مشاعر الأم وتأثيرها العميق على العقل الباطن للطفل أثناء الحمل

تشير الدراسات الحديثة إلى أن مشاعر الأم خلال فترة الحمل تلعب دورًا محوريًا في تشكيل العقل الباطن للطفل، ليصبح الحمل مرحلة تمتد آثارها إلى ما بعد الولادة. إذ تظهر الأبحاث أن حوالي 40% من الأنماط النفسية للطفل تتبلور داخل الرحم بفضل تأثير البيئة العاطفية للأم. نقدم في هذا التقرير أهم ما توصلت إليه الأبحاث حول التأثيرات النفسية للحمل على الطفل قبل الولادة.

تأثير الحمل على العقل الباطن للطفل

بحسب المتخصصة في طب التوليد، الدكتورة مونيكا سينج شوبها، فإن المشاعر التي تختبرها الأم أثناء الحمل لا تُعتبر مجرد أحاسيس عابرة، بل تترك بصمتها على الطفل من خلال عملية تُعرف بـ”الترميز العاطفي”. تشير الأبحاث إلى أن الطفل يبدأ التعلم عن الأمان والحب وحتى الخوف بدءًا من وجوده في رحم الأم.

تُظهر الإحصائيات أن جانبًا كبيرًا من الأنماط اللاواعية التي تحدد شخصية الطفل وأسلوب تعاطيه مع البيئة المحيطة به يتشكل في الشهور التسعة داخل الرحم. ومع ذلك، تلعب عواطف الأم ومعتقداتها وحتى الظروف المحيطة، دورًا أساسيًا في تحديد طبيعة هذه الأنماط.

المشاعر وتأثيرها البيوكيميائي على الطفل

المشاعر ليست مجرد حالة نفسية، بل إنها إشارات كيميائية حيوية تؤثر فعليًا على الجسم، بما في ذلك جسم الجنين. توضح الدكتورة مونيكا أن عواطف الأم تنتقل إلى الجنين عبر المشيمة من خلال هرمونات مثل الكورتيزول. على سبيل المثال، إذا كانت الأم تعاني من التوتر المستمر، فإن هذه الهرمونات يمكن أن تؤثر على صحة الطفل النفسية والجسدية.

أما بالنسبة للأمهات اللواتي يتمتعن بحالة نفسية مستقرة، فإن الجسم يفرز هرمونات إيجابية تساهم في تعزيز التطور الصحي للجنين. ولذا فإن الحمل ليس مجرد عملية بيولوجية، بل هو أيضًا عملية تواصل عاطفي بين الأم والطفل.

الآثار طويلة المدى للمشاعر والصدمات

تؤكد نتائج العديد من الدراسات، مثل تجربة الطفولة السلبية (ACE)، أن الصدمات العاطفية التي يمر بها الطفل، سواء أثناء الحمل أو خلال السنوات الأولى من حياته، قد تؤثر على تطوير الدماغ وتنظيم العواطف. هذه التأثيرات قد تظهر على هيئة انفصال عاطفي، قلق مفرط، أو حتى تبني سلوكيات محفوفة بالمخاطر مستقبلاً.

يُعتقد أن السنوات الأولى وحتى وصول الطفل إلى عمر السابعة أو الثامنة، تُعد بمثابة نافذة فريدة يمكن خلالها بناء بنية عاطفية صحية تدوم لسنوات. لذلك، يُعتبر دور الأم عنصرًا رئيسيًا لضمان نمو نفسي سليم للطفل.

### خاتمة
إن مرحلة الحمل لا تقتصر على النمو الجسدي فقط، بل تحمل في طياتها الكثير من التحولات النفسية والعاطفية التي قد تُؤسس لحياة الطفل المقبلة. فهم هذه المرحلة وتوفير البيئات العاطفية الصحية للأمهات قد يُسهم في تقليل الصدمات طويلة الأمد وتعزيز الصحة العامة للأجيال القادمة.