من نُحِب ليست بالحياة، وأن حُلوها يكمُن في حضرة امرأة حملت سلام العالم أجمع بين كفوفها وسكبته بين أضلُعي ف اكتملت، ل تبدأ اقدارنا في عزف أنشودة رائعة من العشق الأبدي الذي جعلني أتذوق حلو الحياة وحلاها.
نورهان العشري.
أمرًا شاق على المرء أن يرى مخاوفه تتبختر بخيلاء أمام ناظريه بينما هو يعجز عن مُحاربتها أو التملُص منها، فقط عليه أن يتقبلها و لو كانت صبارًا، فلا سلطة لنا على قلوبنا، و لم يُخلق عقار في العالم من شأنه أن يُخمِد نيران الغيرة و ما تُخلفه من آلام عظيمة.
بلل حلقه الجاف قبل أن يوميء برأسه وهو ينسحب إلى الخارج تزامُنًا مع دخول« سالم» يحمل «محمود» بين يديه فقد كان أمرًا مُرتبًا من جانبه
عودة لما قبل عدة ساعات
أبيه سالم. بعتلي؟
التفت «سالم» على صوت« جنة» التي أطلت برأسها من الباب فأجابها بهدوء
تعالي يا جنة.
أغلقت الباب خلفها وهي تتوجه إليه ليقول باستفهام
خلاص جهزتوا؟
«جنة» بحماس.
اه كلنا جهزنا. ماعدا فرح كل شويه ترجع تبوس سليم و تيجي. يا روحي صعبان عليها تسيبه.
قالت جملتها الأخيرة بحنو بالغ ليشعُر بدغدغات في قلبه حين جاءت على ذكرها فها هي حبيبته بحنانها الذي لا حدود له لذا قال بلهجة تحمل طابع الفخر
دا شيء مفروغ منه. فرح يعني الحنان كله.
أسعدها كثيرًا حديثه عن شقيقتها و ذلك العشق الذي يُلون حدقتيه حين جاءت على ذكرها لذا قالت بحبور
ربنا يخليكوا لبعض.
أمن القلب على دعائها فقد كان هذا اقصى امانيه أن تظل بجانبه للأبد
امين. ممكن نتكلم شويه؟
تعلم فيما يود الحديث ولكنها آثرت الإنصات لتقول بهدوء
نتكلم شويه.
«سالم» بخشونة
أنتِ عارفه طبعًا أن حازم جاي النهاردة!
«جنة» بهدوء
عارفه.
هدوئها و صفاء ملامحها أمرًا يستحق الإعجاب و لهذا شرع في الحديث بسلاسة قائلًا
طيب لازم تعرفي أنه وارد يطلب يشوف محمود. هيكون عندك اعتراض؟
داخليًا هناك رفض مدفون في اعماق صدرها تجاهلته ولم تُعيره أي اهتمام، فذلك الشخص لم يعُد يُمثل أي شيء بالنسبة إليها لقد دفنته وذكرياته بأحد المقابر التي أضاعت الطريق إليها ولكنها وجدت نفسها تقول باستفهام
لو رفضت أنه يشوف محمود ياترى انت هيكون عندك اعتراض؟
حتى ولو كان يُشفِق على شقيقه فهو أبدًا لن يقبل أن يجور عليها أبدًا لذا قال بصدق
لا طبعًا. دا شيء يرجعلك.
شعور من الراحة تسلل إلى قلبها كونها المُتحكمة في مصير طفلها لذا قالت بهدوء يُصاحبه ابتسامة بسيطة
معنديش مشكله بس القرار دا مش في أيدي لوحدي. محمود له أب. لو وافق انا موافقه.
ابتسامة رضا لونت ملامحه كونها ذكرت «سليم» بصورة غير مُباشرة لذا قال بمُزاح
ماشي يا ست جنة أنتِ و ابو محمود. يالا عشان متتأخريش عليهم.
«جنة» بمُزاح
مراتك اللي متأخرة على فكرة و مأخرانا.
ابتسم «سالم» على جملتها فجاءهم صوت غاضب من الخارج
أنتِ يا ست الحسن و الجمال. هو انا هلاقيها منك ولا من ابنك الزنان! دلوقتي مش قادرة تسبيه؟ اللي يشوفك كدا ميشوفكيش من شهر وأنتِ عايزة ترميه لأي حد!
خرجت «جنة» يتبعها «سالم» الذي ضاقت عينيه وهو يُناظر« مروان» قائلًا بلهجة خطرة
انت بتكلم مين كدا؟
«مروان» بمراوغة
اي حد الا فرح طبعًا.
«سالم» بوعيد
ايوا كدا اظبط، وبعدين ست الحسن و الجمال دي بتاعتي انا هاه. انا بس اللي اقولها. مفهوم!
«مروان» اندفاع
مفهوم طبعًا يا كبير. بس الله يسترك ناديلنا عليها عشان ابن عمك مرارته بعافيه شويه.
آتاهم صوت حانق من الاعلى
انا جيت على فكرة. مش لازم تعمل الفيلم دا يعني.
لم تفشل تلك المرأة في زعزعة قلبه بكل مرة يراها بها، فأخذت عينيه تطوفان على ملامحها بعشق لم يُخفيه انما أطلق له العنان ليطفو على السطح فقام بمد يده إليها لتتقدم منه ليلتقط كفها يرفعه إلى شفتيه لينحني برأسه واضعًا قبلة دافئة فوق راحته باغتت الجميع فلم يكُن يهتم لأي شيء أو شخص سواها ليقوم باحتوائها بين ذراعيه قائلًا بعذوبة
الحلو جهز عشان يخرُج؟
همست بخفوت
جهز.
«سالم» بحنو
خلي بالك من نفسك.
«فرح» بهدوء
حاضر وانت كمان.
اومأ برأسه قبل أن تقول بلهجة يغلب عليها الإهتمام
متأكد انك مش محتاجني جنبك!
رفع إحدى حاجبيه قبل أن يقول باستنكار
بتتكلمي في ايه يا فرح؟ انا على طول محتاجك.
تشعُر بما يعتمل بداخله و لأن الأمان اكبر ما يُمكِن أن تقدمه لمن تُحِب فقد سكبته في حروفها حين قالت
وانا على طول جنبك، ولو اني حشرية و بتدخل في اللي ماليش فيه.
قالت جملتها الأخيرة بعتب صريح قابله باعتذار مُبهم من جانبه
دي حقيقة. بس بصراحة أحلى حشرية في الدنيا.
ابتسمت بحنان فهي تعلم ما يُعانيه لذا أرادت أن تشاكسه قائلة بمُزاح
هخانقك لما ارجع.
أراد هو أيضًا مُشاكستها على طريقته فقال بوقاحة
حلو دا، وانا هصالحك على طريقتي.
ما كاد يُنهي جملته حتى تدخل «مروان» بصياح
انتوا بتتوشوشوا بتقولوا ايه؟
اغمض عينيه حانقًا وهو يعض على شفتيه قبل أن يقول مُحذرًا.
بقولك ايه. انا خلاص عرفت هضحي بأيه في العيد.
قهقهت« فرح» على مظهر« مروان» الذي صاح باندفاع
يا باشا انت توشوش براحتك انا بس خايف لا تصيبك العين. اصل الحرمان وحش، و المحاريم كتير بصراحة.
