هل إدارة ترامب تعيد تشكيل الجيش الأمريكي لخدمة أجندتها السياسية؟

تُعتبر استقلالية الجيش الأمريكي من أبرز أركان النظام السياسي في الولايات المتحدة، حيث تتسم المؤسسة العسكرية بحيادها وبعدها عن التجاذبات السياسية والحزبية. ومع ذلك، أثار قرار وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث بفصل نسبة كبيرة من قادة الجيش جدلاً واسعاً داخل أروقة الكونغرس وبين المحللين السياسيين، مما أعاد للنقاش أهمية الحفاظ على استقلالية البنتاغون في ظل إدارات تسعى لتسييس المؤسسات.

هل تحاول إدارة ترامب السيطرة على وزارة الدفاع؟

يواجه قرار وزير الدفاع بيت هيجسيث بفصل 20% من قادة الحرس الوطني وبعض القادة في فروع الجيش الأخرى اتهامات بمحاولة كسب ولاء الجيش لصالح البيت الأبيض. يشير الدكتور مهدي عفيفي، عضو الحزب الديمقراطي والمحلل السياسي، إلى أن تبريرات الوزير التي تحدثت عن تقليل عدد القادة ودمج بعض القيادات تُقابَل برفض واسع في الكونغرس، حيث يرى السياسيون أن هذه الخطوة تنطوي على اعتبارات سياسية قد تضر بفعالية العمليات العسكرية. وأكد عفيفي أن تدخل الإدارة في تشكيل القيادة العسكرية يعكس نزعة نحو فرض الولاء السياسي على البنتاغون، وهو أمر يهدد التوازن التقليدي للسلطة.

أثر التسريبات العسكرية على الثقة بين القيادة العسكرية والمدنية

التسريبات الأخيرة المتعلقة بتطبيق سيجنال عززت حالة الجدل حول ولاء القيادات العسكرية. في حادثتين منفصلتين، تم الكشف عن نقل معلومات سرية عبر قنوات غير آمنة، مما أثار قلقاً كبيراً داخل وزارة الدفاع. وقد أدت هذه الحوادث إلى تعميق حالة عدم الثقة بين القيادات العسكرية والإدارة السياسية. وبحسب المحلل السياسي، فإن محاولات السيطرة على البنتاغون وتسخير قياداته لأغراض سياسية تأتي في إطار استراتيجيات تعزز قبضة البيت الأبيض على المؤسسات، لكنها تترك أثراً سلبياً على مصداقية الولايات المتحدة دولياً وداخلياً.

البنتاغون بين الإصلاح والولاء السياسي

تُصنَّف بعض قرارات إدارة ترامب تجاه البنتاغون بأنها محاولات لإعادة هيكلة القادة العسكريين وفق ولاءات سياسية. وتوضح المحللة السياسية الأمريكية إيرينا تسوكرمان أن هذه التوجهات، تحت ستار تحسين الكفاءة وخفض التكاليف، قد تهدف إلى محاربة ما يُصطلح عليه بـ “الدولة العميقة”. وبدلاً من تعزيز القوات المسلحة، يؤدي هذا النهج إلى تفكيك شبكات القيادة الراسخة وإحداث انقسامات داخل المؤسسة العسكرية. تسوكرمان حذّرت من أن هذه السياسات لا تؤثر فقط على الجيش، بل قد تضر بالأمن القومي الأمريكي كاملاً. وتقترح الإصلاح الحقيقي الذي يعزز الشفافية ويحترم خبرات الجيش، دون المساس بولائه الدستوري أو تسيسه لخدمة أجندة سياسية محددة.

يمكن استنتاج أن استقلالية الجيش الأمريكي تتعرض لاختبارات غير مسبوقة في ظل الاستقطاب السياسي المتزايد. ومع ذلك، تبقى المقاومة الداخلية في الكونغرس والدعوات للحفاظ على حيادية البنتاغون مبادئ راسخة تعكس إيمان النخبة الأمريكية بالديمقراطية وسيادة الدستور.