رواية أنشودة الأقدار الجزء الثالث للكاتبة نورهان العشري الفصل السادس والأربعون والأخير

رواية أنشودة الأقدار الجزء الثالث للكاتبة نورهان العشري الفصل السادس والأربعون والأخير

لا تحلو الحياة إلا برفقة من نُحِب، كم مرت هذه الكلمة على مسامعي دون أن أنتبه لها أو أتمعن في معانيها، فلم أكن يومًا على وفاق مع قلبي إلى أن التقيتك، لم يكُن لقاءً عاديًا يُمكنني تجاوزه؛ حينها علِقنا معًا في قبضة الأقدار التي جمعتنا من دون سابق إنذار، ل أجد نفسي مُتورطًا وقلبي مع داءً دون دواء وهو العشق الذي كان يلهو بنا كيفما يشاء، تارة يغمِسنا في غياهب الألم وتارة يرسو بنا فوق شاطيء السكينة التي لم تستشعرها روحي ويرتشف من حروفها قلبي سوى بين ذراعيكِ، ل ننجو معًا من غياهب أقدارنا وظلمتها إلى عالمًا لم يُخلِق ل سوانا، وحينها لامس قلبي حقيقة ثابتة وهي أن الحياة دون من نُحِب ليست بالحياة، وأن حُلوها يكمُن في حضرة امرأة حملت سلام العالم أجمع بين كفوفها وسكبته بين أضلُعي ف اكتملت، ل تبدأ اقدارنا في عزف أنشودة رائعة من العشق الأبدي الذي جعلني أتذوق حلو الحياة وحلاها.

نورهان العشري.

برقت عينيه وهو يرى مظهر «فرح» التي تجلس على مخدعهمَ شاردة و كأنها في عالم آخر، حتى أنها لم تلتفت إليه حين ناداها، فتفشى القلق ب أوردته ليقترب منها جالسًا على ركبتيه أمامها و يديه تحتويان وجهها بحنو تجلى في نبرته حين قال
مالك يا حبيبتي في ايه؟

تنبهت ل وجوده ل تناظره بعينين تبرقان بصدمة يُخالطها غضب لم يفهم سببه، ولكن ذلك لم يدُم طويلًا إذ قامت بمد يديها إليه وحين وقعت عينيه على ذلك الاختبار بيدها قام بتدقيق النظر لتلك العلامة الواضحة التي تحمل اروع خبر قد يتلقاه أب وعاشق مثله ليقول بترقُب
دا معناه انك حامل صح!

كان الأمر مُريعًا بالنسبة إليها و أكثر من صادمًا للحد الذي جعلها تومىء برأسها دون حديث لتتفاجئ بتلك الضحكات التي شقت ثغره و دوى صداها بالغرفة حولها فبرقت عينيها من رد فعله الذي يتنافى مع صدمتها التي تجلت في نبرتها حين قالت
ايه ده معلش؟
حاوط وجنتيها بكفوفه فقد كان يعلم مقدار صدمتها و تخوفها من مغبة هذا الأمر خاصةً و أن صغيرهم لم يتجاوز الأربعة أشهر بعد لذا قال بنبرة حانية.

لو تعرفي فرحة قلبي بالخبر دا عاملة ازاي؟
«فرح» بسخط
لا طبعًا عارفه. بما انك لا بتحمل ولا بتتوحم ولا بتولد ولا بترضع ولا حتى بتسهر ف بالنسبالك الموضوع مُفرح جدًا.
اقترب يُداعِب أنفها بأنفه وهو يقول بنبرة عابثة
بس بقوم بأهم دور في الموضوع ياروحي. متنكريش اني بعمل مجهود جبار كدا ولا ايه؟

انهى كلماته بغمزة وقحة أضرمت نيران الخجل في أوردتها لينتشر محصول التفاح الشهي فوق وجنتيها فود لو يقطفه الآن ولكنه أراد أن يستمتع بتلك اللحظة قدر الامكان لذا تفاجئت به حين جذبها من يدها ليتقدم إلى الخارج ويقف أمام ذلك السياج الحديدي وهو يقول بصوت جهوري خشن
حاج أمينة. يا أم سالم
تقدم الجميع إثر ندائه لوالدته لمعرفة ماذا حدث فإذا به يهتف بفخر
حفيدك التالت جاي في الطريق.

كان خبر أكثر من مُفرِح الجميع و خاصةً تلك التي صاحت بحبور
يا ألف نهار أبيض. بجد يا سالم؟
«سالم» بسعادة كانت تشع من عينيه و تفوح من نبرته
بجد يا أم سالم.
هتفت «جنة» بسعادة
هبقى خالتو للمرة التانيه ايه القمر دا؟
صاح «طارق» بسعادة
مبروك يا وحش الوزانين.
شاطره «سليم» السعادة قائلًا
مبروك يا باشا.
و أيضًا «هارون» الذي قال بحبور
مبروك يا كبير.

تقدمت لترى السعادة على وجوه الجميع اولئك الذين تخلوا عنها في الفترة السابقة فضيقت عينيها تناظرها بتهكم تجلى في نبرتها حين قالت
فرحانين اوي يعني! اللي يشوفكوا كدا ميشوفكوش وانتوا بتبيعوني!
هتفت «شيرين» بمُزاح
لا معلش يا فرح. ماهو أنتِ لو جبتي نفس النوع تاني كلنا ه نبيعك بردو. حرام يا ماما. دا جابلنا انهيار عصبي من قلة النوم.

قهقه الجميع على كلماتها فهمس «طارق» بتخابُث بجانب أذنها
بلاش دقات النقص دي هتحتاجيها قدام.
«شيرين» بعفوية
لا طبعًا أنا اللي هسهر بالبيبي بتاعنا ياروحي. دانا مش هسيبه ولا لحظة
أجابها بوقاحة
تبقي ناوية على طلاقك يا روحي. ماهو انا الوحيد اللي مسموحلك تسهري بيه.
تخضبت وجنتها بدماء الخجل فتدخلت «همت» الآتيه من الخلف.

مالك يا واد ماسك ودن البت كدا ليه؟ قولتلها ايه خليت وشها يحمر كدا؟
«طارق» باستنكار
اي يا عمتي. النمرة غلط. الوش دا بتاع مروان. انا طارق حبيبك.
«همت» بتذمُر
ايوا صحيح البغل دا فين؟
سلامو عليكوا. ايه يا جدعان متجمعين كدا ليه؟ ربنا يستر حاكم انتوا مبتتجمعوش في المصايب!

هكذا تدخل «مروان» الآتي من الخارج و بجانبه كُلًا من «سما »و «لبنى» التي ما أن دخلت حتى تنبهت جميع حواس «هارون» ولكنه أجبر نفسه على إبعاد عينيه خوفًا من مغبة الوقوع في الذنب فهي لازالت لا تخصه والأصعب من ذلك كونها لازالت تحمل اسم رجلًا آخر
ياريتنا افتكرنا عشرة جنية مكنتش هتيجي. كنا لسه في سيرتك.