ابتسم «سالم» على حديثه قبل أن يقول بخشونة
ماشي يا عم. خلاص هنجوز المحاريم كلهم عشان اعرف احب في مراتي براحتي.
لم يُصدِق «مروان» حديث« سالم» فصاح بانفعال.
كلام ايه دا يا كبير؟ هتجوزني بجد!
«سالم» بتهكم
ماهو انا لو سبتك اكتر من كدا هتفضحنا، و احنا مش ناقصين.
اهتاج «مروان» فرحًا و صاح بحبور
دادا نعمة زغرطي. العبد لله هيتجوز. بت يا جنة زغرطي يا وليه أنتِ
باغتتهم «جنة» التي أطلقت زغرودة قوية برقت لها جميع الأعيُن. فاقترب «سالم» من «فرح» قائلًا باستفهام
دي جنة بتاعتنا؟
«فرح» بمُزاح.
ايوا هي ليه؟
«سالم» بإندهاش
ايه اللي هي عملته دا؟
«فرح» باستفهام
عشان الزغروطة يعني! يا حبيبي حاجتين مفيش بنت مبتعرفش تعملهم.
تغضنت بعالمه باستفهام فتابعت تلهو على اوتار صبره لتنجح في إضرام نيران العشق بصدره
أنها تكون بتعرف تزغرط، و تكون بتعرف ترقص.
دكنت ملامحه و عض على شفتيه بعد أن تفشت بقلبه نيران الشوق يعانقها السنة الرغبة لتهرب منه بعد أن تأكدت من نجاح مخططها لتقول بهمس.
محمود مع البيبي سيتر فوق و معاه سليم. اعتقد وراك حاجات تعملها اهم من اللي بتفكر فيه.
هرُبت من أمام عينيه بلمح البصر لتتركه بين نيران شوقًا و رغبه ضارية بصعوبة تخلص منها ليصعد إلى شقيقه ليجده يقوم بإطعام «محمود» بحنو يُطِل من عينيه التي ما أن وقعت على« سالم» حتى تغضنت بألم يعرفه جيدًا لذا اقترب بهدوء قائلًا
اكل ولا لسه؟
«سليم» باختصار
أكل.
كانت رنة الحزن بصوته قاتلة لذا لم يستطِع منع نفسه من الإفصاح عما ينتوي فعله
محدش هيقدر ياخد محمود منك يا سليم. أنت أبوه، و الكل متصالح مع الفكرة دي، و ياريت انت كمان تحطها في دماغك علشان ترتاح.
رفع رأسه يشكو همًا لا يفلح في إخفائه ليقوم بوضع الصغير في مخدعه قبل أن يقول بنبرة مُشجبة
خايف اوي يا سالم، انا بحسه حتة مني. مقدرش اخسره
«سالم» بقوة.
مش هيحصل، و مش معنى رجوع حازم أن كل حاجة هترجع زي الأول، وهو عارف كدا.
«سليم» باستفهام
ازاي بتقدر تعمل كدا؟
«سالم» باستفهام
بقدر اعمل ايه؟
بتقدر تفصل بين مشاعرك، و مبتخليهاش تنعكس على أفعالك.!
أطلق الهواء المكبوت في صدره دفعة واحدة قبل أن يقول بخشونة
علشان الظالم و المظلوم و الجاني و المجني عليه يخصوني. مقدرش اجي على المظلوم حتى لو الظالم اعز عليا من عيني.
تساقط الألم من بين حروفه قبل أن يُتابع بنبرة تتأجج بحزن دفين
من اول ما عرفت أن حازم عايش وانا بتخيله في كل رُكن معانا في البيت. حتى لو مُستحيل. انا عمري ما هضحي بعيله كاملة عشان فرد واحد. لكن غصب عني. ابني. مقدرش أكرهه حتى لو كان اسوأ شخص في الدنيا.
ترقرق الدمع في مآقيه فجاهد بضراوة إلا يُغافله و خلع عنه ثوب الضعف الذي لم يلق به يومًا ليقول. بخشونة.
لما سألت جنة موافقه حازم يشوف محمود ولا لا قالتلي اسأل أبوه. موافق يا سليم؟
برقت عيني «سليم» من حديث «سالم» الذي استكان به صدره قليلًا، ولكن مازال شوك القلق ينغز بقلبه لذا قال باستفهام
بكرة لما يكبر و يعرف هنقوله ايه؟
«سالم» بصرامة
سيب بكرة لبكرة يا سليم. ربنا له حكمة في كل حاجة بتحصلنا. محدش فينا له حاجة في نفسه. بلاش ترهق نفسك بالتفكير. فوض أمرك لربنا وبس.
أطلق زفرة حارة من جوفه قبل أن يقول بهدوء
ونعم بالله.
«سالم» باستفهام
مجاوبتش على سؤالي.
اغمض عينيه بقوة يُجاهِد اغواء شيطانه بالرفض ليقول بحسم
موافق. بس مش قدامي.
عودة للوقت الحالي.
لم يستطِع إخفاء تلك الرجفة التي أصابت قلبه حين رأى ذلك الطفل الجميل الذي كان يحمله شقيقه. طفله الذي أراد قتله بيوم من الأيام يُناظره الآن ببراءة و ابتسامة عذبة تلون ثغره الجميل، ولكنها في الحقيقة سكين باتر نجر قلبه الذي تآمر مع ضميره ليُشكلا خصم قوي هُزِم أمامه هزيمة نكراء حين تراجع للخلف هاربًا من مواجهته ليلتفت إلى الجهة الأخرى وهو يقول بنبرة مُتقطعة
رب. ربنا. يب. يبارك فيهم.
شعر «سالم» بما يعتمل بصدر شقيقه فقال بنبرة حانية
مش عايز تاخد محمود في حضنك؟
تلقائيًا ارتفعت كفوفه في الهواء ليقع نظره عليها وهو يراها مُلوثا لا تليق بنقاء ذلك الطفل لذا حاول تجاهل غصة قلبه و بشق الانفُس حاول ردع انهار الدمع الذي يُثقِل جفونه قبل أن يقول بنبرة حاول صبغها بالقسوة حين قال
انت عارفه طول عمري مابحبش الأطفال.
هل يفلح الإنسان في رسم القسوة و داخله ينهار؟ وهل يستطِع حجب آلامه عن اعيُن أقرب الناس إليه؟ شعور عارم بالأسى تشكل في صدر «سالم» لدى رؤيته شقيقه و ما يبذله من جُهد ليظهر بمظهر اللامُبالي بينما كل ما به ينزف ألمًا يتمنى ولو كان شخصًا آخر هو المِخطيء بحقه ولكنه كان الجاني و الجلاد و ها هو يُقتل بسوط ظلمه سابقًا وهو عاجز عن مساعدته ليقوم بإعطاء الصغير للمُربية لكي لا يضغط عليه أكثر من ذلك، لتظل عيني «حازم» مُتعلِقة بالصغير إلى أن اختفى و كأن يُرسِل ألف اعتذار لم تفلح الكلمات في وصفه انما شعر به« سالم» الذي جذبه لقوة ليستقر داخل أحضانه وهو يقول بخشونة مُحاربًا ألمه هو الآخر.
