رسوم ترامب الجمركية: الموجة الثانية تأتي بتأثير أقل حدة على الأسواق.

تشهد السياسة الجمركية الأمريكية تحولاً هاماً تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب، حيث أعلنت الإدارة الأمريكية اعتزامها تطبيق موجة ثانية من الرسوم الجمركية، توصف بأنها أكثر استهدافًا مقارنة بالإجراءات السابقة. هذا الإعلان يأتي وسط قلق الأسواق بشأن تصاعد التوترات التجارية عالميًا، بينما تسعى الإدارة لتخفيف التأثير المحتمل عن طريق استثناء قطاعات محددة من هذه الرسوم الجديدة، المتوقع تطبيقها مطلع أبريل المقبل.

تداعيات الرسوم الجمركية على قطاعي الشحن والتجارة

أثارت الموجة الجديدة من “رسوم ترامب” الجمركية، الموجهة ضد الصين تحديداً، جدلاً واسعاً بسبب تداعياتها الكبيرة على التجارة العالمية. وفقاً لتقارير من “بلومبرغ” و”وول ستريت جورنال”، فإن التوتر يمتد ليشمل سلسلة الإمداد بالكامل، من المزارعين إلى شركات الشحن وبُناة السفن. أحد الأمثلة البارزة كان تأجيل شحن 16 ألف طن متري من أنابيب الفولاذ من ألمانيا إلى الولايات المتحدة بسبب رسوم تتراوح بين مليون وثلاثة ملايين دولار على السفن ذات الصناعة الصينية.

المقترحات الجديدة تهدف إلى تقليص الهيمنة الصينية على قطاع بناء السفن، والذي يمثل أكثر من 50% من الإنتاج العالمي الحالي، وفقاً لمكتب الممثل التجاري الأمريكي. بالمقابل، تعاني الصناعة البحرية الأمريكية من حصة تبلغ 0.01% فقط من السوق، وهو ما تسعى الإدارة لتغييره عبر فرض رسوم ضخمة لإحياء قطاع السفن المحلي، إلا أن التأثيرات السلبية المحتملة على التجارة والشحن تثير قلق العديد من الفاعلين الاقتصاديين.

هل تستطيع الموانئ الأمريكية الصغيرة مواجهة العاصفة؟

من بين التداعيات المرتقبة لهذه السياسات، التوقعات بتضرر الموانئ الصغيرة في الولايات المتحدة، مثل تشارلستون وأوكلاند وديلاوير. شركات الشحن الكبرى، التي تعبر آلاف الحاويات يومياً، قد تتجنب استخدام هذه الموانئ، مفضلة تحويل وجهتها إلى كندا والمكسيك لتوفير التكاليف. وقد أكد جوناثان غولد، نائب رئيس سياسات سلاسل التوريد والجمارك، أن هذا القرار قد يزيد من أسعار السلع الأمريكية ويهدد العديد من الوظائف.

معالجة هذه التحديات قد تتطلب حلولًا مبتكرة. على سبيل المثال، تقترح مسودة أمر تنفيذي، اطلعت عليها “بلومبرغ”، تخصيص عائدات الرسوم لدعم بناء السفن محليًا، ما يعكس رغبة واشنطن في تعزيز الأمن القومي من خلال تقليل الاعتماد على الصناعة الأجنبية.

العائدات الاقتصادية المحتملة والضغوط السياسية

على الرغم من تدفق رسوم إضافية قد تصل إلى 52 مليار دولار للخزينة الأمريكية وفقاً لتحليل شركة “كلاركسون للأبحاث”، إلا أن العديد من الشركات تعبر عن مخاوف من أثر هذه الرسوم على تنافسية السوق الأمريكية عالمياً. الأسواق، التي تعاني بالفعل نتيجة فرض رسوم على الألمنيوم والفولاذ، أصبحت أكثر قلقاً مع اقتراب موعد الجولة الثانية من الإجراءات التبادلية في 2 أبريل المقبل.

الهواجس تمتد لقطاع الشحن العالمي أيضًا، حيث وصف خبراء هذه التدابير بأنها “نهاية العالم للتجارة”. ويعكس ذلك حجم الفوضى المتوقعة في حالة الإصرار على تنفيذ هذه السياسات دون تعديلات. ومع ذلك، يراهن بعض المحللين على احتمالية تعديل هذه القرارات نتيجة الضغوط الاقتصادية والسياسية.

التوجهات الجديدة في السياسة الجمركية الأمريكية تمثل اختبارًا كبيرًا لنظام التجارة العالمي، لكن تبعاتها—إيجابية كانت أم سلبية—ستظل مرهونة بمدى قدرة واشنطن على تحقيق توازن بين تعزيز مصالحها الوطنية والالتزام بقواعد المنافسة الدولية.