استعادة تاريخ الدرب الأحمر: رحلة رمضانية في أحضان قاهرة الأمس

يبدأ الموكب من عند القلعة، ويتقدمه رجال يحملون مشاعل وعصي يؤدون حركات مختلفة. وسطهم، العازفون يمتطون ظهور الجمال والحُمُر، يضربون على الطبول ويعزفون على آلات النفخ. يسيرون في دروب القاهرة الضيقة ليُعلنوا لأهلها ميلاد الهلال وبداية شهر رمضان المبارك. بعد قرون، في نفس المكان المعروف الآن بـ”باب الوزير”، يخرج الصوت من التلفاز معلنًا: “غدًا أول أيام رمضان”. يستعد محمد علي لبدء موسمه الأفضل بتزيين مطعمه الذي يقدم الفول والطعمية.

المسار السياحي بالدرب الأحمر

يقع مطعم محمد علي في قلب المسار السياحي بالدرب الأحمر، الذي يربط بين المباني التاريخية وأسواق الحرف اليدوية. تم تطوير هذا المسار من قبل مشروع مؤسسة الأغاخان ووزارة السياحة والآرات بدعم الاتحاد الأوروبي. يمتد المسار لمسافة 2 كيلومتر تقريبًا، ويسحب الزائر إلى عوالم أخرى تعكس طقوس رمضان التي كانت موجودة منذ قرون.

طقوس رمضان في القاهرة التاريخية

“يا أتباع أفضل خلق الله! صوموا، صوموا”، كانت هذه الهتافات تُسمع في كل زاوية من القاهرة لتبشر السكان بحلول رمضان. تتلألأ الجوامع بالأنوار، وتُعْلَق المصابيح على مداخلها ومآذنها. الناس يسهرون ويتغنون في الأزقة التي تحيط بها أسوار القاهرة الفاطمية. هذه الأسوار، التي بُنيت على ثلاث مرات، لا تزال أجزاء منها قائمة حتى اليوم.

تجربة زائر إيطالي في رمضان

ليوناردو، زائر إيطالي يبلغ من العمر 55 عامًا، يعبر عن إعجابه الشديد بالأجواء الرمضانية في القاهرة التاريخية. يقول: “هذه الأجواء أعتقد أنها غير موجودة إلا في مصر، خاصة في مثل هذه المناطق”. وزارة السياحة والآرات تعتمد على هذه الأجواء في حملتها “مصر روحها في رمضان” لجذب السياح من جميع أنحاء العالم.

مع اقتراب ساعة الإفطار، تبدو القاهرة وكأنها استيقظت من سباتها. الناس يطلون من المشربيات والشرفات ليراقبوا اقتراب الساعة المباركة. محمد علي، المعروف بـ”قطة”، يقف أمام مطعمه لتوزيع التمر والعصائر. المطعم الذي يقدم الفول والطعمية، هو الأول في شارعه، وقد فتحه جده عام 1947.

المنطقة مليئة بالآثار التاريخية التي تجذب السياح من كل مكان. محمد علي يقول بفخر: “نريد أن نكون مثل شارع المعز، يأتينا سياح وزوار من كل مكان، خاصة في رمضان”. المطعم تم تجديده مؤخرًا ليواكب طبيعة المنطقة التاريخية، مع الحفاظ على طابعه التقليدي.

“هذه الأجواء أعتقد أنها غير موجودة إلا في مصر”، يقول ليوناردو وهو يلتقط صورًا للزينة الرمضانية. وزارة السياحة والآرات تهدف من خلال حملتها “مصر روحها في رمضان” لجذب الآلاف من السياح ليعيشوا هذه التجربة الفريدة. الطقوس والتقاليد التي عاشها المصريون منذ قرون، ما زالت حية حتى اليوم في شوارع القاهرة التاريخية.