كل شيء هيتحل مع الأيام. سيبها لربنا.
شدد «حازم» من احتضانه بقوة وهو يقول بخفوت
ونعم بالله.
كانت الدقائق عجولة لم تُمهلهم فرصة الشبع من ذلك الغائب الذي كان و كأنه بحلمًا يتمنى لو يدركه الموت قبل أن يستيقظ منه، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يُدركه فقد شعُر بأنه قد حان وقت الإنسحاب ليُذكره بأن الجنة التي رفضها سابقًا ها هو الآن مُجبر على مغادرتها بعد أن أدرك قيمتها.
وهنا نقف قليلًا عند نقطة هامة وهي أن قيمة الأشياء تكمُن في العناء للوصول إليها، و أن الكثير مما نملكه لا تتضح أهميته، ومدى غلائه الا حين نفقده.
تقدر تستلم شغلك بعد ما تخلص امتحاناتك. انا جهزتلك كل المحاضرات، و حتى لو احتاجت اي كورسات تحت امرك. دي اخر مهلة ليه يا حازم.
هكذا تحدث «سالم» وهو يوصله الى السيارة ليقول «حازم» بثقة.
متقلقش. مش هضيع مني اي فرصة بعد كدا. أن شاء الله هتعدي على خير
باغتته كلمة «سالم» الذي خدرت بعضًا من جراحه
وانا واثق فيك.
ايثق به بعد كل شيء؟ أيُمكِن أن يحدُث هذا؟
هكذا استفهم بداخله لتخرُج الكلمات من فمه مُهتزة من فرط تأثره
ياخي انت مفيش منك. والله يا سالم ما هخذلك المرة دي.
امرًا كارثيًا ما يشعُر به الآن، ولأول مرة ساخطًا غاضبًا من تلك الأسلاك الشائكة التي تفصل بينه و بين شقيقه، و لكنه كعادته يقمع جميع مشاعره خلف ستار الجمود الذي تفشى في لهجته حين قال
عارف، و خلي بالك أنك لو مش قدامي بس انا حواليك و عيني عليك في أي مكان.
لهجته حوت تهديد مازح جعل ضحكة خافته ترتسم على ملامحه ليقول بمُزاح
ياعم الوزان الكبير خلاص. انت بتخوفني ليه؟
ابتسم «سالم» و قام بمعانقته بقوة قبل أن يستقل السيارة فتوجه «جرير» إلى «سالم» قائلًا
لسه زعلان مني؟
«سالم» بخشونة
انت اللي متزعلش مني.
مفيش زعل بينا يا سالم، وانت عارف كدا، و متخافش على حازم. بقاله اخ زيادة.
«سالم» بامتنان
عارف، و عشان كدا مش هوصيك عليه.
غادر «جرير» برفقة «حازم» الذي ما أن أصبحت السيارة خارج حدود المزرعة حتى فتح زجاج السيارة ليستند برأسه خلف المقعد تاركًا العنان ل عبرات غزيرة أغرقت مقدمة صدره فشعر «جرير» بالأسى لحاله و قال في محاولة لتهدئته
اجمد يا عم حازم بقى، و احمد ربنا أنه حنن قلوبهم عليك، و انت اتغيرت و بقيت واحد تاني، و اكيد هما شافوا دا و.
قاطعه «حازم» بحسم رغم الأسى في نبرته حين قال
مش هعشم نفسي بالمستحيل. انا حتى لو بقيت أحسن واحد في الدنيا. هما ميليقش بيهم اني اعيش وسطهم تاني، ولا يليق بمحمود اب زيي.
التفت «جرير» بلهفة
شفته؟
«حازم» بأسى بعد أن أطلق العنان لنهنهاته لتُحدِث ضجة قوية يتردد صداها في أنحاء السيارة.
مقدرتش المسه، ولا حتى املي عيني منه. غصب عني شفت ايدي دي متلوثه بدمه، ودم أمه و غيرها مقدرتش اشيله. مكنش ينفع ألوثه.
زفر «جرير» بأسى على ذلك الشاب و آثر الصمت ليجعله يحيا حزنه بحُرية عله يتخلص منه.
اللّهم إنّك لا تحمّل نفساً فوق طاقتها فلا تحملني من كرب الحياة ما لا طاقة لي به وباعد بيني وبين مصائب الدنيا كما باعدت بين المشرق والمغرب اللّهم لا تحرمني وأنا أدعوك، ولا تخيبني وأنا أرجوك. -اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.
يخلُد الجميع إلى النوم إلا أولئك الذين نال منهم الخُذلان فأدمى قلوبهم، و اطفأ بريق الحياة في أعينهم و كأن أحدهم حجب نور الشمس عن عالمهم ليُصبِح ليلًا حالكًا يأبى فجره الشروق.
نورهان العشري.
تمددت على مخدعها تعانق بطنها الذي يحتوي ثمره عشقها المهدور الذي لم تهنأ به إلا لسويعات قليلة لا تفلح في ري عطشها إليه، و لا تكفي للعيش الباقي من عمرها على ذكراها.
أطلقت زفرة قويه مصحوبة بألم قاتل لكن تتمنى التخلُص منه مع ذرات الهواء ولكن حتى الهواء لا يتحمل ثقله فيهرب من صدرها بينما الألم يظل باقيًا.
أخرجها من دائرة أحزانها رنين هاتفها برقم لا تعرفه فقامت برفض المِكالمة كما يرفض كل شيء بها الحياة ليُعيد الهاتف اهتزازه ف زفرت حانقة قبل أن تُجيب بنفاذ صبر
الو.
اخترقت نبرتها أعماق قلبه الذي أفصح عن شوقه داهسًا فوق كبرياءه اللعين الذي أودى به إلى الهلاك في غيابها
وحشتيني. اطلعي البلكونة.
شهقة خافته شقت جوفها و كأنه القى قنبلة موقوتة داخل صدرها الذي لم يعُد يحتمل جنون دقاته فتسارعت أنفاسها لتصل إليه حامله شوقها و ألمها الذي تجلى في نبرتها حين قالت وهي تهرول إلى الشرفة لتجده يقف في الأسفل يُطالِعها بأعيُن تلتمع بالعشق و الدموع
جاي ليه؟
هتف بلهفة
عايز اشوفك واتكلم معاكِ.
تنحى كل شيء و تسيد كبريائها الموقف لتقول بجفاء
مفيش بنا كلام يتقال.
عاندها بلهجة يتخللها بعض التوسل والكثير من الإصرار.
لا فيه، ولو انتِ معندكيش اللي تقوليه يبقى تسمعيني.
أجابته بمرارة و كأن صبارًا نبت في جوفها
و أيه لازمته الكلام لو مش هيترد عليه؟
هاله مدى عنادها و ألمها ليقول بعتب و نبرة متألمة
معقول قلبك قسي كدا؟
تهكمت بمرارة
البركة فيك. والله مفروض اشكرك.
هتف غاضبّا من نفسه و من عنادها و من ذلك الارتفاع الذي يفصل بينهم
كل حاجه ممكن تتحل لو بطلتي تعاندي.
تشابهت نظراتها مع عينيها وهي تقول بجمود.
للأسف مش هبطل، وعشان كدا امشي طريقنا بقى مسدود.