هكذا تحدث «سليم» فأجابه «مروان» بتهكم
وانا اقول كنت بكح ليه! و بتجيب في سيرتي ليه ياخويا؟ ما تخليك في نفسك.
تدخلت «أمينة» قائلة بسعادة
تعالى يا مروان اسمع الاخبار الحلوة.
«مروان» باندفاع
ايه يا مرات عمي جايلك عريس ولا ايه؟
قبضة قوية من يد «سليم» نالت من كتفه وهو يقول بغضب
لم لسانك يا بغل انت.
حظك أني مزاجي حلو والا كنت لخبطلك معالم وشك.

هكذا تحدث «سالم» مُحذرًا فهتف «مروان» بتهكم
دا بدل ما تعملي مقام عشان أنا الوحيد اللي كنت يشيل الواد الزنان ابنك دا. العالم دي كلها كانت بتطير وأنا اللي كنت بتدبس فيه، و مراتك تشهد حصل ولا لا!
هتفت «فرح» بامتنان
ايوا دي حقيقة. مروان هو الوحيد اللي كان بياخد سليم مني عشان ارتاح شويه.
تدخلت «ريتال» ببراءة.

ايوا يا انطي فرح. بس أنتِ متعرفيش كان بيعمل ايه؟ دا كان عايز يأكله محشي.
صاح الجميع بصدمة و صرخت «فرح» بلوعة
نهارك اسود. كنت بتأكل ابني محشي، وانا اقول كنت بتعرف تنيمه بسرعه كدا ازاي!
صاح «سالم» باستهجان
الكلام دا بجد! انت عملت في ابني كدا؟
برقت عيني «مروان» بصدمة تجاوزها بسرعة قبل أن يقول بلهفة
وربنا ما حصل. دا كان مُجرد. اقتراح يعني. اكمني شفته هفتن كدا.

أنهى جملته والتفت يُناظر «ريتال» حانقًا
الله يخربيتك يا بنت الفتانة. انا هوريكِ.
هتف طارق مُحذرًا
طب ابقى قرب منها كدا وشوف هعمل فيك ايه؟
اقتربت «أمينة» إلى «مروان» قائلة
ايه كلكوا عليه ولا ايه. مروان ميعملش كدا أبدًا. دا بيخاف على سليم اكتر من رموش عنيه.
حبيبتي يا مرات عمي. دايمًا كدا واقفة في صف الحق.
هكذا أجابها «مروان» لتقول «أمينة» بتخابُث.

اومال. يالا يا حبيبي جهز نفسك بقى عشان اخوه جاي.
«مروان» بصياح
بتقولي ايه؟ الكلام دا حقيقي يا كبير؟
أحاط «سالم» كتف فرح قبل أن يقول بفخر
ايوا حقيقي.
صاح «مروان» بصدمة موجهًا حديثه إلى «فرح»
أنتِ خدتي رأيي يا ست أنتِ في الموضوع دا؟
«سالم» بجفاء
انت اتجننت ياد انت؟ تاخد رأيك بصفتك ايه؟
«مروان» بحنق.

بصفتي المُربية بتاعت عيالك. مش لسه بقولك انا اللي كنت بسهر بالزنان التاني. دا غلب سما في النكد.
«سالم» بخشونة
لا متقلقش. جبنا بيبي سيتر و استغنينا عن خدماتك.
«مروان» بلهفة
الله يباركلك ياشيخ، و يعلي كراكبك. أنقذتنا كلنا من الانهيار العصبي و ظلمت الغلبانه اللي هتقعد بعيالك دي.
قهقه الجميع على كلماته فصاح بمُزاح
يا رافع راسنا انت. والله مش هنسالك الجميل دا طول حياتي.

«سالم» بسخرية
عقبال ما ترفع راسنا انت كمان يا خفيف
«مروان» بلهفة
يا باشا جوزني انت بس و عد العيال.
لكمه «هارون» من الخلف وهو يقول بحنق
اتلم ياد انت بدل ما افركش الجوازة، و ابقى روح دورلك على عروسة تانية غير اختي.
«مروان» بحنق
هو انا كنت ناقص بلاوي. مش كفايه امك. طلعتلي منين انت كمان؟
«همت» بغضب
اتلم يا واد انت بدل ما دخلتك تبقى خارجتك.

«مروان » بلهفة
عيني يا عمتي. أنتِ بس تؤمري.
أنهى كلماته قبل أن يُتمتم حانقًا
اخدها بس يا ولاد التيت وانا وربنا هلاعبكوا عالشناكل.
كانت تناظرهم ساهمة لا تزال تستثقل الأمر كثيرًا لتقسو يديه قليلًا على كتفها حتى يلفت انتباهها لتلتف إليه بأعيُن تائهة فقال بحنو
وريني ضحكتك الحلوة عشان فرحتي تكمل.
«فرح» بضياع
أنا ملحقتش ارتاح يا سالم.
«سالم» بخشونة أذابتها.

وانا فين يا عيون سالم؟
عانقتها نظرته التي بثت الأمان بين حنايا صدرها ليُتابع بحنو
المرة دي غير. اوعدك هكون جنبك في كل حاجة. انا ملحقتش استمتع حتى بخبر حملك في سليم.
لم تكد تُجيبه حتى هتف «مروان» مازحًا
انا حاسس ان الدنيا مضلمة فوق. ايه يا أم سليم. اجمدي كدا وراكِ رجالة. أنتِ بس هاتيلي بنت المرة دي بدل ابو جعورة اللي فوق دا.
هتفت «جنة» بمُزاح.

اه بالله عليكِ يافرح. نفسي في بنوته اوي.
هتفت «همت» بسعادة
ايوا يا فروحة عايزين بنت حلوة شبهك.
«أمينة» بحبور
خلاص بقى يا فرح اضحكي خلي فرحتنا تكمل.
هتف الجميع بمُزاح كُلًا على طريقته
ايوا يا فرح بالله عليكِ. يالا يا فرح فرحينا بقى. اضحكي يا فروحة.
ل يصيح «مروان» مازحًا
يالا قولي ورايا الله حي التاني جي.

عند جملته لم تتمالك نفسها وخرجت منها ضحكة قوية فهتف الجميع بسعادة لتتفاجئ بذلك التي احتوى خصرها بقوة ليقوم بحملها و الدوران بها بسعادة وهو يُزمجِر بخشونة
أخيرًا بقى. تعبتيني.
تعالت الضحكات الصاخبة في أرجاء القصر الذي عادت إليه الحياة بعد أكثر من عامان من الكدر و البؤس و انقشعت غمامة الحزن من فوق سمائه لتصفو و تتلئلئ بها نجوم الأمل من جديد.
استغفرك ربي و اتوب اليك.

الحلوة بتاعتنا بتعمل ايه؟
هكذا تحدث «سالم» وهو يطِل برأسه إلى داخل غرفة «حلا» التي كانت تحيك بأناملها الرقيقة سُترة صوفية لجنينها فإذا بها تبتسم بحبور لرؤيه شقيقها الذي تقدم ليجلس بجانبها فأجابته بهدوء
زهقانه قولت اسلي نفسي.

حزنها الباد بوضوح في عينيها يقتله و هدوئها الغريب كليًا عليها يولد بداخله رغبة عنيفة في الذهاب الى هذا الرجُل و تلقينه درسًا قاسيًا حتى يعرف مع من يتعامل، ولكنه قمع كل ما يشعُر به و امتدت يديه تُمسِك بكفوفها بحنو تجلى في نبرته حين قال
حزنك دا بيقتلني يا حلا. قوليلي ايه يريحك وانا اعمله.
حاولت جاهدة رسم الابتسامه فوق شفاهها قبل أن تقول بنبرة مُهتزة.

