في دراسة حديثة أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية، بات من الواضح أن تقليل استخدام الإنترنت عبر الهواتف الذكية يمكن أن يعود بنتائج مذهلة على الصحة العقلية والأداء المعرفي. التجربة التي شملت أكثر من 400 مشارك أظهرت أن تقليل الاتصال الرقمي يحفز تحسينات كبيرة في التركيز والوظائف الإدراكية اليومية، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث في تأثير التكنولوجيا على حياة الإنسان.
تأثير تقليل استخدام الإنترنت على الصحة العقلية
أشارت نتائج الدراسة إلى أن الابتعاد عن الاتصال المستمر بالإنترنت عبر الهواتف الذكية لمدة أسبوعين فقط أسفر عن تحسن كبير في الصحة النفسية. وتمتع المشاركون بقدرات تركيز تضاهي فئة عمرية أصغر بعشر سنوات، وفقًا لما أكدته الاختبارات النفسية والإدراكية التي أجريت عليهم. كما أفاد 90% من المشاركين بتحسن في صحتهم النفسية بشكل عام، وهو تأثير يفوق فاعلية بعض الأدوية المضادة للاكتئاب.
وخلال فترة التجربة، انخفض معدل استخدام الهواتف من 5 ساعات و14 دقيقة يوميًا إلى ساعتين و41 دقيقة فقط، مما أتاح للمشاركين قضاء وقت أطول في أنشطة أخرى مثل ممارسة الرياضة، التفاعل الاجتماعي، واستكشاف الطبيعة.
كيف يعكس تقليل استخدام الإنترنت شيخوخة الدماغ؟
بحسب الباحثين، أدى تخفيض الاعتماد على الإنترنت إلى تقليل الضغوط العقلية المرتبطة بالتدفق المستمر للمعلومات والتداخل الرقمي. هذه الظروف ساهمت في تعزيز الأداء الذهني والتقليل من علامات شيخوخة الدماغ المبكرة، مما يُفسر التحسن الملحوظ في مدى التركيز والذاكرة.
الباحثون أوضحوا أن قضاء وقت أكبر بعيدًا عن الشاشات الرقمية أتاح للمشاركين إعادة التوازن بين حياتهم الرقمية والاجتماعية. وفترة الانقطاع عن الإنترنت لم تخلق تحسنًا إدراكيًا وحسب، بل أثرت إيجابيًا على عوامل أخرى تتعلق بالرفاهية النفسية.
توجهات البحث المستقبلية حول تأثير تقليل التكنولوجيا
تسعى الدراسات المستقبلية لاستكشاف المزيد من التفاصيل حول تأثير تخفيض استخدام تطبيقات محددة، مثل منصات التواصل الاجتماعي، بدلاً من قطع الإنترنت كليًا. كما تهدف الأبحاث إلى قياس أثر تقليل استعمال الأجهزة الأخرى مثل الحواسيب المحمولة أو شاشات التلفاز.
تم تنفيذ الدراسة بتمويل من “مؤسسة مجتمع وادي السيليكون”، المعروفة بدعمها للمبادرات التنموية، ما يعكس الاهتمام العالمي المتزايد بآثار التكنولوجيا على الإنسان. علماء الدراسة يطمحون أيضًا إلى تصميم حلول عملية يمكن استخدامها لتحسين الحياة اليومية عبر تقليل التداخل الرقمي المستمر.
تظل هذه النتائج تذكيرًا بأهمية التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والحفاظ على صحة الإنسان النفسية والعقلية، مع فتح المجال أمام مزيد من النقاش حول كيفية تحسين جودة حياتنا في عصر الاتصال الرقمي.