مصر والكويت: شراكة عربية نموذجية وعلاقات راسخة تزداد قوة ونموا

تكتسب العلاقات المصرية الكويتية أبعادًا استراتيجية متجددة، تبرز من خلال الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى بين البلدين، التي تُلقي الضوء على التاريخ المشترك والشراكة الفاعلة في مختلف المجالات. وبينما يحل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضيفًا على الكويت في زيارة رسمية، فإن هذا اللقاء يعكس التزام الطرفين بتعزيز أواصر التعاون التاريخي المتين، الذي يمتد لعقود طويلة من التضامن والمساندة في المحافل الدولية والإقليمية.

العلاقات المصرية الكويتية: نموذج للتضامن العربي

منذ استقلال الكويت في عام 1961، كانت مصر في طليعة الدول التي دعمت هذا الاستقلال ووقفت إلى جانب الكويت في مختلف المحطات التاريخية. ولعل أبرز هذه المحطات تمثل في الموقف المصري الداعم للشعب الكويتي أثناء الغزو العراقي عام 1990. حينها، لم تكتفِ مصر بالتعبير عن الرفض السياسي للغزو، بل شاركت بقوة في تحالف “عاصفة الصحراء”، والذي أعاد للكويت حريتها وسيادتها.

وعلى الجانب الآخر، لم تتوانَ الكويت عن مد يد العون لمصر في أزماتها، خاصة حربي 1967 و1973، حيث قدمت دعمًا سياسيًا وماديًا يعكس قوة العلاقات بين البلدين. يبلغ حجم الاستثمارات الكويتية في مصر نحو 20 مليار دولار، ما يجعل الكويت ثالث أكبر شريك عربي اقتصاديًا لمصر، ويضاف إلى ذلك مساهمات الصندوق الكويتي للتنمية في تطوير مشاريع البنية التحتية المصرية.

زيارات رفيعة المستوى: توثيق التعاون المصري الكويتي

شهدت السنوات الأخيرة تطورات بارزة في العلاقات بين البلدين، كان أبرزها زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد إلى مصر في أبريل 2024، وهي الزيارة الأولى له منذ توليه الحكم. من بين محطات هذه الزيارة، تقلّد الشيخ مشعل “قلادة النيل”، وهي أرفع الأوسمة المصرية، تقديرًا لدوره في تعزيز التعاون المشترك.

وفي تطور إضافي يعكس عمق العلاقة، انعقدت الدورة الثالثة عشرة للجنة المشتركة المصرية الكويتية بالقاهرة في سبتمبر الماضي. أسفرت الاجتماعات عن توقيع عشر مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية تغطي مجالات متعددة مثل السياحة، الشباب، الإسكان، والإعلام. تلك الاتفاقيات تمهد الطريق لتعاون أكبر يهدف إلى تحقيق المصالح المشتركة للبلدين.

التكامل الثقافي والاقتصادي بين مصر والكويت

لم تقتصر العلاقات بين مصر والكويت على الجانب السياسي فحسب، بل امتدت لتشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية. تعد الكويت من أبرز الداعمين اقتصاديًا لمصر، حيث تسهم بنسبة 25% من مشروعات الصندوق الكويتي في تمويل المشروعات المصرية الكبرى، مثل محطات الكهرباء ومشروعات استصلاح الأراضي.

وفي الجانب الثقافي، شكلت مجلة “العربي” الكويتية مثالاً على التفاعل الثقافي المثمر بين البلدين، حيث لعبت دورًا بارزًا في مسيرة الإعلام العربي. كما أن العلاقات الفنية بين الشعبين أضافت بُعدًا إنسانيًا يكرس قيم التآلف بينهما.

بهذه الرؤية المتكاملة، تؤكد العلاقة المصرية الكويتية قوتها من خلال تضافر جهود البلدين لتحقيق تطلعات شعبيهما في التعاون والتنمية، لتبقى نموذجًا يُحتذى به في العلاقات العربية-العربية.