هتعمل ايه أبية اكتر من اللي انت بتعمله؟ و بعدين حزن ايه! انا كويسه مفياش اي حاجه.
كانت مُحاولة فاشلة من جانبها لنفي حزنها العظيم لذا قام بتقريبها إلى صدره ل يحتوي ألمها الذي انفرط من بين مآقيها على هيئة أنهار من الدمع الذي أحرقه من الداخل ليقول بخشونة.

حقك عليا يا حلا. أنتِ دفعتي تمن غلط ملكيش ذنب فيه، و حقك عليا علشان اتشغلنا عنك في عز التوهه اللي كنا فيها. لولا كدا مكنش الحيوان دا اتجرأ و جه عليكِ كدا.
رفعت رأسها بلهفة تجلت في نبرتها حين قالت
لا يا أبيه متقولش كدا. انتوا مقصرتوش معايا أبدًا، و لو خدت بالك هتلاقي أن هما اللي قصروا في حق جنة وفرح، و مكنوش حتى بيسألوا عنهم، و بالرغم من كدا لا انت ولا سليم جيتوا عليهم.

هاله مظهرها الباكي فامتدت يديه تمحي رذاذ ضعفها وهو يقول بنبرة يملؤها التصميم
وغلاوتك عندي لهخليه يجيلك راكع و يقول حقي برقبتي. مبقاش سالم الوزان لو مجبتش حقك منه تالت و متلت و ندمته ع اليوم اللي اتولد فيه.
رغمًا عن ألمها و خيبة قلبها فيمن اختاره ولكن دعم شقيقها كان أمرًا عظيمًا جعل ابتسامة رائعة تُضيء وجهها وجاءت نبرتها مُمتنة حين قالت
ربنا ما يحرمني منك أبدًا.

جذبها إلى أحضانه وهو يربت بحنو فوق ظهرها ليقاطع لحظتهم الرائعة دلوف «سليم» إلى الغرفة الذي قال بمُزاح
ايه يا عم واخد البت الحلوة دي في حضنك مش خايف من مراتك ولا ايه!
ابتسم «سالم» و كذلك «حلا» التي قالت بمُزاح
لا متقلقش انا معايا حصانة.
ابتسم «سليم» على مُزاحها قبل أن يقول بحنو
القطاقيط عاملين ايه؟
«حلا» بسعادة فذكر أطفالها انساها أمر حزنها.

حلوين الحمد لله. هتجنن و أشوفهم اوي.
«سليم» بنبرة ذات مغزى
مش لوحدك على فكرة. في واحد هيتجنن و يطمن حتى عليهم.
صمت «سالم» يُتابع وقع الحديث على معالمها التي تبدلت إلى أخرى واجمة و أشاحت بوجهها إلى الجهة الأخرى ليُتابع «سليم» موجهًا حديثه إلى شقيقه.

ياسين لسه قافل معايا و كان عايز ييجي يقابلك وأنا قولتله لازم اقولك الاول و كمان الحاج عبد الحميد كلمني الصبح عايزين ييجوا ياخدوا حلا، و عمار كمان كلم صفوت و صفوت كلمني، و الكل خايف يكلمك يا سالم. مينفعش كدا. دول أول أحفاد ليهم و هيتجننوا و حلا تروح تولد في بيتهم.
«سالم» بجفاء.

حلا مش هتروح يا سليم، و موضوع أول حفيد وآخر حفيد دي مشكلتهم. الكلام دا كان مفروض يتقال للبيه. عشان يفكر الف مرة قبل ما يزعل مراته.
«سليم» ب مهادنة
و اتربى يا سالم. دا ساق عليك طوب الأرض.
«سالم» بجفاء
ولو جاب الدنيا بحالها. لازم يتربى. دا إذا حلا مقررتش تنفصل عنه.
التفت الى «حلا» قائلًا بحنو يتنافى مع لهجته مع «سليم».

اللي عايزاه حلا هيكون ولو على رقاب الكل وأولهم هو.
كان يُخيرها بطريقة غير مُباشرة لتجد آلامها تطفو على السطح من جديد و رغمًا عنها بدأ ألمها يتسرب من بين عينيها لتقول بنبرة مُشجبة
انا مش قادرة اتكلم في الموضوع دا. حقيقي تعبت. اللي تشوفوه.
اقترب «سليم» يحتضنها بحنو تجلى في نبرته حين قال.

يا حلا يا حبيبتي ياما بيحصل بين الراجل و مراته، و حتى لو ياسين زعلك فهو اتربى و اتعلم الأدب، و بعدين احنا بردو علينا غلط كبير. اتلهينا في مشاكلنا و قصرنا معاكِ.
«حلا» بلهفة.

لا يا أبية سليم. ارجوك متقولش كدا. دا مش مُبرر لغلطه معايا. انا مقصرتش معاه في اي حاجه. افرض انتوا كنتوا وحشين! ياخدني بذنبكوا ليه؟ يمنعني اشوف امي المريضة ليه؟ انا كنت بموت في اليوم ميت مرة كل ما اتخيل أن ماما يجرالها حاجه وانا مش جنبها.

شدد «سليم» من عناقها بينما «سالم» كاد أن يذهب في تلك اللحظة الى «ياسين» و يُحطِم رأسه ل يلاحظ «سليم» تبدل معالم شقيقه فقال يحاول تهدئته
طب يا حلا. ممكن اعرف أنتِ عايزة ايه؟ يعني مبقتيش عايزة ترجعي لياسين و عايزة تطلقي، ولا عايزة ترجعيله بس بعد ما يتأدب؟

كان استفهامًا مُرهقًا لها كثيرًا فهي تائهة مُشتته بين عشقها وكرامتها ولا تعرف كيف السبيل الى الراحة لذا تولى «سالم» الإجابة بدلًا عنها
حلا مش في وضع يسمح لها بالتفكير في الكلام دا يا سليم. لما تقوم بالسلامة تبقى تفكر و تقرر، و على فكرة حتى لو اختارت ترجعله انا بردو مش هرجعها قبل ما تولد، و دا جزء من عقابه ان مراته تولد بعيد عنه.

حين أوشك «سليم» على الحديث أردف «سالم» بقسوة
و لما عبدالحميد يكلمك و يقولك عايز أحفادي يتولدوا في بيتي ابقى قوله يقول الكلام دا لحفيده عشان كل اللي بيحصل دا هو السبب فيه. و دا اخر كلام عندي.
لم يكد «سليم» يتحدث حتى فاجأة دخول «فرح» التي قالت بمُزاح
بتقولوا ايه من غيري؟
أجابها «سليم» بتهكُم
تعالي عشان تشوفي جوزك يا ست فرح ايه حكايته.

«فرح» بمُزاح
هو جوزي له حكايات وانا معرفش ولا ايه؟
لم يُجيبهم «سالم» انما التفت الى «حلا» قائلًا بخشونة
متفكريش في اي حاجه خالص غير صحتك وبس، و اعرفي ان مش هيحصل غير اللي أنتِ عايزاه، و اوعي تحطي كلام اي حد في دماغك.
تسللت الطمأنينة إلى داخل قلبها فأجابته بامتنان
ربنا يخليك ليا.
الله. الله يا ست حلا. أنتِ مستفردة بجوزي و جوز اختي ومقضينها حُب و غرام!

