تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم بـ«ثلاثاء البصخة»، وهو أحد أبرز أيام أسبوع الآلام الذي يسبق عيد القيامة المجيد. يشهد هذا اليوم تركيزًا على التأمل الروحي العميق في مسيرة آلام السيد المسيح، وسط أجواء تسودها الخشوع والصمت، حيث لا تُقام فيه صلوات القداس أو طقوس جنائزية مهما كانت الأسباب، باستثناء تلاوة القراءات المناسبة. يعكس هذا اليوم معانٍ لاهوتية وروحية مهمة ترتكز على الإيمان الحقيقي والاستعداد ليوم القيامة.
شجرة التين اليابسة والإيمان الحقيقي في ثلاثاء البصخة
على خط سيره مع تلاميذه، مرَّ المسيح بشجرة التين التي لعنها في اليوم السابق، ليجدوها قد يبست من جذورها. مثلت هذه الشجرة رمزًا عميقًا لرفض الرياء الديني، إذ بدت نضرة من الخارج ولكن بلا ثمر. ومن خلال هذا المشهد، قدّم السيد المسيح دروسًا عن أهمية الإيمان العملي الصادق الذي يمتلك القوة لتحريك الجبال. استحوذ هذا المشهد على انتباه التلاميذ، موضحًا أن الإيمان لا يعتمد على المظاهر، بل على الجوهر.
تعليم المسيح في الهيكل: الدينونة ويوم المجيء الثاني
قضى المسيح معظم يومه في الهيكل، حيث ألقى سلسلة تعاليم مليئة بالحكمة عن الدينونة والمجيء الثاني. عبر استخدام أمثال مثل “الكرامين الأشرار” و”عرس ابن الملك”، سلّط الضوء على أهمية البقاء في حالة يقظة روحانية وضرورة الاستعداد للأبدية. ولعل أكثر الأمور التي أثارت جدلًا في هذا اليوم هي مواجهة المسيح لأسئلة الفريسيين والصدوقيين الذين سعوا للإيقاع به عبر تساؤلات تتعلق بالسلطان الإلهي. لكن إجابات المسيح الحكيمة وضعتهم في حرج كبير وكشفت نواياهم الحقيقية.
علامات نهاية الزمان في ثلاثاء البصخة
بعد مغادرة الهيكل، وجّه السيد المسيح أنظار تلاميذه نحو المستقبل من فوق جبل الزيتون، إذ تحدث عن خراب الهيكل ودمار أورشليم، مشيرًا لعلامات نهاية الزمان من خلال أمثال مثل “العذارى الحكيمات”. كانت رسالته واضحة للتلاميذ: على المؤمنين الاستعداد الروحي الدائم. وفي نهاية اليوم، توجه المسيح إلى بيت عنيا، حيث بدأت المؤامرات ضده من رؤساء الكهنة والكتبة الذين خططوا للقبض عليه.
من خلال أحداث «ثلاثاء البصخة» تقدم الكنيسة فرصة للتأمل في قيمة الإيمان الصادق والاستعداد ليوم القيامة، ما يجعل هذا الأسبوع رمزًا للخلود والقدسية في نفوس المؤمنين.