لم يستطع تصديق كلماتها التي كانت كالجمر فوق قلبه لذا هتف مُستنكرًا
كل دا ليه؟ عشان خايف عليكِ!
لم تنجح في حجب وجهها أكثر من ذلك فذرفته عينيها بسخاء وهي تقول بأسى
ممكن تخدع نفسك و قلبك بحجة الخوف لكن أنا مش هتعرف تخدعني يا ياسين.
رجفة قوية ضربت قلبه وهو يستمع إلى حروف اسمه من بين شفاهها العذبة ليتجاهل كل شيء قائلًا بشوق ضاري
وحشتني ياسين اوي منك.
أغمضت عينيها تحارب جيوش الشوق التي هاجمتها بضراوة و أتقنت تزييف القسوة في لهجتها حين قالت
اقلم نفسك عشان هتوحشك كتير بعد كدا.
جن جنونه من كلماتها التي كانت و كأنها مغموسة بالسُم الذي لم يتحمله قلبه ليصرُخ برفض
مش هيحصل يا حلا.
هيحصل يا ياسين.
حلا بلاش عند.
غافلته كلماتها حين قالت بكبرياء.
مش عند. دي مباديء. انا بنت ناس مش رميه يا دكتور ياسين، انت بس اللي فكرت عشان جوازنا كان له ظروف اني تحت رجليك. حاولت بكل الطرق افهمك و في كل مرة كنت بتتجاهل. اشرب بقى.
حاول استمالتها قائلًا برجاء
طب هتقدري تعيشي من غيري؟
باغتته إجابتها الذي جعلته يرى مدى سوءه معها.
سألت نفسي السؤال دا على فكرة و وقتها افتكرت و انت بتطردني من بيتك، وانت بتكسرني قدام اخويا لما ارن عليك وانت عارف انه جاي ياخدني و متردش و اخرتها تقفل تليفونك، وعشان كدا ملقتش غير إجابه واحدة اظن انك عارفها.
أفصح عن عبرات الندم قائلا برجاء
بس أنا بحبك يا حلا.
خيط رفيع يفصلها بين الانهيار أمامه وبين الحفاظ عن ما تبقى من كرامتها لتحاول بشق بطرف الكبرياء لتقول بنبرة مُرتجفة
انتهينا يا ياسين.
يا الله يا رحمن يا رحيم يا حي يا قيوم يا ذا الجلالة والإكرام والإنعام، اللهم صل وسلم بارك على سيدنا ومولانا محمد في الأولين وفي الآخرين وفي كل وقت وحين، اللهم يا ربنا اجعلنا لك شاكرين، اجعلنا لك ذاكرين، اجعلنا لك طائعين مطيعين، اجعلنا إليك مخبتين واجعلنا إليك أواهين.
حبيبي بيعمل ايه؟
انتفضت« شيرين» حين سمعت صوت «طارق» خلفها ل تلتفت تناظره بارتباك بات جلياً على ملامحها و ارتجافة جسدها و خاصةً حين شددت من إمساك هاتفها بتلك الطريقة التي أضرمت شعلة الشك بقلبه ليقترب منها قائلًا باندهاش
في ايه؟ اتخضيتي كدا ليه؟
حاولت صبغ نبرتها بالثبات ولكنها كان الفشل الذريع حليفها إذ خرجت لهجتها مُرتبكة حين قالت
لا. عا. عادي. م. مفيش. حاجه.
تلعثُمها الواضح كان إقرارًا غير مُباشِر منها بأنها تُخفي شيء لذا اقترب منها دون أن تحيد عينيه عنها و كذلك هي و كأن هناك خيط خفي يصل بين قلوبهم ليقترب و يقترب حتى بادت بين يديه جزءً لا يتجزأ منه ليُغافلها و يقوم بسحب الهاتف من يدها و في تلك اللحظة أخفضت رأسها خوفًا مما تُخبِئه لتتساقط عبرات الخزي من بين جفونها و تحاول الهرب منه و ما كادت أن تصل الى الباب حتى تفاجئت به يجذبها من الخلف ليرتطم ظهرها بصدره يعانقها بقوة وهو يقول بلهفة.
شيرين.
حاولت التملُص من بين ذراعيه وهي تقول بلوعه
سيبني ارجوك.
ازداد التصاقه بها وهو يدفن رأسه بين طيات عنقها وهو يقول بحنو
عمري ما اقدر اسيبك يا حبيبي أبدًا.
تعالت شهقاتها في أنحاء الغرفة قبل أن تقول بتبرير.
انا عارفه أنه كان أسوأ أب في الدنيا، و عارفه ان مفيش حاجه حلوة واحدة عملها في حياته. بس غصب عني. بشوفه في الحلم بيتعذب قلبي بيوجعني عشانه. قررت اساعده، و احاول اخفف عنه، سألت الشيخ قالي اتصدقي عليه دايمًا و ادعيله.
أدارها بين ذراعيه يحتوي وجهها بكفوف خشنة تنافي حنانها الذي تجلى في نبرته حين قال
يا حبيبي مش مضطرة تبرري اي حاجه، ولو كنتِ قولتيلي عمري ما كنت هعارضك ابدًا.
رفعت رأسها تُطالعه بلهفة تجلت في نبرتها حين قالت
بجد يا طارق.
«طارق» بحنو
بجد يا عيون طارق. بس دا ميمنعش انك عايزة قرصة ودن عشان خبيتي عليا، و عملتي حاجه من ورايا.
حاولت نيل مسامحته ولم تلحظ العبث الذي لون نظراته فهتفت بلهفة
حقك عليا خفت ترفُض.
قاطعها بحدة مُفتعلة
متحاوليش يا هانم. مش انا اللي مراته تعمل حاجه من وراه.
احزنها حديثه فقالت تحاول ان تسترضيه
طب اعمل ايه عشان أصالحك؟
تحولت نظراته إلى أخرى داكنه و تسارعت أنفاسه حين قال بصوتٍ أجش
انا اللي هعمل.
لم تفهم ما يرمي بحديثه، و لم يُمهلها الفرصة للتفكير إذ جرفها معه في التحام قوي سرق منها أنفاسها و أضرم النيران في دقات قلبها فأصبحت تتقاذف بعنف داخل صدرها بينما يُعمق اقترابه منها بقوة و هو يسكُب عشقه وشوقه بضراوة فوق قسماتها ثم يعود لينهل من جرار العسل الذائب بين شفاها لينتهي لقائهم سريعًا و ترتمي بثقلها فوق صدره ليربت فوق ظهرها قائلًا بعبث.
شيري يا روحي أنتِ بتفرهدي بسرعة كدا، و الموضوع دا مش هينفع معايا.
لكمته بقبضتها فوق صدره الذي كانت تستند برأسها فوقه تُخفي ملامحها عن عينيها العابثة ليُتابع بوقاحة
حبيبي ماهو مينفعش الكسوف دا انا عايز آخاوي ريتال مروان هياكل وشي كدا.
رفعت رأسها بصدمة
نعم.
«طارق» بمكر
اه ماهو انا مقولتلكيش انا اتفقت مع سالم أن فرحنا هيكون اخر الشهر أن شاء الله، و دا مش فاضل عليه غير عشر أيام.
شهقت بصدمة.
نعم. عشر أيام ايه؟ هو انت خدت رأيي عشان تحدد الفرح أصلًا!