هكذا تحدثت «فرح» بمرح تحاول رسم البهجة على وجه «حلا» فقد شعرت بالأسى لأجلها لتشاركها الأخيرة المُزاح قائلة
ايوا عندك مانع ولا ايه؟
تقدمت «فرح» منها إلى أن وقفت بجانب «سالم» الذي كان يبتسم على مشاكستها ليقول «سليم» بمُزاح
اومال لو تعرفي أننا كنا بنعلن الحرب على العمارنة هتقولي ايه؟
هتفت «فرح» باندهاش.

ايه دا بجد أعلنتوا الحرب علينا. حلو عشان استعد أنا كمان.
احتوت يديه خصرها و ضاقت عينيه وهو يقول بنبرة تحمل الوعيد
وأنتِ مالك انتِ! هو سيادتك ناوية تشاركي في الحرب دي ولا ايه؟
واصلت تحديها المُبطن قائلة بسلاسة
ايوا طبعًا مش عيلتي بتحارب لازم اقف جنبهم.
هتف «سليم» قائلًا
اوبا. دا احلوت اوي. شكلنا هنشوف حرب طاحنة ولا ايه يا حلا؟
«حلا » بمُزاح.

شكلها كدا هتبقى حرب مُسلية يا أبية. الحق اجهز اللب و السوداني.
تحدثت «فرح» بسلاسة اغاظته
اه يا بنتي اومال اي؟ دانا احتمال أشيل السلاح كمان. هو في أهم من العيلة بردو!
تحديها استفزه و الأكثر من ذلك حين ظن انها يُمكن أن تقف أمامه لأجل عائلتها ليقول بخشونة مُدججة بالوعيد
والله! هي حصلت للسلاح كمان!
قمعت «فرح» ضحكتها من غضبه المُثير و قالت بلهجة حادة.

واكتر من كدا يا روحي. هو في أغلى عند الإنسان من عيلته!
اقترب «سليم» من أذن حلا قائلًا بخفوت
بقولك ايه تعالي نخلع أصل الاتنين دول شكلهم هيقلبوها حرب بجد واحنا مفرهدين خلقه.
ابتسمت «حلا» قبل أن تتوجه معه إلى الخارج تزامنًا مع قوله الحانق من حديثها فقال بهسيس خشن
دانا اكسر ايدك و رقبتك لو فكرتي تقفي قدامي في يوم من الأيام!

تجاهلت «فرح» يده التي كانت تقسو على خصرها كثيرًا و نبرته الحانقه فقد وصلت لمُبتغاها لتقول بنبرة ذات مغزى
قولتلي! هتكسر أيدي و رقبتي لو فكرت اقف قدامك عشان عيلتي! طب على كدا ياسين كان عنده حق.
ابتسامة ساخرة عرفت طريقها إلى ثغره قبل أن يقول حانقًا
اااه. ياسين! بقى الفيلم دا عشان تثبتيلي ان البيه مش غلطان!
«فرح» بهدوء.

من ناحية هو غلطان فهو غلطان. لكن انا بعرفك أن زي ما انت عايز تكون رقم واحد في حياتي و بتغير من اقل حاجه حتى لو كانت علاقتي بأهلي هو كمان كدا.
«سالم» بجفاء
بس انا معملتش زيه، ولا عمري هعمل وأنتِ عارفه كدا كويس.
«فرح »بروية
عارفه و علشان كدا بقولك هو غلطان. اسلوبه غلط وطريقته كمان غلط. لكن مش قطع رقبه يا سالم. خراب البيوت مش سهل و خصوصًا انك عارف هو بيحبها قد ايه.

زفر بقوة قبل أن يقول حانقًا
هو ميفرقليش. اللي مكتفني و مش مخليني عارف اكسر دماغه أن هي كمان بتحبه، و علشان كدا وربي لهخليه يندم ندم عمره أنه زعلها.
احتوت عنقه بدلال تجلى في نبرتها حين قالت
طب و عشان خاطر فرحتك حبيبتك. مش نهدي اللعب شويه!
زاد من احتضانه لها بيد وبالأخرى قام بتمريرها على خدها بنعومة تجلت في نبرته حين قال.

انا عامل حساب فرحتي في كل حاجه، و إلا كان زماني معلقه على باب جنينة بيتهم لما دخل المزرعة امبارح في نص الليل و وقف يكلمها قدام البلكونه. دانا كمان عرفت أن فرحتي حبيبتي هي اللي خلت الحرس يدخلوه و سكت، فعدي يومك احسنلك.
تحمحمت بخفوت فقد كان مُلمًا بما يحدُث و قد اغضبها ذلك فقالت بتهكم
علي أساس أنك عديت دا لله في لله يعني! اقطع دراعي أن ما كنت سبته يدخل عشان يتعذب اكثر واكتر.

قرص وجنتها ب أناملة الخشنة قبل أن يقول بخشونة
اكتر حاجه بحبها فيكِ انك بتفهميها وهي طايرة.
لم تكد تُجيبه حتى صدح صوت هاتفها مُعلنًا عن اتصال هاتفي جعل الذُعر يكسو ملامحها ل يتفهم على الفور من المتصل لذا تحدث بجفاء قائلًا
ردي عليه وقوليله أنه فاضله معايا تكة، و هيشوف مني وش عمره ما اتخيله.
أنهى كلماته و توجه للخارج لتهتف «فرح» حانقة
الله يسامحك يا ياسين. كان يوم اسود يوم ما شوفتك.

عاد رنين الهاتف مُجددًا لتُجيبه بغضب
هو انا مش قولتلك اصبر لما اتصل عليك!
«ياسين» حانقًا
فرح انا جايب آخري. انجزي و قوليلي اتكلمتي معاه ولا لا؟
«فرح» بسخط
اتكلمت، ولسه على رأيه. رافض حتى أنه يفكر، و حلا نفسها قافلة قفلة سودا، و دا اللي مخليه معاند كدا.
«ياسين» بانفعال
يعاند على نفسه. دي مراتي يعني ممكن اجي أخدها من عنيه ولا يهمني حد.
«فرح» باندهاش.

انت عبيط يا ابني ولا انت اللي شكلك كدا! هو انت مش عايز تعيش لحد ما تشوف عيالك.
سقطت كلمتها فوق قلبه لينتفض بلهفة يقاطع حديثها قائلًا
بتقولي ايه يا فرح؟ عيالي! هي حلا حامل في توأم؟
شعرت بالحزن لأجله و قالت بهدوء
ايوا يا ياسين، و زي ما قولتلك قبل كدا الموضوع كله في ايد حلا لو حلا قالت لسالم خلاص سامحته و عايزة ارجع مش هيقدر يقول لا.
«ياسين» بقلة حيلة
مش راضيه تسمعني ولا قابلة مني اي حاجه.

