رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الرابع والأربعون

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الرابع والأربعون

خالد: قصدك تخونينى؟ لا يا زهرة كله إلا كدة، احكمى عليا بأى حكم تانى أنا راضى إلا الخيانة.
زهرة: قلت احكمى عليا وأنا حكمت، دوق من نفس الكاس اللى سقيتنى منها، على الأقل أنا ليا عذرى، أنت أتجوزتنى وأنا في عز شبابى وجمالى، رمتنى في زى أى حتة موبليا، ولما حبيت تخلص منى شغلتنى، ما خوفتش لأعمل زيك؟ إيه اللى هيعصمنى من الخطيئة؟ ما شفعليش عندك حبى ليك؟ أنا هأعمل اللى عملته.

خالد: لا يا زهرة أنا واثق إنك مش هتعملى كدة؟

زهرة: ليه إحنا بشر، بنخضع لقوانين البشر، وكلنا معرضين للغلط، صدقنى ده مش حكمى ده انتقام ربنا منك، لازم تدوق إحساس الرجل المخدوع اللى بيتخان، طبعا أنت عمرك ما فكرت في الرجل المسكين اللى أنت عامل علاقة مع مراته، لازم تموت في اليوم ألف مرة زى ما قتلتنى وقتلت كتير من الرجالة، كم بيت خربته؟ كم ست خببتها على جوزها؟ أنا اتعرضت لضغوط أكبر من طاقتى وأنا شايفة كل اللى حواليه عايشين حياتهم بالطول والعرض، ستات بتخون أجوازها مع إن رجالتهم معاهم، أما أنا جوزى سايبنى مطمع لكل من هب ودب، كل ما أروح في مكان واللى يعرفوا إن جوزى أكبر منى بخمسة وعشرين سنة يرمى شباكه عليا بيفتكر إنى فريسة سهلة، ما حدش مصدق إنى أتجوزتك عشان حبيتك، الكل فاكر إنى أتجوزتك عشان فلوسك، الكل طمع فيا إلا أنت، وأنا حافظت عليك حتى وأنت بتخوننى، ما سمحتش لأى راجل إنه يمس شعرة منى، كنت عبيطة، ما شوفتش غيرك رغم خيانتك، أنا ندمانة إنى ما خونتكش، لكن ملحوقة، هأخونك يا خالد.

خالد: أرجوكى يا زهرة تسمعينى، أنا أوعدك إن ده مش هيتكرر.
زهرة: ما فيش في استطاعتك إلا كدة دلوقتى، ما بقتش تقدر، أنت مش شايف نفسك؟ أظن أنا دلوقتي ليا عذرى، وكفاية إن خيانتى هتكون رد على خيانتك.
د. خالد: اطلقى يا زهرة وبلاش تخونينى.
زهرة: هيحصل، بس لازم أخونك الأول، ولازم تبقى عارف إنى بأخونك وتبقى قاعد عاجز كدة مش عارف تعمل حاجة، المسألة مسألة وقت، أنا مش هأرمرم زيك، لازم يكون حد يستاهلنى.

عاد حسام من فرنسا ومعه ابنه سليم، عمل مدرس مساعد بجامعة القاهرة، ظل يتابع زهرة من بعيد.
بالطبع زهرة لن تخون دكتور خالد، هي فقط أرادت عقابه، رغم إشفاقها عليه.

أتقنت زهرة التمثلية، تظاهرت أمامه بمعرفة شخص آخر والتحدث معه بل ولقائه.
جلست زهرة مع ندى ونور تتابع معهما دروسهما، وخالد جالس فوق كرسه المتحرك
رن تليفونها المحمول.
زهرة: آلو، أيوه يا إيهاب، جاية لك حالا.
نظرت إلى خالد وقالت: ده إيهاب شاب في نفس سنى، من سنين بيطاردنى وكنت بأصده، من عبطى كنت غلطانة، بس خلاص هأصحح الغلط ده.

ارتدت زهرة ملابسها وتعطرت ووضعت مكياجا مثيرا، نظرت لدكتور خالد وهو جالس بمكانه، تركته وخرجت.
ذهبت زهرة إلى شقيقتها نرمين.
زهرة: أسأل أنا مادام أنتى ما بتسأليش.
نرمين: سايبة خالد ليه يا زهرة؟
زهرة: أنا هأرجع شغلى كمان، هأقعد جنبه ليه؟
نرمين: قلبك جمد قوى.
زهرة: بجد، هأقعد جنبه ليه؟ علاجه وخده، وجلسات العلاج الطبيعي وبيعملها في ميعادها.
نرمين: أنتى ناوية صحيح تتطلقى؟

زهرة: مش عارفة، خايفة الناس تقول سابته عشان بقى عاجز.
نرمين: أنتى لو مقتنعة مش هيهمك كلام الناس.
زهرة: صدقيني تايهة، جرحه ليا مدمرنى، وفي نفس الوقت صعبان عليا.
نرمين: أنا من رأيى تسامحيه، ربنا انتقم لك منه، وكفاية اللى هو فيه.
زهرة: أنتى هتوصينى على خالد يا نرمين؟
نرمين: يعنى ناوية تسامحيه؟
زهرة: مش عارفة.

