الصندوق الأسود: سر رفض عمر سليمان التخدير وذهابه للمستشفى مشيًا على قدميه

يكشف كتاب “الصندوق الأسود”، الذي أعده الإعلامي مصطفى بكري، النقاب عن تفاصيل مثيرة من حياة اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية ومدير المخابرات العامة الأسبق. يسلط الكتاب الضوء على مواقفه الحازمة وأهمية حفاظه على أسرار الدولة، حتى في أشد المواقف صعوبة، إضافة إلى تناول علاقات السلطة المعقدة في حقبة الرئيس الأسبق حسني مبارك. من خلال هذا الكتاب، تظهر معالم شخصية وطنية استثنائية تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبارات.

تفاصيل مرض اللواء عمر سليمان كما ورد في “الصندوق الأسود”

يستعرض مصطفى بكري في كتابه محطات لافتة من حياة عمر سليمان، أبرزها مرضه الذي ظل يتعامل معه بحزم وتواضع يظهر مدى انتمائه للدولة. يسرد الكاتب موقفاً فريداً، حين قرر سليمان التوجه إلى المستشفى لإجراء جراحة تسليك للعصب دون التخدير، خشية أن يتراجع في قوله تحت تأثيره. ولم يكن الأمر مجرد موقف طبي، بل رسالة تتحدث عن أمانة رجل حمل أسرار دولة بأكملها ولم يسمح لنفسه بإفشائها حتى في أصعب الأوقات.

كما يعكس الكتاب مواقف سليمان الإنسانية، مثل حرصه الشديد على أموال المخابرات العامة، حيث كان يفضل ركوب تاكسي بقيمة 15 يورو بدلاً من استخدام خيارات النقل الأعلى كلفة. تفاصيل صغيرة من هذه الحياة تكشف عن شخصية استثنائية متفانية، مما يجعله رمزاً حقيقياً من رموز المسؤولية الوطنية.

العلاقة بين عمر سليمان والحكم في حقبة مبارك

يتناول كتاب “الصندوق الأسود” طبيعة العلاقة بين عمر سليمان والنظام الحاكم في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. يكشف مصطفى بكري عن المواقف المختلفة التي مر بها سليمان، مثل المناقشات مع أحمد عز، رجل الأعمال المقرب من النظام حينها، والذي كان يتحدث وكأنه يملك البلاد، مما أثار استياء سليمان العميق. ويوضح الكاتب كيف تعامل سليمان بحنكة عالية مع هذه الأزمات، خصوصاً عندما لجأ مبارك إليه لبحث خطة للخروج في أعقاب تزايد الغضب الشعبي عام 2011.

ويشير الكتاب إلى تقرير خطير قدّمه اللواء سليمان بالتعاون مع هيئة الأمن القومي، مشدداً على أهمية اتخاذ إجراءات استباقية مثل حل مجلس الشعب وتغيير الحكومة لتهدئة الأوضاع. لكن تجاهل هذه النصائح كانت له عواقب وخيمة أدت إلى تصاعد الأحداث وانطلاق الثورة التي غيرت وجه مصر إلى الأبد.

أسرار كتاب “الصندوق الأسود” وأبرز محطاته

جاء كتاب “الصندوق الأسود” وثيقة تاريخية تميط اللثام عن أسرار دقيقة وأحداث متلاحقة شهدتها مصر خلال أوقات عصيبة. من بين هذه المحطات، طرح جماعة الإخوان المسلمين عرضاً على عمر سليمان للترشح للرئاسة، وهو ما تم رفضه بشكل قاطع. كما يروي الكتاب إحدى اللحظات الإنسانية المهمة عندما نصح علاء مبارك والده بترك الحكم عام 2010، خشية أن تتدهور الأمور أكثر.

اعتمد الكاتب أسلوباً سردياً مشوقاً يضم شهادات موثقة تعزز الحقائق المعروضة. ومع تسلسل الأحداث وتوفير خلفيات معمقة، يتحول “الصندوق الأسود” إلى مرجع حيوي للباحثين عن فهم طبيعة العلاقات المعقدة داخل النظام الحاكم خلال هذه الفترة.

في النهاية، يُعد كتاب “الصندوق الأسود” إضافة قيمة للمكتبة السياسية العربية، حيث يكشف عن أحداث وقضايا كانت طي الكتمان، ويثري القارئ بتفاصيل دقيقة تبرز أهمية الدور الذي لعبه عمر سليمان في الحفاظ على استقرار الدولة على الرغم من الأزمات الجسيمة التي مرت بها مصر.