«فرح» بتعقُل
حلا مش حاسة بالأمان من ناحيتك ولا من ناحية حبك ليها. لازم تحسسها ب غلاوتها عندك، و لازم تتنازل عن كبريائك و عنادك دا شويه، و هي لازم تشوف يعنيها انك شاريها. دا حقها يا ياسين.
تعاظم الألم بصدره ليقول بنبرة مُشجبة
تمام يا فرح. هبقى اكلمك بعدين.
حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

أخيرًا استطاعت أن تحسم أمرها لتتوقف أمام غرفة المكتب الخاصة ب«سالم» لتقوم بطرق باب الغرفة ف يأتيها صوته الذي سمح لها بالدخول فتقدمت لتغلق الباب خلفها ليقول بهدوء
تعالي يا لبنى.
تحدثت بخفوت
حضرتك فاضي. نتكلم شويه.
«سالم» باختصار
فاضي.
اقتربت منه لتجلس على المقعد أمامه ولكن فجأة غادرتها شجاعتها التي كانت تتحلى بها قبل أن تأتي إليه ليشعُر هو بتخبطها فقال يحثها على الحديث.

عامله ايه في المذاكرة؟
«لبنى » بخفوت
الحمد لله.
«سالم» بتشجيع
عايزك تشدي حيلك. دي اهم سنة في حياتك.
«لبنى» بامتنان
بحاول والفضل يرجع لحضرتك.
قاطعها «سالم بهدوء
مفيش حد له فضل عليكِ يا لبنى. ياريت تفهمي دا كويس.
كانت دعوة صريحة لإطلاق سراح تلك الاستفهامات التي تؤرق نومها لذا قالت بلهفة
كل اللي حضرتك عملته معايا دا و بتقول محدش له فضل عليا! طب ازاي؟

«سالم» بخشونة
زي ما سمعتي.
«لبنى» بخجل
بعد اللي حضرتك قولتهولي. أن حازم. يعني.
لم تفلح في إخراج الكلمات من فمها فتولى هو الحديث لإيضاح الأمور
فعلًا يا لبنى حازم مقربش منك، وانا بنفسي اتأكدت من دا.
«لبنى» بحيرة
طب ازاي! يعني أنا. اخر حاجه شوفتها كان هو.
كانت كلماتها مُفككة كحال قلبها لذا تحدث «سالم» موضحًا.

اليوم دا سعيد شرب حازم مخدرات و خمرا كتير علشان لما تكوني معاه ميبقاش في وعيه بس حازم من كتر اللي شربه أغمي عليه و لما لقوا أن خططتهم فشلت. كان لازم يكملوا اللي بدأوه. سعيد حكالي كل حاجة.
اقشعر بدنها من كلماته ولكنها تنبهت لشيء فهتفت مُستفهمة
طب انت كنت عارف دا قبل.
بارت جملتها ليقول «سالم» باختصار
ايوا. كنت عارف قبل ما اجوزك حازم.
تساقطت العبرات من مقلتيها قبل أن تقول باستفهام.

طب ليه عملت كدا؟ ليه شيلته ذنب مش ذنبه؟
مد لها يده بمنشفة ورقية قبل أن يقول بجمود
بشكل أو بآخر كان له يد في كل اللي حصل، سعيد اختارك أنتِ عشان شاف نظرات اعجاب من ناحيته ليكِ. كمان اللي حصلك دا كان كله احنا المقصودين بيه. انتِ كنتِ مجرد وسيلة، و السبب الأهم من كل دا اني مكنتش هقدر اجوزك للي اسمه سعيد دا. يعني في النهاية دا شخص غير أمين على بنت زيك، و في سنك.

شعرت بأنها تغرق اكثر في امتنانها له لذا اخفضت رأسها
لا تدري بما تُجيبه ولا كيف ستُخبره بقرارها لهذا أراد أن يُزيل ثُقل الحِمل من فوق كاهلها لذا قال بلهجة هادئة
لبنى. كل اللي حصل قبل كدا أنتِ ملكيش يد فيه، و مش عايزه لا يأثر على مستقبلك ولا يأثر على قراراتك، و للمرة الأخيرة اوعي تفكري انك تكملي مع حازم عشان
اللي عرفتيه دلوقتي! انا قولتهولك من باب الأمانة و بس.

شعرت بأن الحيرة تُمزقها من الداخل أضافة إلى مشاعر امتنان قوية لكونه لم يؤذها وأيضًا مشاعر أخرى تجذبها إلى ذلك الضخم وهي حائرة بين كل هذه وذاك لذا قالت باستفهام مُتعب
يعني أنا لو طلبت الطلاق من حازم علشان…
قاطعها «سالم» بصرامة
من غير مُبررات يا لبنى. مش محتاجه تبرري ولا مُجبرة تتحملي وضع مش عاجبك او مش مرتاحه فيه.
استكانت دواخلها قليلًا قبل أن تقول بهدوء.

ينفع نأجل اي كلام لحد ما اعدي السنة دي على الأقل؟
«سالم» بهدوء
ينفع.
اومأت بامتنان لم تسعفها الكلمات لوصفه ل تستأذن منه بالخروج و تتقابل مع «فرح» ب منتصف الرواق فاندفعت قائلة
فرح ينفع اتكلم معاكِ شويه؟
«فرح» بابتسامة
ينفع. تعالي نقعد في الجنينة الجو حلو.
توجها سويًا إلى الخارج لتبدأ «فرح» الحديث قائلة بابتسامة
ها يا ستي قوليلي مالك بقى؟

«لبنى» بضياع
انا متلخبطة اوي يا فرح. مش عارفه اعمل ايه ولا عارفه اخد قرار.
حصل ايه بس اهدي كدا و احكيلي.
قصت عليها «لبنى» ما حدث لتختتم كلماتها قائلة بنبرة مُثقلة بالكدر
سالم وقف جنبي كتير اوي. واحد غيره مكنش عمل كدا، حاسة اني هبقى وحشة اوي لو رفضت اكمل مع حازم، و في نفس الوقت مش قادرة انسى اللي حصل. حتى لو ملمسنيش.
ربتت «فرح» فوق يديها بحنو تجلى في نبرتها حين قالت.

طيب ممكن تهدي شويه عشان نعرف نتكلم بالعقل؟
اومأت «لبنى» بصمت لتُضيف «فرح» مُستفهمة
دلوقتي هل أنتِ أجبرتي سالم يعمل اللي عمله دا؟
أجابتها بهزة من رأسها يمينًا و يسارًا لتُتابع «فرح» بتعقُل
طيب يبقى احنا متفقين أنه عمل كدا من نفسه لأنه شاف ان دا الصح. نيجي بقى لنقطة تانيه و دي مهمة جدًا
اللي هي ايه؟

«فرح» باستفهام و ترقُب لوقع الحديث على ملامح «لبنى»
أنتِ كان في مشاعر جواكِ لحازم قبل اللي حصل؟
عبأت صدرها بالهواء النقي قبل أن تقول بهدوء.