«طارق» بوقاحة
اه خدته، و من خمس ثواني كنت بمضي كروت الدعوة، فاتلمي احسنلك. عشان أنا مش هصبر دقيقة بعد اخر الشهر.
جفلت من وقاحته و نظراته التي تحمل الوعيد بأن تُعارض حديثه فقالت بتلعثُم
أ. انا مقصدش. بس. مينفعش يعني تتفق مع سالم و هارون موجود. دا مهما أن كان اخويا بردو.
«طارق» بنفاذ صبر.
هارون كمان كان قاعد و قال إنه معندوش مانع. ها في أي اعتراض!
اخفضت رأسها وهي تحركه يمينًا و يسارًا ليقول بوضع يديه أسفل ذقنها قائلًا بحنو
وحياة عيونك الحلوين دول عمري ما هخليكِ في يوم تندمي انك اختارتيني، أن ما خليتك اسعد واحدة في الدنيا يبقى ليكِ الكلام يا بنت همت.
ابتسمت بسعادة كلماته العذبة و حين أتى على ذكر والدتها قالت باستفهام
طب بمناسبة همت هل اخدتوا رأيها ولا ناويين تفاجئوها هي كمان!
«طارق» بتهكم
امك يا حبيبتي لو هارون قالها البحر اخضر و السما حمرا هتقول امين.
قهقهت على كلماته فقام بإحتوائها بين ذراعيه وهو يقول بسعادة
احلى حاجة بسمعها في حياتي ضحتك الحلوة دي. ربنا ما يحرمني منها أبدًا.
أسالك فيضا من فيضان فضلك، وقبضة من نور سلطانك وأنسا وفرجا من بحر كرمك. أنت بيدك الأمر كله ومقاليد كل شيء فهب لنا ما تقر به أعيينا وتغننا عن سؤال غيرك فإنك واسع الكرم كثير الجود، حسن الشيم. فببابك واقفون ولجودك الواسع المعروف منتظرون، يا كريم يا رحيم.
لا شيء يحدُث في حياتنا عبثًا، فحتى تلك الصدمات التي دمرتنا يُمكِن أن تكون وسيلة لإعادة بناء شخصية سليمة و رُبما حياة أفضل.
كانت تُطالِع ضحكات والديها معه و حديث ثلاثتهم الذي يجعل من يراهم يظُن بأنه فردًا من هذه العائلة، فقد أصبحت مائدتهم لأول مرة مُبهِجة و طعامها رائع ذو مذاق مُميز يُشبهه، فقد كان مُميزًا بكُل شيء طلته و خفة ظله و وسامته و قدرته على مواساة و دعم الجميع فهاهو والدها بفضله تحسنت حالته النفسية و بدأ باستعادة ماله و ممارسة أعماله، ولكن تلك المرة لم يغفل عن حقوق أسرته فقد تحول كثيرًا فأصبح يُغدِقها بحنانه الذي لا تعرف من أي جهة تسرب إلى قلبه، و اين كان يُخفيه طيلة السنوات الماضية؟ ولكنها مُمتنة و كثيرًا لما حدث كونها أصبحت الآن محط إهتمام الجميع، فلطالما كانت تسمع بأن البنت الوحيدة مُدللة أبيها و حبيبته و صديقة والدتها، وقد كان هذا يؤلمها كثيرًا كونها لا شيء بالنسبة للإثنين ولكن الآن عرفت معنى هذه الأشياء و أصبحت تستمتع بها كثيرًا حتى أن طبيبتها في آخر زيارة لها أخبرتها نصًا بأنها وجدت دوائها و قارب طريقها للشفاء على الانتهاء، ولكن يبقى هُناك جُرحًا غائرًا يتوسط قلبها حين تتذكر كلماته عن الفُراق، فقد حاولت في الفترة المُنصرُمة أن تُخفف من حدة ما حدث ولكنه بكل مرة يمنعها من الحديث. لتُصاب بخيبة أمل أكبر من سابقتها على الرغم من أنها تشعُر به حين يقترب منها كل ليلة واضعًا قبلة قوية فوق جبهتها و كأنه يعتذر عن صده لها، وقد كان هذا الشيء الوحيد الذي يُعطيها الأمل من جديد. ل تتوالى الأيام و قد لاحظت والدتها ما بينهم لتُخبرها عن ما حدث وهي بحالة من الانهيار فقالت «راندا» بتعقُل.
و بتعيطي ليه يا هبله؟ تفتكري هو لو مش بيحبك كان هيفضل قاعد معانا كل الوقت دا؟
تحدثت «ساندي» من بين عبراتها
هو قال إنه هيفضل لحد ما حالة بابا تتحسن و بعد كدا يطلقني.
«راندا» بتهكم
مين دا اللي يطلقك! أنتِ عبيطة يا بنتي. أنتِ مبتشوفيش بيبصلك ازاي؟ دا اللي يشوف نظرته ليكِ يقول إنه دايب فيكِ دوب.
هتفت «ساندي» بلهفة
بجد يا ماما؟
بجد يا عيون ماما. أنتِ بس عليكِ انك تحركيه و تدوبي جبل التلج اللي هو مستخبي وراه دا.
«ساندي» بعدم فهم
طب واعمل كدا ازاي؟
«راندا» بتخطيط
انا هقولك.
عائدًا من عمله مُنهك ككل يوم فهو قد وافق على أن يُشارِك والدها في العمل و تولي إدارة كل شيء حتى تعود الشركة إلى سابق عهدها، وقد كانت هذه فرصة ذهبية لكي يُغرِق نفسه بالعمل حتى يتناسى تلك التي تحتل قلبه و تمتلك روحه، فبعد أن أعلن راية العصيان على قلبه وقلبها وهو يُعاني الأمرين و الأدهى من ذلك كونه مُجبر أن يظهر أمامها بمظهر القاسي اللا مُبالي حتى يجعلها تُدرِك مقدار خطأها و أيضًا أراد أن يزُج بها داخل فوهة الشوق التي تحرقه حتى لا تبتعد عنه أبدًا و أخيرًا ليجعل ما حدث درسًا قاسيًا لها حتى تتعلم أن تثق به و بنفسها، و ما اصعب هذا الدرس عليه هو الآخر فقد كان يُحجِم نفسه من جذبها لتستقر بجانب قلبه و بين ضلوعه، فكل ليلة يراها أمامه بذلك الوجه اللطيف تحاول أن تسترضيه ليُجاهد وبشق الأنفس ذلك الشوق العظيم الذي يجيش بصدره تجاهها و يمنع يديه بصعوبه عنها فلا يجد أمامه مهرب سوى أن يُقاطع كل محاولاتها للحديث معه. تلك هي الطريقة الوحيدة لجعله يُقاومها.
