الصين توقف استيراد الغاز الأمريكي تمامًا وتوجه ضربة قاسية للطاقة بأمريكا

في تصعيد جديد للمواجهة الاقتصادية بين واشنطن وبكين، قررت الصين تعليق استيراد الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بالكامل لمدة 10 أسابيع، مما يشكل ضربة قوية لصناعة الطاقة الأمريكية. يأتي هذا القرار وسط تصاعد التوترات التجارية بين البلدين، ما يعيد رسم خريطة تدفق الطاقة عالمياً، ويفتح الباب أمام تعزيز الشراكات بين الصين وموردي الغاز الآخرين مثل روسيا وأستراليا وقطر.

الصين توقف استيراد الغاز الأمريكي: الأسباب والتداعيات

شهدت الأشهر الأخيرة توقفاً كاملاً في واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، حيث أشارت بيانات الشحن إلى أن آخر شحنة وصلت الصين في 6 فبراير الماضي، بينما تم تحويل شحنة ثانية كانت في طريقها إلى بنغلاديش لتفادي التعريفات الجمركية. وقد ارتفعت الرسوم الجمركية على واردات الغاز الأمريكي من 15% إلى 49% بشكل مفاجئ، ما جعل هذه الواردات غير مربحة بالنسبة إلى الجانب الصيني.

وفقاً للإحصاءات، انخفضت حصة الغاز الأمريكي في السوق الصينية بصورة حادة، لتتراجع من 11% إلى 6% فقط. وبالتزامن، أصبحت روسيا ثالث أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للصين بعد كل من أستراليا وقطر. هذا التغيير يهدد 13 عقداً طويل الأمد وقعتهم شركات الغاز الأمريكية مع الصين، وسط تصعيد مستمر من التوترات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين.

تعزيز التحالف الصيني الروسي في قطاع الطاقة

في ظل تراجع واردات الصين من الغاز الأمريكي، تسعى بكين إلى توثيق شراكاتها مع موسكو لتوفير احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. وذكر السفير الصيني في روسيا أن “طلبات الشراء الروسي في تزايد مستمر”، مؤكداً وجود مفاوضات نشطة حول مشروع “خط أنابيب سيبيريا 2”. هذا التوجه يعكس استراتيجيات الصين الهادفة إلى تنويع مصادرها من الغاز الطبيعي، مع تفضيلها التعامل مع موردين موثوقين على المدى الطويل.

من الجدير بالذكر أن روسيا تخطط لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين، مما يعزز التحالف الروسي-الصيني في مواجهة الضغوط الاقتصادية الأمريكية. وهذا التحالف قد يدفع بالصناعة العالمية إلى إعادة ترتيب خريطة أسواق الغاز.

تحديات الأثر الاقتصادي على صناعة الغاز الأمريكية

قرار الصين بوقف الواردات الأمريكية يحمل تداعيات خطيرة على صناعة الغاز الأمريكية، التي قد تخسر مليارات الدولارات نتيجة لهذا التوجه. ويشير خبراء الطاقة إلى أن هذا القرار قد يؤدي إلى تأجيل مشاريع تطوير لخطط الغاز المسال الأمريكية، التي تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات. كما قد يؤثر تراجع الطلب الصيني على انخفاض أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية، ما قد يزيد الضغوط على الشركات الأمريكية.

في ظل هذه الأزمة المتفاقمة، يبدو أن مستقبل تجارة الغاز الطبيعي يشهد مرحلة تحول خطيرة قد تعيد صياغة موازين القوى في هذا القطاع الحيوي. تشكل هذه التطورات اختباراً حقيقياً للقدرة الأمريكية على الحفاظ على موقعها كمصدر رئيسي للطاقة في الأسواق العالمية.