اي واحدة في مكاني و في ظروفي كان لازم تكون معجبة بشاب زي حازم يا فرح. وسيم و غني و لطيف. اصلا لما كان بينزل المنطقة عندنا الكل كان بيبقى عينيه عليه. انا متكلمتش معاه يمكن مرة واحدة بس جوايا كنت معجبة بيه لكن عمري ما صرحت بالإعجاب دا بالعكس لما حاول يكلمني صديته.
«فرح» برزانة
طب حلو. هل لو قولنا أن اللي حصل دا هو مالوش ذنب فيه هتقدري انك تديله فرصة و تكملي معاه يمكن…

قاطعتها «لبنى» بنبرة مُرتعِشة
لا. مش هقدر. يعني أنا موجوعة من اللي حصل اوي. مهما اتعاملت عادي هو لسه سايب أثر جوايا. بقولك مش قادرة انسى نظرته ليا. هو في نظري اللي قتلني.
اخفضت رأسها واضعة يدها فوق قلبها تحاول تجاوز ذلك الألم بصدرها لتحاول «فرح» تهدئتها قائلة بحنو
طب ايه اللي يمنع انك تقولي دا لسالم، و أنتِ عارفه كويس اوي أنه هيتفهم دا وعمره ما هيضغط عليكِ.

رفعت رأسها تناظرها بأعيُن مُعذبة ليصل إلى «فرح» ما يتوارى خلف تلك النظرات لتقول بهدوء
أنتِ بتهربي من مشاعر تانيه خايفه تغلبك صح؟
لم تستطِع إجابتها فقط أخفضت رأسها لتربت «فرح» على يدها بحنو قبل ان تقول
طيب انتِ ممكن تأجلي الكلام في الموضوع دا على الاقل لحد ما تعدي السنة دي. لأن دي اهم سنة في حياتك دي اللي هتحدد مستقبلك، و أنا واثقة أن سالم كمان رأيه كدا. اتفقنا.

شعرت بالراحة لحديثها مع «فرح»و لتأجيلها هذا الحديث الشائك و أيضًا امتنانها لتلك الحواجز التي مازالت تفصلها عن هجمات القلب التي لا تفلح في مُجابهتها.
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

مر الوقت سريعًا في تحضيرات الزفاف إلى أن أتى اليوم المنشود فتقدمت «همت» إلى داخل الغرفة لتتجمد بمكانها حين وقعت عينيها على فتياتها الجميلات و مدى روعتهن بهذا الرداء الأبيض الذي أضفى جمالًا من نوع آخر فوق جمالهن لتنهمر عبرات الفرح من عينيها وهي تقترب قائلة بشفاه مُرتجفة
بسم الله ما شاء الله. انتوا حلوين كدا ليه؟ انا مش مصدقة نفسي.

هرولت «سما» إلى والدتها تحتضنها بقوة و تقبل يديها و كتفيها و رأسها وهي تقول بحب
يا قلبي يا ماما متعيطيش بالله عليكِ، و إلا والله احلف مانا متجوزة و هعقد جنبك العمر كله.
تدخلت «فرح» التي تأثرت كثيرًا لذلك المشهد
لا حرام عليكِ دا مروان يتشل فيها.
قهقه الجميع على مزحتها لتتقدم «شيرين» من والدتها تُقبل كفها بحُب ثم تحتضنها بقوة وهي تقول بجانب أذنها.

ربنا ما يحرمني منك يا أحن وأحلى أم في الدنيا.
شددت «همت» من عناقها لتقترب «أمينة» تربت فوق كتف «همت» بحب تجلى في نبرتها وهي تقول
مبروك يا همت. ربنا يسعدهم و تشيلي ولادهم يارب.
ابتسمت «همت» بامتنان لتُتابع «أمينة» بحبور
تعالي يا بت منك ليها في حضني. وانتوا حلوين و زي القمر كدا.

اقتربت الفتيات تعانقها بحب وسط تهليل و صيحات من الجميع إلى أن أتى الوقت و دلف «هارون» إلى الداخل و بجانبه «صفوت» ل يجلبن العرائس إلى الأسفل فقد كان «مروان» يقف بجانب والدته التي أتت من الخارج لحضور عرسه التي لم تكُن راضيه عنه لتقول بسخط
فرحان اوي على خيبتك. مش لاقي غير بن همت و تتجوزها!
«مروان» بتخابُث.

لا ماهو انا عارف بالعداء اللي بينك وبين المخفية عمتي، و عشان كدا قولت اتجوز بنتها علشان تخلصي منها القديم و الجديد.
«دولت» باستمتاع
ايوا يا واد يا مروان. شاطر. دانا هوريها الويل بنت همت.
«مروان» بلهفة
ايه يا ماما بنت همت ايه؟ ركزي. همت اللي توريها الويل و سواد الليل سيبي بنتها عليا وانا كل يوم هصبحها بعلقة وامسيها بعلقه.
«دولت» بسخرية.

اتلهي على عينك ياخوفي لا تضربك هي.
«مروان» بنفاذ صبر
مش مهم ضرب الحبيب زي أكل الزبيب. المهم خليكِ أنتِ في همت. عايزك أول ما تقابليها ترزعيها طلقة في نص دماغها كدا تجيبها أرض أرض على المُر اللي ورتهولي طول الخطوبة
زجرته «دولت» قائلة
ما انت اللي هايف. هتلاقيك متشحتف على بنتها خليتها تتحكم فيك ما انت اهبل.
«مروان» بتذمُر.

ايه يا ماما دا! هو انا جايبك تهزقيني انا ولا تشلي عمتي ركزي الله يباركلك. عايزك أول ما تشوفيها كدا تقومي مدياها فنش من بتوع اندر تيكر متحطش منطق بعدها.
تدخل «طارق» قائلًا بضجر
ولا انت صدعتني. ما تتهد شويه بقى.
«مروان» بحنق
طبعًا ما انت متهنن طول الخطوبة لو اتمرمطت ربعي مكنتش قولت كدا.
التفتت «دولت» إلى «طارق» قائلة بتهكم.

وانت يا آخرة صبري يا مقطع السمكة و ديلها متقعش على بوزك الا في بنت همت!
«طارق» بجفاء
بنت همت. بنت كلب. هي دي اللي انا حبيتها و عايز اتجوزها، و بعدين خلاص الفرح النهاردة يعني كل كلامك دا مالوش لازمة.
لون الامتعاض ملامح «دولت» التي قلت بتحسُر
يا ميلة بختك في ولادك يا دولت. لو كنت ربيت كلبين كانوا نفعوني عن كدا.

حاول كُلًا من «طارق» و. مروان، قمع ضحكاتهم على حديث والدتهم قدر الإمكان إثر قدوم الفتيات من الأعلى ليتأهب كليهما كُلّا لاستقبال عروسه فقد كانت «شيرين» تتأبط ذراع «صفوت» تحاول قمع عبراتها قدر الإمكان فحين اقترب «هارون» منها بأعيُن تلتمع بالفرحة التي تجلت في نبرته حين قال
ما شاء الله يا حبيبتي زي القمر.
همست «شيرين» بخفوت
ربنا يخليك ليا.

ربت على كتفها قبل أن تمتد يديه تقرص وجنة «سما» قائلًا بحنو
ايه الجمال دا يا سمسمة؟ خطيبك المجنون هيتجنن اكتر على جنانه لما يشوفك.
ابتسمت «سما» من حديثه ليُتابِع بحنو وهو يحتوي شقيقتاه بقوة
ربنا ما يحرمني منكوا أبدًا و أشوفكوا اسعد الناس، و خليكوا عارفين اني في ضهركوا مهما حصل، اوعوا تفكروا انكوا لوحدكوا أبدًا، و لا اني ممكن اسمح لحد أنه يزعل واحدة فيكوا أو ييجي عليها.

