سر التلوين: تلوين البيض في شم النسيم عادة فرعونية ترمز للفرح والانتصار

تُعد عادة تلوين البيض في عيد شم النسيم إحدى التقاليد الثقافية العريقة التي أثرت في التاريخ المصري عبر العصور. تعود أصول هذا الطقس إلى الحضارة الفرعونية، حيث كان يمثل رمزًا للتجدد والحياة؛ مرورًا بالفترات التاريخية التي أضافت أبعادًا جديدة لمعناه وصولاً للعصر الحديث، مما جعله جزءًا لا يتجزأ من الاحتفال بهذا العيد الشعبي.

التقاليد الفرعونية وأصل تلوين البيض في شم النسيم

ارتبطت عادة تلوين البيض باحتفالات المصريين القدماء بشم النسيم كجزء من طقوسهم المقدسة. أظهرت النقوش والبرديات كيف كان البيض يُعرف في اللغة الهيروغليفية بكلمة “سوحت” وهي التي تشير إلى التجدد واستمرار دورة الحياة. المصريون القدماء كانوا يزينون البيض برسومات تحمل الأمنيات السعيدة، ويضعونه في سلال من سعف النخيل الأخضر ويعلقونه على الأشجار لإضفاء الأمل والخير على احتفالاتهم، وكان ذلك ضمن مراسم رمزية مقدسة تشمل مائدة الفسيخ والخس والبصل الأخضر التي طالما ارتبطت بعقائد الفراعنة في تقدير الطبيعة وعطاياها.

تحول تلوين البيض إلى طقس شعبي عبر العصور

استمر طقس تلوين البيض مع مرور الزمن، لكنه أخذ أبعادًا شعبية مختلفة في فترات لاحقة، خاصة بعد العصر الإسلامي، إذ ارتبط بأحداث تاريخية جعلته رمزًا للانتصارات والبهجة. أثناء مرور الصليبيين المنهزمين عبر دمياط خلال شم النسيم، ألهمت أعلامهم الملونة أهالي المدينة لتلوين البيض بنفس الألوان (الأحمر، الأخضر، الأزرق)، وحملوه عاليًا كرمز للفرح والانتصار؛ ومنذ ذلك الحين صار تقليد التلوين نسخة تحاكي تلك الروح العامة التي تجمع بين الثقافة الفرعونية وروح الاحتفال الشعبي.

أهمية عادة تلوين البيض في وقتنا الحاضر

لا يزال طقس تلوين البيض جزءًا مهمًا من الاحتفال بشم النسيم اليوم، حيث يعكس هذا العيد مفهوم الحياة والبهجة. الأطفال والكبار يشاركون في تزيين البيض بألوان زاهية، ورسم أشكال متنوعة تعبر عن أمانيهم، مما يعزز تزكية الروابط الاجتماعية والأُسرية في يوم يحتفى فيه الجميع بالتجدد والطبيعة. كما أن اختيار البيض في هذا السياق يعكس رسالة رمزية تتعلق بقدسية دورة الحياة، واستمرارها عبر الأجيال، مما يجعل شم النسيم احتفالًا يحمل تراثًا تاريخيًا يعزز قيم المحبة والتفاؤل.