الحوثيون يُخلون مقراً رئيسياً بالعراق والحكومة اليمنية تدعو بغداد لمواقف حازمة

في خطوة أثارت تساؤلات واسعة حول طبيعة التوازنات السياسية في المنطقة، أخلت مليشيا الحوثي الإيرانية مقراً رئيسياً لها وسط بغداد، بالتزامن مع تصاعد التوترات جراء الهجمات الأمريكية الأخيرة. هذا التطور جاء استجابةً لتحذيرات إيرانية وشيعية عراقية من مغبة استفزاز أمريكي إضافي، بينما دعت الحكومة اليمنية بغداد لاتخاذ موقف واضح وحازم ضد أنشطة المليشيا على الأراضي العراقية.

الحوثيون يغلقون مقراً رئيسياً في بغداد

أكدت مصادر موثوقة لصحيفة “الشرق الأوسط” أن مليشيا الحوثي أغلقت مقراً رئيسياً في أحد الأحياء الراقية في بغداد، بالتحديد بالقرب من المنطقة الخضراء، بناءً على توصية من فصيل شيعي بارز. المقر، الذي كان يدير نشاطات إعلامية وتجارية دعماً لزعيم المليشيا عبد الملك الحوثي، بات هدفاً للجهود الأمريكية لاحتواء أنشطة الحوثيين. ويرتبط قرار الإغلاق بتوجيهات من قائد “فيلق القدس”، إسماعيل قاآني، الذي حذّر الفصائل الشيعية من استفزاز الولايات المتحدة أو إسرائيل، خصوصاً بعد تصاعد الهجمات الأمريكية التي طالت الحوثيين في اليمن.

المصادر أشارت إلى احتمال إغلاق مواقع إضافية في مدن عراقية أخرى، وسط تضييق الضغوط من قوى سياسية ضمن “الإطار التنسيقي”. إذ خشي قادة في هذه الفصائل أن يؤدي دعم الحوثيين العلني إلى إشعال صراع عسكري داخل العراق.

المواقف العراقية والحكومة اليمنية

الحكومة اليمنية طالبت نظيرتها العراقية بمواقف أكثر صرامة ضد أي أنشطة حوثية على أراضيها. وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، وصف تحركات المليشيا في العراق بأنها “تهديد للأمن القومي العربي”، مؤكداً على ضرورة عدم السماح باستخدام الأراضي العراقية كقاعدة لوجستية أو إعلامية لهم. كما أشاد الإرياني بالجهود العراقية لضمان استقرار المنطقة، معبّراً عن ثقته في عدم انزلاق العراق إلى الفوضى التي تروج لها إيران ووكلاؤها.

وفي سياق متصل، نفت الحكومة العراقية مزاعم عن وجود معسكر تدريبي للحوثيين في محافظة ديالى، معلنة التزامها بسيادة العراق وعدم الانجرار خلف أجندات إقليمية تؤدي إلى الإضرار بعلاقات العراق مع الدول العربية.

تصاعد التوترات الإقليمية إثر الهجمات الأمريكية

من جهة أخرى، شهدت الأيام الماضية تصعيداً ميدانياً غير مسبوق، مع شن الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع حوثية في صنعاء وعدة مناطق أخرى، وتهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإبادة المليشيا. وقد أثارت الهجمات الأمريكية ردود فعل واسعة، حيث توعد الحوثيون باستمرار استهداف القطع العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر.

التصعيد الأخير يأتي في إطار مواجهة استراتيجية، حيث دافع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، خلال لقائه مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، عن ضرورة تحجيم تحركات الحوثيين بما يحمي التجارة الدولية وحرية الملاحة.

من الجدير بالذكر أن هذا التطور يعكس تعقيدات العلاقة بين إيران، الحوثيين، والقوى الإقليمية الأخرى التي تتصارع على النفوذ في الساحة العراقية، ما يضع بغداد في موقف حرج يتطلب دقة وحذر لتجنب تفاقم الصراعات الداخلية والإقليمية.