وزارة التعليم غير واقعية والأسر تسهم في معاناة الطلاب بالغياب الجماعي!

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أثبتت وزارة التعليم أنها تعمل وفق خطط إستراتيجية تواكب متطلبات العصر، وذلك بعدما قررت بدء الفصل الدراسي الثالث لعام 2024-2025 في شهر رمضان المبارك. ومع 84 يوماً تصطف كمدة زمنية للدراسة في هذا الفصل، جاء القرار ليقابل بموجة من ردود الأفعال المتباينة بين التأييد والانتقاد. ورغم الاحتياجات الفعلية لسير العملية التعليمية، برزت أسئلة حول “الواقعية” في تطبيق القرارات ومراعاة طبيعة الشهر الفضيل.

بدء الفصل الدراسي في رمضان: قرار يحمل أبعاداً إستراتيجية

بحسب ما جاء في مقال الكاتب منصور الضبعان، فإن وزارة التعليم أبدت ثقتها بخططها وأهدافها الإستراتيجية عندما قررت أن يبدأ الفصل الثالث في الثاني من شهر رمضان. ومع طول الفصل البالغ 84 يوماً، يتم خصم أيام إجازتي عيد الفطر وعيد الأضحى والإجازات المطولة، ليظل الثبات في نظام التعليم هو الخيار الحاسم. ومع ذلك، أثار تحديد 18 يوماً للدراسة الرمضانية حواراً ساخناً حول “التوقيت الأمثل” لتطبيق هذا القرار.

يشير الضبعان في حديثه إلى أهمية الواقعية في صياغة الأهداف التعليمية. وهنا تأتي مرونة الوزارة في تعديل أوقات الدوام المدرسي خلال شهر رمضان ليبدأ في الساعة التاسعة صباحاً. ومع ذلك، يظل التحدي في إيجاد منطقة متوسطة بين الالتزام بالخطط التعليمية ومعايشة طبيعة الشهر الكريم، ما يجعل البحث عن توازن “لا ضرر ولا ضرار” هو الهدف الأكثر صواباً.

الغياب الجماعي للطلاب في رمضان: ظاهرة عربية تحتاج للمعالجة

ليس “الغياب الجماعي” قاصراً على المملكة العربية السعودية، بل تمتد جذوره إلى دول عربية أخرى. ففي مصر، على سبيل المثال، بدأت المدارس بمعدلات حضور منخفضة جداً تزامناً مع حلول شهر رمضان، مما اضطر المسؤولين إلى اتخاذ إجراءات حازمة للحد من تفاقم الغياب. ويبدو أن أزمة تواؤم الدراسة مع طبيعة الشهر الفضيل ليست حالة استثنائية، بل هي جزء من منظومة ثقافية تحتاج إلى إعادة التفكير.

السبب الرئيسي لهذه الظاهرة يكمن في الاعتماد على قرارات “غير معلنة” تتخذها الأسر، وغالباً ما تكون نابعةً من مخاوف الأمهات على أبنائهن من مشقة الصيام واضطرابات الجدول اليومي. هذه الإجراءات العفوية، على الرغم من النوايا الحسنة وراءها، تترك آثاراً سلبية على التعليم وعلى تقاليد الالتزام التربوية لدى الطلاب.

بين التربية السليمة والتحديات المناخية: رؤية مستقبلية

من اللافت أن الطقس في السنوات المقبلة سيكون أكثر ملائمة للصيام مما يتيح فرصة لتخفيف التحديات المرتبطة بالدراسة في رمضان. وفي هذا السياق، يشير الضبعان إلى أن قرارات الأهل الجماعية لتغييب الطلاب تعدّ اجتهاداً خاطئاً قد يؤثر سلباً على الطلاب على المدى البعيد. فالتربية الصحيحة تستلزم مواجهة التحديات بدلاً من الانسحاب منها، مع تعزيز قدرة الطلاب على التكيف مع متغيرات الحياة، بما في ذلك الدراسة خلال شهر رمضان.

الخلاصة التي يمكن استخلاصها هنا هي أن التعاون بين الأسر والمؤسسات التعليمية يُعتبر حجر الزاوية في تحقيق توازن مستدام بين متطلبات التعليم وخصوصيات الشهر الكريم. وعلى الرغم مما يثار حول توقيت الفصل الدراسي الثالث، فإن الحوار المجتمعي الناضج يمكن أن يقود إلى قرارات أكثر توافقاً مع الواقع.