التوقيت الصيفي يعود لمصر: رحلة تاريخية بدأت مع عبدالناصر تتجدد 2025

التوقيت الصيفي في مصر هو إجراء يمتد تاريخه لأكثر من سبعة عقود، حيث بدأ تطبيقه لأول مرة لدوافع اقتصادية ترتبط بأوقات الأزمات وتوفير الطاقة. ومع قرب انطلاق العمل بالتوقيت الصيفي لعام 2025، تُجدد هذه الخطوة النقاشات حول فعاليته بين مؤيد ومعارض، ما يعكس أبعاده الاقتصادية والاجتماعية في مصر.

بداية التوقيت الصيفي في مصر

بدأت تجربة التوقيت الصيفي في مصر لأول مرة عام 1945 خلال فترة حكومة محمود فهمي النقراشي، حيث جاءت استجابة للظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها الحرب العالمية الثانية وارتفاع أسعار الوقود. الهدف آنذاك كان الاستفادة من إطالة ساعات ضوء النهار للتقليل من استهلاك الوقود. تباين العمل بهذا النظام في مصر عبر مراحل تاريخية طويلة، حيث ألغاه الملك فاروق بعدها بعام، وظل العمل بالتوقيت الشتوي حتى أعاد الرئيس جمال عبد الناصر تطبيقه عام 1957. من حينها، استمر التغيير بين الإلغاء وإعادة العمل بالتوقيت الصيفي، مرورًا بفترات رئاسة أنور السادات وحسني مبارك، وصولًا لتجميده نهائيًا عام 2015 بعد أزمة الكهرباء التي كانت قد أعادت تطبيقه لفترة وجيزة عام 2014.

عودة العمل بالتوقيت الصيفي 2023

أعاد مجلس الوزراء المصري العمل بالتوقيت الصيفي بموجب القانون رقم 24 لسنة 2023. بدأ تطبيقه من مساء الجمعة الأخيرة من أبريل، ليستمر حتى آخر خميس من شهر أكتوبر سنويًا. وهذا يعود لضرورات اقتصادية تهدف إلى تقليل استهلاك الطاقة وتحسين الإنتاجية، مع تحديد موعد تطبيق التوقيت الصيفي لعام 2025 في منتصف ليلة الخميس 24 أبريل ليصبح الوقت 1 صباحًا بدلًا من 12 منتصف الليل، ويستمر حتى 30 أكتوبر من نفس العام. يجسد هذا القرار مواكبة مصر لتوجهات عالمية مشابهة تهدف لتوفير الطاقة واستغلال ضوء النهار لأقصى حد ممكن.

التوقيت الصيفي في العالم وتجارب الدول

تاريخيًا، كان التوقيت الصيفي نهجًا عالميًا، حيث تبنته الولايات المتحدة عام 1918، ويستمر العمل به حتى الآن باستثناء ولايات مثل أريزونا وهاواي. أما في أوروبا، فكانت معظم الدول تستخدم التوقيت الصيفي، لكن الاتحاد الأوروبي قرر عام 2019 منح الحرية للدول الأعضاء لاختيار النظام الذي يناسبهم بدءًا من 2021. على الجانب الآخر، روسيا تخلت عنه كليًا في عام 2011 بسبب تأثيره السلبي على صحة السكان. اليابان أيضًا لم تعد لتطبيقه منذ الحرب العالمية الثانية، رغم وجود بعض الدعوات الداخلية لإعادة النظر في القرار.

لا تزال النقاشات حول التوقيت الصيفي قائمة في مصر والعالم؛ ففي الوقت الذي يُؤيد البعض التوقيت الصيفي كوسيلة استراتيجية لتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة وزيادة الإنتاجية في قطاعات مختلفة، يرى معارضون أنه إجراء يسبب إرهاقًا للمواطنين ولا يقدم فوائد ملموسة على نطاق واسع. يبدو أن العلاقة بين الإنسان والوقت ستظل دائمًا قابلة للنقاش ومحطًّا للتطوير، مع مواصلة الدول البحث عن أفضل السبل لاستثماره.