إعادة التشكيل: هل تشهد الدولة الأردنية مرحلة تحول جذري جديدة؟

تعيش الساحة السياسية الأردنية تحولات عميقة منذ خريف 2024، حيث برزت “جبهة العمل الإسلامي” مجددًا كقوة برلمانية بارزة، لكن الإعلان عن إحباط خلية أمنية تصنع أسلحة ومسيّرات يهدد الأمن الوطني في أبريل 2025 فتح المجال أمام سجالات سياسية ودستورية معقدة، خصوصًا مع ورود إشارات إلى صلات بعض أعضاء الخلية بحزب الجبهة. هذا الانعطاف قد يرسم ملامح جديدة للمشهد السياسي الأردني خلال الفترة القادمة.

هل تمثل الخلية الأمنية تهديدًا سياسيًا مباشرًا؟

الأحداث التي تلت الكشف عن الخلية الأمنية لم تكن أقل دراماتيكية. فقد بدأت السلطات الأردنية في تفكيك شبكة علاقات تربط الخلية بأطراف داخلية وخارجية، مع الكشف عن مخازن محصنة في مدن مثل عمّان والزرقاء، تحتوي على معدات متطورة وغرف سرية. ورغم عدم إثبات صلة مباشرة بين حزب “جبهة العمل الإسلامي” والخلية، تزداد التساؤلات حول مستقبل الحزب ونوابه الذين يمثلون وزنًا برلمانيًا هامًا. ومن زاوية دستورية، فإن أي ربط مباشر بين الحزب والخلايا المسلحة قد يؤدي إلى حل البرلمان، ما يفتح الباب لمرحلة انتقالية تلتزم بتوجيهات المادة 74 من الدستور الأردني.

ما الذي يعنيه حل البرلمان لجعفر حسان؟

ينص الدستور الأردني على أن الحكومة التي يتم فيها حل البرلمان تصبح عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة، ما يعني أن الدكتور جعفر حسان، رغم أدائه المميز بشهادة العديد من الأطراف، قد يضطر إلى مغادرة رئاسة الحكومة إذا تم اتخاذ مثل هذا القرار. التقرير الصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية يؤكد أن حكومته تعد الأكثر استقرارًا منذ عام 2011، ولكن الدستور الأردني لا يمنح مرونة لإعادة تكليفه مباشرة. تستمر النقاشات حول البدائل الممكنة لرئاسة الحكومة الجديدة، بينما يراقب المراقبون المشهد عن كثب لمعرفة إذا ما كانت الحكومة الحالية ستتمكن من احتواء الأزمة أو أن الدورة الدستورية ستفرض تغييرًا جذريًا.

خيارات صعبة أمام الأردن: بين السياسة والأمن

إذا ثبتت الصلة المباشرة بين الخلية الأمنية و”جبهة العمل الإسلامي”، فإن الأردن أمام معضلة سياسية وأمنية. يتمثل الخيار الأول في حل الحزب وتعطيل الكتلة البرلمانية الإسلامية، وهو ما قد يسبب فراغًا سياسيًا. أما الخيار الثاني فهو التغاضي عن هذه الصلة، ما سيعطي انطباعًا بتهاون الدولة مع تهديدات أمنية. وفي كلتا الحالتين، سيكون الوضع حرجًا، خاصة في ظل توقع تعديلات على قوانين الأحزاب والانتخاب لضبط التوازنات السياسية والأمنية.

يبقى المشهد الأردني مفتوحًا على احتمالات واسعة؛ فبين صراع الدولة مع المكونات السياسية القديمة والمستجدات الأمنية، تُرسم صورة جديدة للتحالفات والخصومات داخل أروقة السياسة الأردنية.