الشعور الذي قذفته كلماته بداخلهم أكثر ما كانوا بحاجة إليهم طوال عمرهم، لذا اقتربت «همت» تعانق فلذات أكبادها بأعيُن لأول مرة تُمطران الفرح بدلًا من الأسى الذي لازمها طوال سنوات عمرها والآن نالت أضعافه فرحًا فأخذت تحمد ربها مليء صدرها
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه.
كان الجميع يُطالِع هذا المشهد الرائع الذي كان كالآتي.

«شيرين» تتأبط ذراع صفوت و خلفها «سما » التي كانت تتأبط ذراع «هارون» و خلفهم «همت» و الفتيات جميعهن «فرح» و «حلا» و «جنة» و «لبنى» و بجانبها الصغيرة «ريتال» يهبطون الدرج وهم في أبهى حُلتهن.

ليقترب «صفوت» من «طارق» الذي كانت عينيه تلتهمانها من فرط حسنها الذي كان كالوقود على نيران عشقه ورغبته بها فلم يستطِع أن يحيد بعينيه عنها إلا عندما حادثه «صفوت» ليجذب انتباهه قائلًا بوقار
حطها في عنيك يا طارق. دي بنتي.
«طارق» بثقة
دي بنتي انا قبل ما تكون بنتك يعني محدش يوصيني عليها عشان محدش ه يحبها ولا هيخاف عليها قدي.

كلماته اخترقت اعماق قلبها الذي تأججت به نيران العشق خاصةً حين اقترب يحتضن كفها بحنو و يقوم بالانحناء ليُلثِم راحة كفها لتشعُر بأن دقات قلبها تتقاذف بعُنف حتى أوشكت على تحطيم صدرها من فرط التأثُر ليقترب واضعًا قبلة دافئة فوق جبهتها قبل أن يقول بعشق
مبروك يا حياتي.
«شيرين» بخجل
الله يبارك فيك.
تناسى كل شيء حوله سوى وجودها بتلك الطلة الرائعة التي جعلته يقول بإعجاب بالغ.

الجمال دا كله ملكي لوحدي!
همست بخجل
طارق.
عيون طارق.
لم يكد ينهي جملته حتى جاءه صوت «مروان» الحانق من خلفه
ما تخلص يا ابني انت رطاط كدا ليه؟ بقالك ساعة واقف ترغي وناسي أن في ناس تانيه مستنيه دورها.
أطلق «طارق» زفرة حانقة قبل أن يقول بسخط
اللهم طولك يا روح.
ابتسم «صفوت» و من خلفه هارون على كلمات «مروان» الذي هتف بنفاذ صبر.

روح اتأفأف في أي جنب الله لا يسيئك يالا. مش وقت تسبيل هو.
بالفعل أخذ «طارق» عروسه ليهبط «هارون» الدرج و بجانبه «سما» التي كادت أن تذوب خجلًا و لأول مرة. يحدُث شيء يجعله يصمُت مُطولًا فقد كانت جميلة بطريقة خاطفة للأنفاس مما جعله يقف مبهوتًا من رقتها و مظهرها الرائع ليقترب منها بلا وعي يقف أمامها يُناظرها بعينين يتلئلئ بهم العشق الذي تجلى في نبرته حين قال.

اخيرًا يا سما. انا مش مصدق نفسي.
حين أوشك على الاقتراب أكثر أوقفته يد «هارون» الذي وضعها أمام صدره قائلًا بجفاء
ايه رايح فين؟ هو انا كنت لسه ادتهالك؟
برقت عيني «مروان» الذي قال بصدمة
نعم! مين انت يعني؟ ابو زيد الهلالي! لا بقولك ايه انا معايا امي هتقطعكوا هنا. لا تفكروني لوحدي و هتستفردوا بيا.

حاول «هارون» قمع ضحكاته وواصل تمثيليته إثر غمزة خفية من «سالم» ليقول حدة مفتعلة
بقولك ايه انا أساسًا مش موافق عليك من الأول. انا هاخد اختي و اشوفلها عريس نقاوة كدا!
اهتاج «مروان» قائلًا
عريس مين يا ابني أومال انا ليه رجل كنبه قدامك؟ البدله دي ايه دانا صارف و مكلف. اجري شوفلك لعبة دانا اشقلك اختك في قلب الفرح دا. قال عريس تاني قال.

إلى هنا لم يستطِع «هارون» قمع ضحكاته و كذلك الجميع ليلتفت «مروان» يُناظرهم بحنق وهو يقول ساخطًا بعد أن أدرك لعبتهم
اه يا ولاد ال، وزان.

امسك بيد عروسه ليتوجه العروسان إلى مكانهم و بتفرق الجميع فقد كان الحفل يُقام في أكبر فنادق القاهرة وقد كان الجميع سعيد لأول مرة ولكن عينيه لما تكُن ترى من الحضور سوى تلك التي كانت ترتدي فستان رائع من اللون الاخضر الغامق الذي كان يتماشى مع لون غابتها الزيتونية اللامعة لتقترب من ذلك العاشق الذي كانت عينيه تُتابعها بهيام و إعجاب جعل خديها يتوردان خجلًا حين امتدت يديه تحتويان خصرها بحُب وهو يقول بجانب اذنيها.

أخيرًا ست الحسن والجمال قلبها حن و نزلت عشان املي عيني من جمالها.
راق لها غزله كثيرًا و خاصةً ذلك اللقب الذي تعشقه من بين شفتيه فهمست بجانب أذنه بدلال
ايه رأيك في الدريس بتاعي؟
أجابها بنبرة عاشقة دغدغت حواسها كثيرًا
أنتِ تحلي اي حاجه تلبسيها يا فرح.
امتدت يديه تتلمسان خديها برقة قبل أن يُتابع غزله المُثير
و بعدين هما مش بيقولوا القالب غالب، اهو القالب دا مجنني.

نجح في إضرام نيران الخجل في سائر جسدها ليتلون خديها بلون الورد الذي أضفى جمالًا آخاذًا على ملامحها الفاتنة لتمتد يديها تُمسِك بكفه وهي تقول بدلال
دانا على كدا مفروض آخد اوسكار على الإنجاز التاريخي دا.
«سالم» بخشونة
اللي هو؟
«فرح» بدلال
أنني جننت الباشا.
أجابها بنبرة عاشقة
أنتِ قلب الباشا.

أما تلك الجنية الساحرة كانت ترتدي فستان باللون الأحمر الناري الذي ضاعف فتنتها و خاصةً و أنها صنعت تمويجات رائعة جعلت خصلات شعرها تُحيط بها كأشعة الشمس الحارقة التي جذبته ليقع بعشقها للمرة التي لا يعرف عددها فما أن وصلت إليه حتى عانقها بقوة جعلتها تشعُر بالخجل حين احتواها بتلك الطريقة أمام الجميع ولكنه لم يكُن يكترث لأحد سواها و عينيه لم تكُن ترى سواها فقام بوضع قبله دافئة فوق جبهتها قبل أن يقول بلهجة عاشقة.

