كفارة السعودية: هل دفعت المملكة 1.6 مليار ريال بسبب خطأ رؤية العيد؟

تداولت العديد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية مزاعم تشير إلى أن المملكة العربية السعودية دفعت كفارة مالية بلغت 1.6 مليار ريال نتيجة خطأ في رصد هلال عيد الفطر، مما أدى إلى إعلان بداية شهر شوال بشكل غير صحيح. وبينما انتشر الخبر كالنار في الهشيم، تباينت ردود الفعل بين التصديق والتشكيك، خاصة أن الواقعة تعيد إلى الأذهان قصصًا مشابهة استُدعيت من الماضي.

كفارة السعودية وخطأ رصد هلال عيد الفطر

بدأت الشائعات في الانتشار عبر منصات التواصل الاجتماعي بأن المملكة تشهد واقعة مشابهة لعام 2011 عندما ارتُكب خطأ في رؤية الهلال وأدى إلى الإفطار غير الصحيح. في هذا الإطار، تداول البعض أن المملكة دفعت كفارة مالية عن هذا الخطأ تقدّر بمليار وستة ملايين ريال.

المزاعم لم تقف عند هذا الحد، بل ادعى آخرون أن الخطأ يعود إلى رصد كوكب زحل بدلًا من هلال شوال. وعلى الرغم من انتشار هذه الأخبار، إلا أن بعض المستخدمين أكدوا أن هذه القصة تتكرر سنويًا دون أي أساس حقيقي لها، مشيرين إلى أن تصحيح الخطأ الديني يتطلب قضاء اليوم فحسب، وليس دفع كفارة مالية عن الجميع.

وقائع تاريخية تدحض المزاعم

للوقوف على حقيقة الأمر، تُرجع الأوساط الإعلامية الشائعات إلى واقعة قديمة سُجلت في عام 1404 هـ (1984م)، عندما أعلنت الجهات السعودية عن خطأ أوقع المملكة في صيام 28 يومًا بدلًا من الـ29 المفروضة لشهر رمضان. حينها، طالبت الجهات الرسمية المسلمين بإكمال يوم إضافي لتعويض الخطأ وضمان إتمام الشهر.

وأكدت وزارة العدل حينها أن القاعدة الشرعية تقضي بقضاء اليوم الناقص تحقيقًا للسنة النبوية، وهو الأمر الذي ينسجم مع الفقه الإسلامي ولا يتيح أي أساس لفكرة الكفارة عن خطأ الصيام. كذلك، يستند ذلك إلى حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “الشهر هكذا وهكذا وهكذا”، في إشارة إلى أن الأشهر القمرية تُحسم بـ29 أو 30 يومًا.

هل دفع كفارة عن المواطنين أمر وارد؟

ما يعزز عدم صحة هذه الشائعة هو أن دفع الكفارة الجماعية ينافي الشريعة الإسلامية. الأحكام الفقهية تتطلب القضاء من المكلّف نفسه أو دفع كفارة عندما يكون غير قادر على الصيام. وعليه، فإن أي دعوى بفرض كفارة جماعية تفتقر إلى أساس شرعي.

وبالنظر إلى تكرر تداول هذه المزاعم في العديد من السنوات السابقة بمعطيات مشابهة، فإن الأمر يُعزى غالبًا إلى التكهنات. ورغم ذلك، يظل التحقق من صحة الروايات المتداولة عبر المصادر الموثوقة ضرورة لضمان استقاء الأخبار بمهنية ودقة.

بات من الواضح أن هذه الواقعة مجرد إشاعة موسمية، تستهدف إثارة الجدل وتداول الشائعات بعيدًا عن الأدلة الموثوقة أو التصريحات الرسمية.