نرمين: طب عايزة أسألك على حاجة، أنتى قولتى في وسط كلامك إنك حاسة بالدونية، إزاى يا زهرة وأنتى شغالة ولكى مكانتك؟ ليه حاسة إنك أقل منه؟
زهرة: مش على خالد بس يا نرمين، مع كل الناس، ومش من دلوقتي، من زمان قوى، من يوم الحادثة إياها، كنت دايما حاسة إنى أقل واحدة في زمايلى، أقل واحدة فيهم أبوها ما قتلش أمها عشان بيشك فيها، حتى لو ما حدش عارف، بس أنا دايما كنت حاسة بكدة.

نرمين: أنتى عمرك ما قولتى الكلام ده قبل كدة، ليه ما قولتيش لعمك؟ كان كمل معاكي جلسات العلاج النفسي.

زهرة: ما كنتش عايزة أرهق عمك بالمصاريف، كبرت وكبر الإحساس ده معايا، قولت أساعد نفسي وأدخل كلية تهتم بعلم النفس، والحمد لله دراستى ساعدتنى كتير، بس فضل جوايا حتة إحساس بالنقص، مين هيتجوز واحدة أبوها قاتل أمها؟ قفلت قلبي وقولت مش هأتعلق بأى حد عشان ما أنجرحش، لحد ما حسيت إن حسام بيحبنى أتعلقت بيه، قولت ده الوحيد اللى ما أخافش من الماضي معاه، أنا لحمه، ده غير إنه أكيد واصلة الحقيقة، بس يظهر إنى كنت واهمة، بعد وسابنى، قابلت خالد، اللى طلع عارف كل حاجة عنى ومع ذلك اتقدم لى لى في نفس اليوم، عاملنى زى أميرة، جاب لى اللى حلمت بيه واللى ما أتخيلتش في يوم إنه يبقى عندى، حبنى، أيوه حبنى، أنا ست وأقدر أميز، أنبهرت بيه، حبيته، عيشنى في الجنة، صحيت على كابوس خيانته، رجعنى لنقطة الصفر تانى، رجعت أحس بالدونية، ألزم نفسي إنى لازم أسامحه، وفيها إيه يعني لما يخونى؟ ولما الإحساس ده تعبنى قولت إنى بأسامحه عشان بأحبه، بس الحقيقة إنى بأسامحه عشان حاسة إنى قليلة وما أستاهلش إلا كدة.

نرمين: أنتى لازم تروحي لدكتور نفسانى يا زهرة، الإحساس ده هيتعبك، ولو هتسامحى تسامحى وأنتى قوية.
زهرة: إن شاء الله، أفوق بس من الكابوس اللى أنا فيه ده.

عادت زهرة إلى البيت بعد ثلاث ساعات، وجدت خالد كما هو جالس على كرسيه المتحرك، وبمجرد أن رآها دفع كرسيه المتحرك متجها إلى حجرته، جرت زهرة وراءه حاولت مساعدته في دفع الكرسى، لكنه نزع يدها وأبعدها عنه.

دخلت زهرة خلفه، وقفت تخلع ملابسها أمام المرآة، كانت ترتدى قميص نوم مثير أسفل ملابسها، على خلاف عادتها، جلس أمام المرآة تمشط شعرها، والذي حرصت على غسله عند نرمين التي لم تجد تفسيرا لما فعلته شقيقتها.

خالد في نفسه: معقولة تكون زهرة عملت اللى هددت بيه؟ معقولة تكون على علاقة براجل غيرى؟ ده أنا كنت أقتله وأقتلها، ده أنا ما أطيقش واحد يلمس شعرة منها، أكيد زهرة كانت بتهددنى بس، زهرة مش ممكن تعمل كدة، ليه مش ممكن؟ هي مش ست والستات كلها زى بعضها؟ مش أنت اللى كنت بتقول ما فيش ست تقدر تقاوم راجل غازلها؟

زهرة في نفسها: أصارحه بالحقيقة وأشهد أختى عليا، شكله منهار وهيجرى له حاجة، في إيه يا زهرة؟ أنتى نسيتى اللى عمله فيكى؟
خالد: إيه العذاب اللى أنا فيه ده؟ معقول يكون كل راجل أنا عملت علاقة مع مراته عاش الإحساس القاتل والقاسى ده؟ إيه اللى أنا كنت بأعمله في الناس ده؟ داين تدان وأنا مديون لناس كتير قوى، ولو فضلت عمرى أسدد في ديونى مش هأسدها.

حاول خالد أن يصعد لفراشه فساعدته زهرة على ذلك، وعندما أقتربت منه تخيلها في أحضان رجل آخر فثار عليها وطردها وأغلق الباب.
ظل هو يبكى في حجرته وهي تبكى أمام الباب في صمت.