طب اخطفك دلوقتي ولا اعمل فيكِ ايه؟
هتفت «جنة» تشاكسه
لا أجل موضوع الخطف دا لحد ما الفرح يخلص ما صدقنا ييجي فرح في العيلة بتاعتكوا دي.
ابتسم تلقائيًا على حديثها قبل أن يقول بمُزاح
الصراحة احنا عيلة كئيبة طول عمرنا.
قهقهت على حديثه فلامست ضحكتها اوتار قلبه المُفعم بعشقها فقال بنبرة عاشقة
خليكِ اضحكي كدا على طول. ضحكتك دي بترد روحي.
استندت برأسها فوق صدره وهي تقول بحُب
وانت روحي يا سليم.

علي نحوًا آخر كان «عمار» يجلس إلى جانب تلك الفاتنة التي انتقلت فستان رائع من اللون الكريمي الذي لاق كثيرًا مع بشرتها و روعة ملامحها التي زينتها بحجاب بلون الفستان فكانت جميلة بالشكل الذي يُعجبه لا بل أكثر من ذلك فقد كان يعجز حتى عن إجلاء عينيه عنها بل كان يُناظرها وكأنه يغوص أكثر في معالمها و يتمنى لو كان الوقت يُتيح له فرصة الاختلاء بها حتى يروي ظمأه الضاري من حسنها.

الچميل هيفضل جاعد مكسوف أكده؟
حاولت التغلب على خجلها لتقول بنبرة مُتحشرجة
مش مكسوفة ولا حاچه.
هتف يُغازلها قائلًا
أومال الورد اللي على خدودك دا حكايته ايه؟
كلماته زادت من خجلها فتوسعت ابتسامتها كثيرًا فقامت بمد يديها تُخفي وجهها فأخذت عينيه تطوف على الجميع حولهم قبل أن يقترب منها قليلًا ليقول بنبرة موقدة
بتداريهم عني ليه عاد؟ داني دايب فيهم دوب.
لم تستطع السيطرة على دقات قلبها لتقول بنبرة خافتة.

وه. بطلي حديتك ده. اني مش جادرة اتلم على روحي.
«عمار» بسخط
وهو طول ما ابوكي دا ورانا هنعرِف نعملو حاچة غير الكلام!
حاولت ان تخفف عنه الأمر فرفعت عينيها تناظره بحنو قائلة
معلهش. انت شايف هما كانوا في ايه. بكرة تروج و الدنيا تتعدل متزعِلش انت نفسك.
تعلقت عينيه بعينيها لثوان قبل أن يقول بنبرة عاشقة.

الله في سماه ما هتحمل اكتر من أكده اني رايح احدد معاه معاد الفرح و الا هخطوفك و مش هرچع غير واحنا معانا أورطة عيال. اكتر من أكده هتچنن يا عالم.
أنهى كلماته و توجه إلى حيث «صفوت» ولم يستمع إلى نداءاتها فقد ضاق ذرعًا بما يحدُث ولك يعد بمقدوره الابتعاد عنها.

كان الفرح رائعًا خاصةً حين جذب «مروان» يد ««سما» ليرقصوا على أنغام إحدى الأغاني الشعبية التي كان بارعًا في الرقص عليها، و أخذ بيد «طارق»الذي كان يحاول مجاراته بصعوبه و أيضًا «سليم» الذي لم يكُن يعرف ماذا عليه فعله وحين التقمت عينيه «سالم» الذي كان يُناظرهم من بعيد فإذا به يتوجه اليه و الشباب خلفه وهو يصيح بصوتًا جهوري
الباشا وصل…

قال جملته و اندلعت الصيحات من فم الشباب وهم يحيطون ب «سالم» الذي كان سعيد جدًا لرؤيتهم يرقصون بسعادة و فرح و أخيرًا تحققت أمانيه و اطمئن على الجميع آملًا أن يُتِم الله نعمه و يطمئن على ذلك الغائب عن العُرس الحاضر في قلوبهم ولكن لا سلطة لنا على القدر ولا نملك سوى التعايش معه برضا حتى يُحدِث الله أمرًا.

استمر الفرح لساعات مُتأخرة بسبب ذلك المجنون الذي لم يدع رجلًا من الموجودين إلا و جعله يحمله و يطوف به في القاعة وهو يرقص ه‍ُنا و ه‍ُناك
بقولك ايه ياد يا هارون. ما تيجي تشيلني شويه.
«هارون» بسخط
الله يخربيتك هديت حيل ابونا طول الفرح ياد انت اهمد بقى.
«مروان» بسخط
اهمد! انا لو همدت الليلة دي بالذات هتبقى فضيحتي بجلاجل.
تدخل «طارق» حانقًا.

طب مش يالا بقى نخلص الليلة دي عايزين نروح!
«مروان» بتقريع
عايز تروح ليه يا صايع أنت؟ و بعدين انا لسه مرقصتش. سيبوني ارقص شويه.
زفر كُلًا من «طارق» و «هارون» بسخط الا أن الأخير كانت عينيه تختلس النظرات لتلك التي رفعت راية التجاهل أمام عينيه العاشقة فجعلت من سعادته أمرًا مستحيل.

تدخل «سليم» الذي أشار إلى الفرقة الموسيقية بأن يعزفوا مقطوعة النهاية فقد بلغ منهم التعب مبلغه ليهتف «عمار» ساخطًا
والله يا سليم ماني عارف الواد دا چايب الصحة دي كلاتها منين. طول الليل بيتنطط كيف الجرد. اجطع دراعي أن ما كان ينعس وهو بالعربية.
قهقه «سليم» على حديث «عمار» قائلًا بمُزاح
والله ياريت عشان ازله بيها العمر كله.

اقتربت «همت» تعانق سما بعبرات الفرح لتقول من بين دموعها
خلي بالك من نفسك يا عين امك ولو الواد دا عملك حاجه اديني تليفون اجي اكسر عضمه.
تساقطت العبرات من عيني «سما» تأثرًا ببكاء والدتها لتقول بتأثُر
هتوحشيني يا ماما اوي.
في تلك الأثناء اقترب «مروان» يناظرهمَ بصدمة قبل أن يقول بصياح
في ايه يا وليه أنتِ وهي بتعيطوا ليه؟
«همت» بتقريع.

دي دموع الفرح يا جبلة. هقول عليك ايه ما انت عديم الحساسة.
«مروان» بسخط
دموع الفرح! دا مُحن الفرح ياختي. هو انتوا تفرحوا تعيطوا. تحزنوا تعيطوا. دا مُر ايه المغلي اللي حط عليا دا!
صاحت «همت» تُعنفه
احنا كدا يا ابن دولت مش عاجبك اخد بنتي و اروح.
هنا تدخلت «دولت» القادمة من الخلف.

مالك يا همت شادة السلخ عالواد ليه كدا؟ ما تلمي الدور أنتِ و بنتك. قرفتوا الواد عمالين عياط عياط. ايه ياختي خفي شويه. مش ناقصة مُحن. دي كلها اسبوع و راجعة تقعد في الفيلا اللي جنبك.
«همت» بسخط
هقول ايه ما أنتِ معندكيش احساس أنتِ و ابنك.
«دولت» بتقريع
لا ياختي عندنا احساس و نص وتلتربع بس انا ابني فرفوش مالوش في النكد
تدخل «مروان» بلهفة.

ايوا انا ابنها الفرفوش و مش بطيق النكد.

تمت