ملتمس الرقابة: هل تفلح المعارضة في إسقاط الحكومة بعد فشل تقصي الحقائق؟

وسط الأجواء السياسية الحاضرة، تجددت ساحة النقاش مع إعادة المعارضة البرلمانية المغربية طرح ملتمس الرقابة ضد حكومة عزيز أخنوش. هذه الخطوة تمثل تحديًا سياسيًا واضحًا، إذ تسعى المعارضة للإطاحة بالحكومة الحالية، رغم أن التاريخ السياسي الحديث يبرز صعوبة تحقيق توافق برلماني كاف لدعم مثل هذا الملتمس، ما يجعل التساؤلات تتجدد حول قدرة المعارضة على تحقيق اختراقات سياسية مهمة.

ملتمس الرقابة: مفهومه وآلياته في الدستور المغربي

ملتمس الرقابة يعد من أبرز الآليات التي يتيحها الدستور المغربي لمراقبة عمل الحكومة والتعبير عن عدم الرضا عن أدائها. يحتاج هذا الإجراء إلى دعم خُمس أعضاء مجلس النواب كحد أدنى، ما يعني ضرورة جمع توقيعات 79 نائبًا؛ وفي الوقت نفسه، لإقرار الملتمس، يجب أن يصوت عليه أغلبية النواب بحصوله على 198 صوتًا من أصل 395. هذه الشروط تعكس حرص المشرع على جعل مثل هذه الخطوة السياسية مرهونة بجمع توافق وطني، خاصة أن الدستور يمنح رئيس الحكومة الحق في طلب حل البرلمان كإجراء معاكس إذا دعت الضرورة السياسية لذلك.

المعارضة البرلمانية والتحدي الرقمي لحشد النواب

المعارضة المغربية اليوم تواجه تحديًا حقيقيًا في التوفيق بين الحسابات السياسية والحشد القانوني لتحقيق هدفها بإسقاط الحكومة. رغم أن حزب الاتحاد الاشتراكي كان السباق في طرح فكرة ملتمس الرقابة العام الماضي، إلا أنه افتقر وقتها لدعم كافٍ ليس فقط من الأغلبية، بل حتى من المعارضة ذاتها. التحركات الحالية لا تختلف كثيرًا عن سابقتها، مع استمرار ضعف التنسيق بين أطياف المعارضة مثل الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، ما يجعل من الصعب الوصول إلى النصاب الكافي للشروع الجدي في تنفيذ الملتمس.

تأثير التحركات السياسية الحالية على الانتخابات المقبلة

في سياق متصل، تشهد الساحة السياسية استعدادات مبكرة للانتخابات التشريعية المرتقبة في 2026، حيث بدأت الأحزاب السياسية ترسم ملامح خططها المستقبلية والمواقف التي قد تُحسن من فرصها في استقطاب الناخبين. الحكومة الحالية من جانبها تحاول الحفاظ على استقرارها عبر تفعيل مشاريع تنموية تعزز من شعبيتها، بينما تستمر المعارضة في توظيف كافة الأدوات المتاحة إعلاميًا وسياسيًا لتقويض شرعية التحالف الحكومي. يضاف إلى ذلك أن التنافس بين الأحزاب بدأ يأخذ منحنى أكثر حدّة، مع سعي المعارضة لتعزيز تموقعها كخيار بديل، بينما يسعى التحالف الحالي لإظهار قوة التماسك والإنجازات الحكومية.

في النهاية، سواء نجحت المعارضة في تحريك ملتمس الرقابة أو اكتفت بمناورات إعلامية، يبقى التحدي الأكبر هو قدرة الفاعلين السياسيين على تقديم برامج واقعية وملموسة للمواطنين، في ظل تشكّل أجواء سياسية تزداد سخونة مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة.