أسعار النفط تتراجع مع تقييم تأثير الهدنة على الإمدادات الروسية

شهدت أسعار النفط العالمية تراجعًا ملحوظًا، لتنهي بذلك أطول موجة صعود في الأشهر الثلاثة الأخيرة، في أعقاب إعلان أوكرانيا عن هدنة جزئية وتصريحات البيت الأبيض حول اتفاق روسي جديد يهدف لضمان الملاحة الآمنة في البحر الأسود. هذه المستجدات أثارت آمالًا بعودة تدفق النفط الروسي بحرية، إلا أن الأسواق أظهرت تفاعلًا حذرًا حيال هذه الأنباء وسط حالة من الترقب.

تراجع أسعار النفط بعد إعلان الهدنة

انخفضت أسعار خام غرب تكساس الوسيط بمعدل 0.9% خلال تداولات اليوم، قبل أن تعوض جزءًا من خسائرها لتستقر عند هبوط بنسبة 0.2% بسعر 69 دولارًا للبرميل. جاء هذا التراجع في أعقاب إعلان أوكرانيا وقف إطلاق النار، والذي رافقه تصريحات من البيت الأبيض تفيد بالتوصل إلى اتفاق مع روسيا يضمن سلامة النقل البحري في البحر الأسود، بالإضافة إلى الحد من استهداف البنى التحتية للطاقة.

ورغم التوقعات بأن هذه التطورات قد تسهم في استقرار الإمدادات العالمية للخام، يظل التشكيك حاضرًا حول مدى تأثيرها الفعلي في المدى القريب. في الشهر الماضي، وصلت صادرات النفط الروسي لأعلى مستوياتها خلال خمسة أشهر، مما يؤكد اعتماد موسكو العالي على عائداتها النفطية كأحد أهم موارد تمويل عملياتها العسكرية.

كيف ستؤثر الهدنة على النفط الروسي؟

يرى مراقبون أن الهدنة المحتملة بين روسيا وأوكرانيا قد تفتح الباب أمام تخفيف القيود الغربية على قطاع الطاقة الروسي. ومع ذلك، يتوقع الخبراء أن هذا التعافي لن يكون سريعًا أو شاملًا. فرناندو فيريرا، المحلل في “رابيدون إنرجي”، رجّح أن رفع العقوبات المحتمل قد يساهم بتخفيف الضغط المالي الذي تعاني منه روسيا بفعل تكاليف الحرب، ولكن تأثيره على الإمدادات العالمية قد يكون محدودًا.

جدير بالذكر أن الأسواق تصرفت بحذر بعد هذه الأنباء، حيث لم يشهد خام برنت تغيرات كبيرة، في وقت يترقب فيه المستثمرون مزيدًا من البيانات لتقييم جدوى هذه الهدنة وتأثيرها الفعلي.

ترامب وسياساته تجاه النفط الفنزويلي

ساهمت أخبار سابقة عن نية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على مشتري النفط الفنزويلي في تقليل حدة هبوط أسعار النفط. هذه الخطوة المرتقبة قد تعرقل أعمال المصافي في دول رئيسية مثل الصين والهند وأوروبا الغربية، وسط توجيه سياسات صارمة إضافية تجاه صادرات النفط من إيران وفنزويلا.

في المقابل، دفعت هذه العقوبات زيادة التداول على عقود خام برنت الآجلة، وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار المراهنات على صعود الخام إلى أعلى مستوياتها منذ يناير الماضي. وقد أسهمت هذه التوترات التجارية، جنبًا إلى جنب مع سياسات ترامب الاقتصادية، في تفاقم التقلبات التي تشهدها الأسواق مؤخرًا، مع تراجع الخام الأمريكي بنسبة تفوق 10% مقارنة بذروته في مطلع العام.

بهذا السياق، تبقى تطورات سوق النفط محط أنظار العالم في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية، حيث ينتظر المستثمرون تأثير الهدنة بين روسيا وأوكرانيا من جهة، وسياسات ترامب التجارية من جهة أخرى، على الإمدادات والأسعار العالمية.