اغلق باب الغرفة خلفه ليستعد لرحلة مُضنية من العذاب ككل ليلة، فقد كان ينام معها بنفس الغرفة ولكنه يستقر على الأريكة وهي على السرير أمامه ولكنه تجمد بأرضه حين وجدها بتلك الطلة الرائعة ترتدي فستانًا أسود ينسدل فوق جسدها الرشيق بدلال و يكشِف عن أكتافها المرمرية التي تركت خدوش الماضي بعض البصمات فوقها ولكنها لم تفلح في إخفاء جمالها و خاصةً حين أطلقت العنان لخصلات شعرها البني الذي كان يُحاوِط وجهها و يتدلى فوق ظهرها بنعومة اذابته، فقد كانت جميلة بل رائعة وجهها المُنير لم تكُن تلوثه أيًا من مساحيق التجميل لتتركه ب برائته المُهلِكة ليجد نفسه في مواجهة خطر مُحدِق فحاول أن يُحرِك جسده لكي يلتفت الى الجهه الأخرى ولكن لم يستجِب له و كأن جميع أعضاءه و حواسه وقعوا في أسر سحرها الخلاب و خاصةً تلك النبرة الخافتة التي حادثته بها حين قالت.
حمد لله على السلامه.
حاول إخراج صوته بصعوبة حين قال بنبرة مُتحشرج
الله يسلمك.
حاول الالتفات ينوي المغادرة فامتدت يديها تُمسِك بخاصته وهي تقول بلهفة
عُدي.
لم يكُن ينقصه سوى أن تلمسه بهذه الطريقة و تنطق اسمه بتلك اللهفة فرفع رأسه يُناجي ربه بأن يُعطيه الثبات، ولكنها لا تُساعِده أبدًا بل اقتربت منه تعانق ذراعه وهي تقول بخفوت
ممكن نتكلم.
زفر بقلة حيلة قبل أن يقول بنبرة مُتحشرجة
معلش يا ساندي…
قاطعته بنبرة يشوبها الدلال كما أخبرتها والدتها
مش هاخد من وقتك كتير.
التفت يقول بجفاء مُصطنع
ساندي انا.
قاطعته واضعه يديها فوق شفتاه لتقول بخفوت
انا اسفة. مقصدتش اظلمك، ولا اوجعك. بس انا حسيت قلبي وجعني اوي وانا شيفاك قريب منها.
تساقط خوفها في تلك اللحظة و ألمها من بين مآقيها على هيئة عبرات حزينة تساقطت كالجمر تحرق قلبه لتُتابِع بحرقة.
خوفت يكون قلبك مل مني. انا عارفه اني عذبتك كتير، و عارفه اني مبقتش حلوة زي الأول وووو
لم يستطع ردع نفسه ولا التغلُب على شوقه إضافة إلى حديثها الذي أفقده عقله ليهزها بعُنف وهو يقول بغضب.
اوعي تقولي كدا تاني سامعه.
همست باستفهام مُهلِك
ليه؟
حاول الفرار من فخ عينيها المُحكم فهتف بجفاء
من غير ليه؟
عاندته بدلال أرهقه كثيرًا
مفيش حاجه اسمها كدا. بليز رد عليا. مش عايزيني اقول كدا ليه؟
كان كل ما به يصرُخ بعشقها حتى كاد أن ينهار لولا أنه استمسك باخر ذرة إرادة لديه ليقول بجفاء
علشان دا مش صحيح.
استفهمت بعذوبة و قد بدأت السكينة تتسلل إلى قلبها حين لاحت بوادر استلامه فمدت يدها تُدير وجهه إليها.
يعني عيونك لسه شايفني حلوة؟
انساق خلف سحرها الآسر و قال بنبرة شغوفة
عمر عيوني ماشافتك وحشة أبدا. طول عمري شايفك أجمل واحدة في الدنيا.
تابعت سبل استفهاماتها بنبرة عذبة
يعني مزهقتش مني!
اعلن قلبه و عقله و كل ما به الهزيمة امامها ليقول بتعب
تفتكري لو كنت زهقت كان زماني قاعد هنا معاكوا زي العمل الردي كدا!
تدللت نبرتها حين همست بعذوبة
يعني انت قاعد عشاني؟
باغتتها إجابته الرائعة حين قال بنبرة خشنة.
انا عايش اصلا عشانك.
هدأ القلب و سكنت الروح أخيرًا لتهمس بنبرة عاشقة
انا بحبك اوي.
كان أضعف من أن يُقاومها فكل شيء بداخله يقف إلى جانبها لذا أرخى دفاعاته و امتدت يديه تُحيط بخصرها قبل أن يقول بوله
وانا بعشقك.
انتهى الحديث عند تلك النقطة فقد فاض الشوق وطغى فلم تعُد أبجدية الأحرف قادرة على وصفه أو التعبير عنه ليتولى هو الأمر و يجرفها معه في تيار عشقه الضاري، فلم يكُن هُناك ما يردعه تلك المرة فقد أطلق العِنان لجيوش شوقه ب افتراسها ولكن بروية و دون أن يُخيفها بل انغمست معه في بحور اللذة التي أطلقتها على هيئة آنات عاشقة اطربت آذانه و زلزلت جدران الغرفة لينتهي هذا اللقاء الرائع بعد وقت أبعد من أن يُحسب وترتمي بين جنبات صدره الخافق بعُنف لتخرج أنفاسه بإنتشاء فقد ظفر أخيرًا بالسعادة مع حبيبة القلب لتُفاجئه حين قامت بوضع كفه فوق بطنها لتقول بنبرة خافتة مُغوية.
في بيبي هنا عايز يقول ل بابي مامي بتحبك و منقدرش أبدًا تعيش من غيرك.
انتفض «عُدي» من مكانه مُفرقًا نظراته بين وجهها الذي جعلته السعادة كقمرًا مُنير و بين بطنها أسفل كفه ليقول بترقُب
بتقولي ايه؟
«ساندي» بدلال
مش انا اللي بقول دا البيبي اللي هنا، و على فكرة بيقولك كمان شويه شويه على مامي لحد ما آجي بالسلامة.
شعر و كأن العالم بأسره لا يتسع له في تلك اللحظة فصاح بسعادة.
بمووت فيه هو و مامي اقسم بالله. أنتِ بجد حامل
أومأت برأسها بدلال مُرددة كلماته
بجد حامل.
جذبها إلى داخل أحضانه وهو يقول بسعادة بالغة
يا احلى خبر في حياتي. بحبك و بموت فيكي يا احلى مامي في الدنيا.
هاهي الحياة بعد ما اشبعتنا من صفعاتها تعود من جديد ل تتصالح معنا مُعلِنة عن وجهًا آخر لم نختبره مُسبقًا فقد كُنا مُتغمسين بالرثاء على ما فاتنا غافلين عن أن الصبر مُفتاح الفرج الذي حين يأتي يمحي مرارة كل ما سبقه.
اللهم يا قاضي الحاجات، يا مفرج الكربات، اقض حاجتي وفرج كربتي، إنك على كل شيء قدير. اللهم يا قوي يا عزيز، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اجعل لي من كل ما أهمني فرجًا ومخرجًا. اللهم وإن عز طلبي فأنت العزيز الذي لا يعجزك شيء في الأرض ولا في السماء، يسر أمري واقض حاجتي يا من تقول للشيء كن فيكون.
تلك الليلة نويت محو ندبات الماضي و إخماد تلك الجمرات التي كانت تقف بيني و بين طرق أبواب السعادة حتى أنني لم اكتفي باخمادها فحسب بل قمت بالتخلص من رمادها إلى الأبد ليُصبِح قلبي و كأنه ولد من جديد.
