هل تغير فهمنا للطاقة المظلمة يكشف أسرار الكون ونهايته المحتملة؟

الطاقة المظلمة تثير تساؤلات جديدة حول مستقبل الكون وتاريخه، مع اكتشافات مثيرة تغير فهمنا الحالي للفيزياء الكونية. تشير دراسات جديدة إلى أن الطاقة المظلمة، التي تُعتبر القوة الدافعة وراء توسع الكون، ليست ثابتة كما كان يُعتقد، بل ديناميكية وتتغير مع مرور الوقت. هذه النتائج قد تؤدي إلى إعادة صياغة النموذج القياسي للكون وتفتح المجال لثورة علمية مرتقبة.

كيف تعيد الطاقة المظلمة رسم خريطة الكون؟

أُجري تحليل معمّق باستخدام أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة (DESI)، المُثبتة على تلسكوب في مرصد كيت بيك بولاية أريزونا، التي تُعد واحدة من أكثر المشاريع العلمية طموحًا في هذا المجال. يتم من خلالها رصد ومتابعة خمسة آلاف مجرة وكوازار في وقت واحد، مما يسمح بإعداد خرائط ثلاثية الأبعاد تعكس تطور الكون. تشير البيانات إلى أن الكون شهد توسعًا متسارعًا منذ حوالي ستة مليارات سنة، لكن الأدلة الحديثة تؤكد أن هذا التسارع بدأ يتباطأ نسبيًا على مدى الملياري سنة الماضية، وهو ما قد يغير فهمنا لقدرات الطاقة المظلمة وطبيعتها الأساسية.

يُذكر أن هذا المشروع مدعوم من أكثر من 70 جهة بحثية حول العالم، بما في ذلك مختبر بيركلي الأمريكي، ممّا يعزز مصداقية النتائج ومداها العلمي. وتُظهر البيانات الأحدث أن الكون يتكون من 70% طاقة مظلمة، و25% مادة مظلمة، و5% فقط مادة عادية. هذه الأرقام تفصح عن حجم التحديات التي تواجه مجتمع الفيزياء لفهم هذه الظواهر الكونية بعمق.

لماذا يُعتبر هذا الاكتشاف “لحظة محورية”؟

أشار أرنو دو ماتيا، الفيزيائي في لجنة الطاقة الذرية الفرنسية، إلى أن نتائج تحليل بيانات DESI أظهرت اختلافات ملحوظة عن الافتراضات السابقة في النموذج القياسي، ما يشير إلى تحول طفيف ولكنه حاسم في فهمنا للتسارع الكوني. وأوضح أن هذه الاكتشافات تُعتبر لحظة محورية في الفيزياء الكونية، حيث إنها تضع أسئلة جديدة تتحدى النظريات التقليدية.

يأتي ذلك بالتزامن مع دراسات تدعمها أدوات مرصد إقليدس الأوروبي وتلسكوب نانسي غريس رومان الفضائي ومرصد فيرا روبين في تشيلي، وهي أدوات يُتوقع أن توفّر بيانات أكثر دقة في الخمس سنوات المقبلة لإثبات أو نفي ديناميكية الطاقة المظلمة.

ماذا ينتظر العلم مستقبلاً؟

في حال تأكيد ديناميكية الطاقة المظلمة، فإن ذلك سيفتح الباب على مصراعيه نحو إعادة صياغة النموذج الكوني القياسي. سيتعين على علماء الفيزياء تطوير نظريات جديدة تُفسّر تطور الكون بشكل أفضل. وقد وصف جوشوا فريمان، المؤسس المشارك لبرنامج “دارك إنرجي سورفي”، هذه المرحلة بأنها نقطة مفصلية قد تغيّر تاريخ العلم.

من الملفت أنه يمكن لهذه الدراسات أن تؤدي إلى ثورة علمية على مستوى مشابه لاكتشاف التوسع المتسارع للكون الذي أدى سابقًا إلى منح جائزة نوبل. ينتظر العلماء الآن الجيل الجديد من البيانات الدقيقة لحسم الجدل وفتح أفق جديد لفهمٍ أعمق للكون.