أزمة غير مسبوقة تضرب “كرتونة رمضان” في مصر مع ارتفاع أسعارها بنسبة 100%

القاهرة – تزامناً مع الغلاء المستمر، شهدت “كرتونة رمضان” في مصر تناقضات اجتماعية عميقة باتت تعكس الأزمة الاقتصادية. تتغير ملامح هذه المبادرة السنوية، التي كانت رمزاً للتكافل الاجتماعي، بشكل غير مسبوق. فبينما اعتاد المصريون توزيعها على المحتاجين، أصبحت بعض العائلات المتوسطة تلجأ إليها بغرض تخزين السلع الغذائية. ومع ارتفاع تكاليف المعيشة، صار التضامن عبئاً ثقيلاً على المتبرعين.

رمزية “كرتونة رمضان” في ظل الأزمة

تعتبر “كرتونة رمضان” ركناً أصيلاً من مظاهر التكافل الاجتماعي في مصر. حيث تحتوي على مواد غذائية أساسية مثل الأرز والزيت والسكر والمعكرونة، وتوزع على الأسر ذات الدخل المحدود. إلا أن التضخم المتسارع، الذي تجاوز 33% بعد تعويم الجنيه المصري والهبوط المتكرر لقيمته، أثر بشكل كبير على أسعار ومكونات تلك الكراتين. وصل التأثير إلى حد تراجع الكميات الموزعة من الكراتين بنحو 30%، ما يهدد الرمز الذي تعود عليه المجتمع المصري في شهر رمضان المبارك.
في هذا السياق، يشير الخبراء إلى أن أكثر من 30 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، حيث تُعمق الأزمة الاقتصادية معاناتهم، ويتزايد الاعتماد على مبادرات التكافل.

أثر الأزمة على العمل الخيري

تظهر التحديات الاقتصادية بوضوح في عمل الجمعيات الخيرية، حيث كشف مسؤولون في التحالف الوطني للعمل الأهلي عن خطط لتوزيع 4.5 ملايين كرتونة فقط هذا العام، مقارنة بـ6 ملايين في العام الماضي. الأرقام الحالية توضح تراجع جهود الجمعيات بسبب انخفاض التمويل وارتفاع أسعار السلع، وهو ما يُزيد من صعوبة تلبية احتياجات الأسر المتضررة.
بالإضافة لذلك، لجأت بعض الجمعيات إلى تقديم الدعم النقدي بدلاً من الكراتين الغذائية؛ نظراً لصعوبة تغطية تكاليف المواد التي اعتادت توفيرها.

بدائل واستراتيجيات جديدة للمتبرعين

على صعيد المتبرعين، أدت الأزمة إلى تغيير الأولويات. بات التركيز ينصب على اختيار السلع الضرورية مثل الزيت والأرز بدلاً من السلع التكميلية كياميش رمضان. في الوقت نفسه، وجد بعض الأفراد في الطبقة المتوسطة أنفسهم مضطرين للاستفادة من كرتونة رمضان بدافع التوفير، مما يبرز مدى تأثير الأزمة على مختلف فئات المجتمع.
رغم التحديات الاقتصادية، يظل التفاؤل قائماً بإمكانية استمرار روح العطاء في الشهر الكريم، لكن بتكتيكات جديدة تناسب الواقع الراهن.