تقدمت بخطوات مّتمهلة تتبختر بحُسنها أمام أعيُن تبرقان من شدة العشق والوله الذي تأجج به صدره وهو يراها بتلك الهيئة المُهلِكة لثباته بغلالة رائعة من اللون الأبيض الذي يتلائم مع بشرتها البيضاء و يتناقض مع خصلاتها الليلية التي جعدتها بطريقة رائعة اضفت رونقًا خاصًا مع مظهرها الخلاب ليقف مُتجمدًا بمكانه وهي تتقدم منه إلى أن وصلت إليه تناظره بعينيها التي تُشبه سماء صافية كانت هي قمرها هذا المساء لتمتد يديه تحتوي خصرها بحنو لامس نبرته حين قال.
هما الحور العين موجود منهم عالأرض؟
تدللت يديها تحتوي رقبته ل تقول بدلال قاتل
طب ما ممكن نقول إن عنيك اللي تهبل دي هما اللي شايفني كدا!
قست يديه حول خصرها ليقول بأنفاس مقطوعة
بت أنتِ. أنتِ ناوية على جناني الليلة دي ولا ايه؟
«جنة» بدلال وهي تلهو بأحد ازرار بيچامته
تؤ تؤ تؤ. الليلادي انا ناوية نبتدي صفحة جديدة من حياتنا مفهاش غيري انا وانت و ابننا بس.
همس باسمها بوله
جنة.
تخلت عن خجلها و قد أقسمت على أن تعوضه كل ما عاناه معها و بسببها لذا قالت بنبرة يتساقط منها العشق
يا عيون جنة. يا قلب جنة. يا روح جنة، جنة اللي اختصرت كل شيء حلو في حياتها فيك انت، و مش عايزة تفتكر من الدنيا غيرك انت.
أخذ يستشنق أنفاسها وهو يستند جبهته على خاصتها مُغمضًا عينيه يتلذذ بعزفها الرائع على مسامعه ليهمس بعذوبة
جننتيني يا جنتي. بحبك اوي.
امتدت يديه تُمسِد صدغه بحنو تجلى في نبرتها حين قالت.
لو بتحبني بجد. انسى و ارمي ورا ضهرك، و خليك عارف اني صالحت الدنيا عشان خاطرك.
أخذ يُمرِغ أنفه تارة ملامحها و تارة بطول عنقها المرمري قبل أن يقول بنبرة موقدة
نفسي اعيش معاكِ في عالم مفهوش غيرنا. انا وأنتِ و ولادنا وبس.
دغدغت كلماته و أفعاله حواسها لتهمس بخفوت بجانب أذنه.
الاوضة دي هنعتبرها العالم بتاعنا. دنيتنا اللي قبل ما ندخلها هنرمي كل الحزن والزعل و الخصام براه. دي الجنة اللي هنعيش فيها أنا وأنت، و مش هنسمح لأي حاجه أنها تعكنن علينا اتفقنا.
لم يعُد في القلب مُتسع للثبات أكثر لذا تراجع و يديه تتغلغل في خصلاتها بعد أن تحولت نظراته الى أخرى خطرة تُشبه نبرته حين قال.
لا انا بصراحه مبقتنعش بالاتفاقات اللي بالبوق دي. انا عايز اوثق الاتفاق بند بند. امضي و ابصم عشان اتأكد أن انا في السليم. اضمن حقي، ولا ترجعي تضحكي عليا بعد كدا!
ضحكة ناعمة افلتت من بين شفاهها على كلماته العابثة لتستقر في منتصف صدره الذي تأجج راغبًا عاشقًا و خاصةً حين أفصحت عن رغبتها في عشقه هي الأخرى قائلة بخفوت
لا طبعًا كله الا الحق وثق براحتك. اصل انا بصراحة مش مضمونة.
ما أن أنهت كلماتها حتى شعرت بنفسها تطير في الهواء بعد أن حملها ليتوجه بها إلى مخدعهمَ وهو يقول بوقاحة
حلو اوي قدامنا الليل طويل عشان نوثق براحتنا. وافتكري أن أنتِ اللي حكمتي على ل نفسك.
همست بعذوبة ضد شفتيه
انا كلي ملكك يا حبيبي.
أنهت كلماتها ليقترب بقوة يسكب جميع عبارات الغزل فوق ثغرها موثقًا عشقه الضاري فوق ما ما يقابله من جسدها، فقد كان لقائهم روحانيًا قبل أن يكُن جسديًا لقاء يِعبر عن سعادة أرواح التقت بعد أن ضلت طريقها طويلًا لتهتدي بعد طول عناء و تجتمع تحت لواء العشق الذي لم يفلح أي شيء في وصفه فقد تغلب في نهاية الأمر على جميع العقبات و الأزمات التي واجهتهم ليعرف أخيرًا ذلك الضال الطريق الى جنته التي احتوته بكُل ما أوتيت من عشق.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرْكِ الشَقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيِعِ سَخَطِكَ.
أكثر ما يُرهِق العقل كثرة التفكير، و خاصةً حين تكثر الأسئلة و تطِن بالرأس كالذُباب دون أن يجد الإنسان حلًا لها، ولكنها قررت مواجهة قدرها حتى ولو خسرت ذلك الأمان الذي كان هو مسعاها الوحيد وقد ساعدتها كثيرًا كلمات «فرح» في حسم معاناتها.
بصي يا لبنى دي حياتك أنتِ، وأنتِ بس اللي ليكِ الحق في التصرُف فيها. ميمنعش انك لو توهتي أو احتارتي تاخدي رأي اللي حواليكِ. لكن في النهاية أنتِ اللي هتعيشي، و خليكِ فاكرة ان محدش هيحبك اكتر من نفسك. لو أنتِ محبتيش نفسك و قدرتيها يبقى عمرك ما هتلاقي حد يحبك ولا يقدرك.
أطلقت العنان لأنفاسها الهادرة و حاولت أن تُنظٌم دقات قلبها لتتوجه إلى غرفة الصالون بحثًا عن ضالتها و حين دلفت إلى الغرفة و في خضم تخبطاتها وجدت نفسها وجهًا لوجه مع أعيُن صقرية جعلتها تتجمد بمكانها لثوان قبل أن تُعيد وجهتها و تلتف لتعود مرة أخرى إلى الخارج لتتفاجيء بكلماته الحادة التي اوقفتها بمكانها
مش مضطرة تتجنبيني ولا تهربي كل ما تشوفيني على فكرة.
اخذت نفسًا طويلًا و قامت بالعد إلى العشرة قبل أن تلتفت تناظره بثبات تجلى في نبرتها حين قالت
مين قالك كدا اني بهرب منك او بتجنبك! انا لا بعمل دا ولا بعمل دا.
«هارون» بسخرية جافة
اي حد اهبل لو حكتيله هيقولك كدا.
تهكمت قائلة
و انت ليه تصدق كلام اي حد اهبل!
لم يفلح في قمع ضحكه حانقة من تلاعُبها بالألفاظ، فقد كان مُندهشًا حد الغضب من طريقتها في التعامل معه فهو يراها مع الجميع هادئة مُسالمة لما تتحول الى قطة شرسه معه هو فقط!
