اكتشف السحر: دور الحكاية الشعبية في تشكيل وجدان العرب بمعرض الرباط للكتاب

تشكل الحكايات الشعبية جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي العربي، حيث تمثل جسرًا يمتد عبر الزمن والمكان لنقل القيم والمعارف للأجيال القادمة. في جلسة ثقافية أقيمت على هامش فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، تم تسليط الضوء على دور الحكايات الشعبية في تشكيل الوجدان العربي، بمشاركة باحثين من المغرب والإمارات، مؤكدين على أهمية الحكاية كجزء من الهوية الثقافية العربية.

الحكايات الشعبية: هوية ثقافية عربية ممتدة عبر الزمن

تعد الحكايات الشعبية مرآة تعكس تجارب الإنسان العربي مع محيطه، حيث وصف الباحث سعيد يقطين الحكاية بأنها أكثر من مجرد قصص تروى للتسلية؛ إذ تحمل سجلّا للذاكرة الجماعية، موضحًا أن البساطة والصدق هما عناصر القوة في الحكاية، مما ساعدها على الانتشار عبر الأجيال والثقافات المختلفة. أمثلة على ذلك شخصية “جحا” التي تأخذ صورًا متنوعة في الموروث الثقافي، وكذلك الحكايات المستمدة من التغريبة الهلالية والتي تحمل رمزية كبيرة في التاريخ الثقافي العربي.

الحكايات الشعبية كوسيلة لنقل المعرفة والقيم

تلعب الحكايات الشعبية دورًا بارزًا في غرس القيم ونقل المعرفة في المجتمعات التقليدية، حيث تعتمد على أساليب قصصية شيقة تستند إلى شخصيات رمزية مثل “هارون الرشيد” أو “الجازية الهلالية”. الباحث سعيد يقطين أوضح أن التراث الشفاهي العربي أسهم في تشكيل هوية المجتمع من خلال قصص مستوحاة من الحياة الواقعية، لكنها تحمل أبعادًا خيالية تسهم في تعزيز دور الحكاية كوسيلة تعليمية وترفيهية في آن واحد. في هذا السياق، تبقى الحكايات الشعبية وسيلة مثلى لفهم الآخرين وتحقيق التواصل الثقافي بين المجتمعات المختلفة.

الحكايات الشعبية والجسر الثقافي بين مشرق ومغرب العالم العربي

من جانبها، تطرقت الكاتبة الإماراتية شيخة الجابري إلى دور المرأة في حفظ ونقل الحكايات الشعبية عبر العصور، مؤكدة على أن المرأة كانت ولا تزال حاملة للتراث والهوية الثقافية. أشارت الجابري إلى تشابه المفردات المستخدمة في وصف الحكايات الشعبية بين المشرق والمغرب، مثل مصطلحي “الخروفة” و”الخراريف” المستخدمين في الإمارات والمغرب على التوالي. وضربت مثالاً على قصة “سندريلا” التي تظهر بأسماء محلية مثل “البديحة” و”سميكتي”، مما يؤكد كونية الحكايات لكنها بروح محلية تمجد ثقافات الشعوب.

ختامًا، الحكايات الشعبية تبقى أحد أهم الركائز التي تسهم في توطيد الروابط بين أجزاء العالم العربي، حيث تقدم للأجيال الحاضرة مفاتيح لفهم هويتهم الثقافية واستيعاب العالم من حولهم بروح مشتركة من الأصالة والخيال.