«السلاح النووي» الباكستاني: قصة برنامج الردع الذي واجه تهديد الهند وإسرائيل

باكستان، الدولة التي ظهرت على الخارطة النووية منذ نهاية القرن العشرين، تمثل واحدة من أبرز القوى النووية في العالم، حيث تحتل المرتبة السابعة بمخزون يُتوقع أن يصل إلى 170 رأساً نووياً بحلول عام 2025. يتمتع برنامجها النووي ببنية تحتية متطورة تتيح لها تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم، وسط التحديات الجيوسياسية مع الهند وخاصة بشأن ملف كشمير الذي عزز من تمسكها بمبدأ الردع النووي.

النشأة التاريخية للبرنامج النووي الباكستاني

بدأت قصة البرنامج النووي الباكستاني في خمسينيات القرن الماضي بتوجه للاستخدام السلمي للطاقة الذرية ضمن إطار المبادرة الأمريكية “الذرة من أجل السلام”. دعمت الولايات المتحدة المشروع بتمويل مفاعل بحثي صغير وتوفير المواد الانشطارية، بالإضافة إلى برامج تدريبية للعلماء الباكستانيين. عام 1971، ومع صدمة الخسارة العسكرية ضد الهند وانفصال بنغلاديش، قرر رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو تطوير سلاح نووي دفاعي. تأسست العديد من منشآت البحث والتطوير ومنها مختبرات كاهوتا، التي كان لها دور رئيسي في تخصيب اليورانيوم بمعدل متسارع خلال السبعينيات.

جهود تخصيب اليورانيوم وتطوير البلوتونيوم

تسارعت مساعي باكستان النووية بعد أول تفجير نووي هندي في عام 1974. قدم العالم النووي عبد القدير خان، بعد عمله في منشآت أوروبية، خبرات فنية مهمة ساهمت في تطوير أجهزة الطرد المركزي في مختبرات كاهوتا. بحلول الثمانينيات، باتت باكستان قادرة على إنتاج اليورانيوم المخصب بنسب عالية، وأجرت أول تجربة باردة لجهاز نووي. كما ساهم التعاون مع الصين بشكل كبير في بناء مفاعلات البلوتونيوم ومرافق إنتاج الوقود النووي، ما عزز قدرات باكستان التسليحية بشكل كبير.

التجارب النووية وتحقيق الردع العسكري

في مايو 1998، دخلت باكستان رسميًا نادي الدول النووية بعد إجراء 6 تجارب نووية، جاءت كرد فوري على تجارب نووية هندية سابقة. أكدت الحكومة الباكستانية حينها أن التجارب تهدف إلى تحقيق مصداقية في مجال الردع النووي أمام التهديدات الهندية. منذ ذلك الحين، طورت باكستان منظومات صاروخية متنوعة قادرة على حمل رؤوس نووية قصيرة، متوسطة، وبعيدة المدى، وصممت برامج للتسليح النووي التكتيكي لصد أي عمليات عسكرية تقليدية واسعة النطاق.

العقيدة النووية والموقف الدولي

ترتكز العقيدة الباكستانية على مبدأي الردع الدفاعي والامتناع عن الهجمات الاستباقية، إلا أن المسؤولين يؤكدون أن الردع يعتمد على تعزيز الترسانة النووية لمواجهة زيادة قوة الأعداء. لكن برنامجها النووي أثار قلقاً عالمياً، خصوصاً بعد اتهام عبد القدير خان ببيع تكنولوجيا نووية لدول أخرى. رغم العقوبات الدولية التي فرضتها دول غربية، استمرت الصين في دعم باكستان، مما ساهم في تطوير بنيتها النووية المدنية والعسكرية.

يبقى السلاح النووي من أهم ركائز الإستراتيجية الدفاعية الباكستانية، في ظل التوترات الإقليمية مع الهند المستمرة منذ عقود، ما يجعلها تسعى دائماً لتطوير ترسانتها للحفاظ على تفوقها الردعي.