بنك إسرائيل المركزي: تأثير نفقات حرب غزة على الدين العام الإسرائيلي والاقتصاد

تعاني إسرائيل من تداعيات اقتصادية خطيرة بسبب الحرب على قطاع غزة، وفقًا لتقرير حديث أصدره بنك إسرائيل المركزي. وأشار التقرير إلى أن الإنفاق العسكري المرتفع قاد إلى زيادة الدين العام وتأثير سلبي على الإنتاجية والنمو الاقتصادي. وبينما تحاول الحكومة موازنة نفقاتها الحربية والاقتصادية، لا تزال التحديات المالية والمعيشية تلقي بظلالها على مختلف القطاعات.

الحرب على غزة وتأثيراتها على النمو الاقتصادي الإسرائيلي

شهد الاقتصاد الإسرائيلي تراجعًا لافتًا في أدائه خلال عام 2024، مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنحو 0.9% فقط مقارنةً بعام 2023. وأوضح تقرير بنك إسرائيل المركزي أن إنتاجية قطاع الشركات تقلصت بنسبة 0.8%، بسبب النقص الكبير في العمالة، سواء بفعل استدعاء العاملين للخدمة العسكرية أو منع العمالة الفلسطينية من دخول إسرائيل. وبيّن التقرير أن نقص الأيدي العاملة تجاوز انخفاضًا بنسبة 3.4% في قطاع الشركات، مع انخفاض إضافي بنحو 1.5% نتيجة الالتحاق بالخدمة العسكرية.

بالإضافة إلى ذلك، أكد التقرير أن الظروف المالية تدهورت مع تصاعد الدين العام ليصل إلى 67.8% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2024، مقارنة بـ 61.7% في العام السابق، ما أدى إلى زيادة الأعباء على الاقتصاد الإسرائيلي.

التضخم والمخاطر الجيوسياسية في ظل الحرب

رغم أن التضخم العالمي مال إلى الاعتدال خلال العام نفسه، إلا أن إسرائيل شهدت ارتفاعًا في معدل التضخم السنوي ليصل إلى 3.2%، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى التحديات الاقتصادية التي فرضتها الحرب. كما ارتفعت عمولات المخاطر بشكل كبير مع تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسية، وظلت هذه المخاطر مرتفعة حتى مع التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار نهاية العام.

ونوّه التقرير بأن التحسن الاقتصادي كان محدودًا، حيث أظهرت المؤشرات النقدية تحسنًا طفيفًا مؤخرًا، مع انخفاض العائدات على السندات الحكومية وارتفاع قيمة الشيكل. إلا أن العجز في الميزانية ارتفع بشكل حاد إلى 6.8%، مقارنة بـ التوقعات السابقة.

نفقات الحرب وزيادة الدين العام

كشف بنك إسرائيل المركزي أن الحكومة واجهت صعوبة بالغة في موازنة نفقاتها بسبب التحول المفاجئ في أولويات الميزانية لصالح المتطلبات العسكرية. ورغم تعزيز بعض الاتجاهات الاقتصادية، فإن العجز الهيكلي الحكومي بلغ 3.6%، متجاوزًا الالتزامات المالية السابقة، ما يضع الاقتصاد الإسرائيلي على مسار مقلق.

وأشار التقرير أيضًا إلى التغير في سياسة الإنفاق، حيث أدى الاستثمار الكبير في الأمن والحرب إلى تراجع الإنفاق المدني، الذي ظل يستفيد على مدى العقدين الماضيين من استقرار الميزانية دون فرض ضرائب إضافية. ومع استمرار التحديات، أوصى المركزي الإسرائيلي الحكومة باتباع خطة واضحة لتقليص الديون وتحقيق الاستدامة الاقتصادية، إذ أن تأخير التدخل قد يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي.

ختامًا، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي مستقبلاً غامضًا إذا لم يتم اتخاذ خطوات فعّالة لمعالجة الأزمات بالنظر إلى التحديات المتراكمة وتحقيق التوازن بين متطلبات الأمن والتنمية.