تجاهل كل ما يدور في عقله و حين وجدها تنوي الخروج استوقفها قائلًا بجفاء
اتكلمتي مع سالم؟
من كل قلبها تتمنى لو لم يأتي على ذِكر هذا الحديث أبدًا ولكنه لا يفوت فرصة الا و يتحدث به ناهيك عن تصريحه الذي سرق النوم من عينيها لذا التفت تقول بحنق
ميخصكش اتكلمك أو متكلمتش. فاهم؟
وقع فريسة لتلك النيران المُنبعِثة من عينيها و لكنه سُرعان ما تدارك الأمر قائلًا بسلاسة
لا مش فاهم، و اتعودت اني مفهمش غير اللي يعجبني.
هتفت بغضب حاولت أن تتوارى خوفه بسبب ضجيج مشاعرها
الكلام دا لما يبقى الموضوع يخصك.
قاطعها بهدوء استفزها كثيرًا
ماهو يخصني. رعشة ايدك و نظراتك اللي بتتوه قدامي و عصبيتك اللي مبتظهرش غير معايا كلها حاجات تخليني اتأكد أن كل اللي يخصك يخصني.
ما يبثها من مشاعر كان أكبر من قدرتها على التحمل لذا قالت بنبرة مُشجبة
انت عايز مني ايه؟
إجابة بسيطة كانت كفيلة بجعل كل ذرة من ثباتها يتلاشى حين قال باختصار
عايزك.
همسًا خافت خرج من بين شفتيها
يعني ايه؟
«هارون» بنبرة هادئة.
مش هنتكلم دلوقتي. هنتكلم لما تتخلصي من كل اللي يربطك بالماضي و تكوني قادرة تتقبليني في حياتك.
هتفت باستنكار و قلب يرفض تصديق كلماته
اتقبلك في حياتي! انت اكيد مجنون!
مقولتش اني عاقل، و عمومًا مفيش حد بيحب عاقل!
بهتت ملامحها و على ضجيج قلبها فأخذت تُردد كلمته بلاوعي
بيحب!
أشفق عليها من كل ما يحدُث معها لذا قال بحنو.
متجهديش نفسك بالتفكير. خدي كل حاجه واحدة واحدة، و أنا عندي استعداد اصبر لحد ما تحسي انك قادرة تتقبلي اللي هقولهولك.
اخفضت رأسها وقد شعرت بالدوار يلفها لتخرِج كلماتها مُعذبة حين قالت
انا حاسة اني تايهه. مش عارفة اعمل ايه؟
همس بنبرة مُحترقة
مش مطلوب منك غير انك تتخلصي من اسمه وبس، و سيبيي كل حاجه تاخد وقتها. هصبر عليكِ لو مليون سنة بس مش هقدر اتحمل انك تفضلي على اسمه.
رفعت رأسها تُطالعه بنظرات تحاول أن تتبين ما يُخفيه خلف ملامحه تلك ليخرُج استفهام غامض من بين شفتيها
و لو رفضت اتطلق منه.
أطلق الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة قبل أن يقول بنبرة مُحترقة بنيران الغيرة
تبقي اختارتيلي عذاب مش هقدر اتحمله.
عينيه نظراته كلماته ملامحه كل شيء يوحي بصدقه ولكنها خائفة و خاصةً من تلك المشاعر الخائنة التي تُهاجمها كلما اقتربت منه كلما استمعت إلى كلماته هُناك بُرعُم صغير ينبُت على استحياء بقلبها يحمل اسمه و شيئًا آخر لم تختبره مُسبقًا لذا تراجعت تنوي الهرب كعادتها ولكنها توقفت إثر استفهامه الذي لازال يُلِح عليه
حبتيه يا لبنى!
منذ يومان حين نطق بذلك الاستفهام أرادت أن تُغضبه. او ربما أرادت أن تختبر شيئًا ما تعشقه كل إمرأة وهو الغيرة. أن تجد أحدهم يغار و خاصةً رجُل مثله. نعم شعرت بإعجاب نحو ذلك الحازم حين كان يتردد على منطقتهم ولكنه لم يتطرق إلى حب بل لم يُمهلها الوقت لتُحبه فقد جاء طوفان الغدر جارفًا في طريقه كل شيء، ولكنها يجب أن تفهم حقيقة تلك القنبلة التي أُلقيت على مسامعها
قاطعتها جملته المُستنكرة حين قال.
سكتي ليه؟ بتفكري ولا بتحاولي تقنعي نفسك بحاجة مش موجوده عشان تهربي مني.
رفعت رأسها تُطالعه باستنكار و هتفت تنفي عن نفسها تلك التهمة
لا مبهربش، و مش مُجبرة اجاوبك.
لجأ إلى الطُُرُق السلمية ليقول بنبرة هادئة
دي حقيقة أنتِ مش مجبرة فعلا، ولو مش حابة تجاوبي مش هضغط عليكِ.
صمتها و مراوغتها كانا أكثر من كافيان ليعلم بأنها لم تعشقه يومّا ربنا أرادت الهرب من حصاره أو أن تجعله يبتعد عنها لذا أخبرته أحبته ذلك اليوم ولكنه الآن شبه متأكد من أن هذا يحدُث
لا محبتوش. كان مُجرد إعجاب حتى هو محسش بيه.
هكذا أجابته عن سؤاله قبل أن تولي هاربه قاصدة وجهتها التي كانت تبتغيها من البداية تحاول قمع دقات جنونية و أنفاس هادرة و مشاعر قوية تحاول قمعها قدر الإمكان.
اللهم إني ضيفك وأنت أكرم الأكرمين، فبلغني كل ما أريد فليس ذلك عليك بعزيز. – اللهم إنّ لم تهدني لطاعتك فمن سِواكَ يهديني، اللهم إنَّ أمري كُلُّهُ بين يديك وهدايتي إن لم تأذن لي بها فإنني بذلك في ضلال، فاجعلني ممن هديتهم وتقبلهم عندك من الصالحين.
كانت عينيه تبحثان عنها بكل مكان فلم يجدها في الحديقه مع الفتيات ولا في المطبخ مع والدته و عمته، ولا حتى بالصالون مع البقية، فلم يحتمل البقاء بعيدًا عنها أكثر من ذلك ناهيك عن شوقه الضاري لها فقد استشعر قلبه وجود خطب ما معها فقد شعر بذلك مُنذ الصباح لذا قادته قدماه إلى الأعلى ليبحث عنها في غرفتهم و ما أن وصل إلى هُناك ليفتح الباب فإذا به يتفاجأ بما شاهده ليهتف قائلًا
فرح.
الدقيقة تهمك: التوقيت الصيفي 2025 يبدأ قريبًا.. تعرف على موعد التغيير
الهلال يستهدف ضم سون من توتنهام في صفقة مثيرة وسط منافسة قوية
موعد مباراة الأهلي والزمالك اليوم في نهائي كأس مصر لسيدات الطائرة
إيفرتون ضد وست هام: مباراة مثيرة تتابعونها عبر يلا شوت على موقع مصر سبورت.
رواية دلال و الشيخ الفصل الثالث 3 – بقلم شيماء سعيد
مفاجأة كبيرة: جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي بالقاهرة لشهر أبريل 2025
موعد صرف معاشات أبريل 2025: هل سيتم التبكير بها قبل عيد الفطر؟
رواية زواج بالاجبار الفصل الثامن وعشرون 28بقلم فريده احمد حصريه وكامله