ترمب: كيف يعيد تشكيل الجيش الأميركي لرسم معادلة قوة جديدة؟

مع انطلاق الولاية الثانية لدونالد ترمب، أطلق الرئيس الأميركي سلسلة من القرارات التي أحدثت زلزالاً سياسياً وعسكرياً غير مسبوق داخل الولايات المتحدة. ركزت هذه القرارات بشكل أساسي على تعديل هيكلة وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، بهدف تحقيق تغييرات جذرية تعزز الكفاءة القتالية وتقلص الإنفاق الحكومي، وجرى اتخاذ هذه الخطوات وسط انتقادات داخلية وخارجية وصفتها بأنها مثيرة للجدل.

إقالات واسعة داخل البنتاجون

شهدت المؤسسة العسكرية الأميركية تغيرات واسعة بقيادة إدارة ترمب، حيث بدأت بإقالة الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، مع عدد من كبار القادة العسكريين. يرى المحللون أن هذه الخطوة جاءت كرفض واضح لسياسات التنوع والشمول التي اعتمدت في الفترة السابقة. وقد وصف الخبير العسكري ديفيد دي روش الإقالات بأنها “رسائل قوية” موجهة لضبط مسار الجيش ووضع معايير جديدة للقيادة. خلف براون، دان كين، الذي تثير قدراته العسكرية قلق بعض الخبراء بسبب ابتعاده عن الجيش لسنوات قبل تعيينه.

تقليص المناصب العليا داخل الهيكل القيادي

جاء قرار وزير الدفاع، في ولاية ترمب الثانية، بتقليص مناصب القيادات العليا ليشمل 20% من الجنرالات. يُعتبر هذا القرار استجابة لضغوط مالية وتنظيمية تهدف لتخفيف الطبقات القيادية الزائدة. وأشار الخبراء إلى أن تقليص المناصب قد يؤثر على الروح المعنوية لضباط الرتب المتوسطة، لكن ديفيد دي روش يرى أنها خطوة ضرورية لتسريع اتخاذ القرارات وتحسين الكفاءة العملياتية. يُعتقد أن هذه القرارات قد تُمهد لإصلاح كامل في الهيكل القيادي للجيش الأميركي، لكنها تبقى مثيرة للجدل بين معارضي ومؤيدي الإدارة الحالية.

إجراءات تقشفية وتعديلات في البنية الإدارية

تبنّت إدارة ترمب نهجاً صارماً في تقليص الإنفاق الحكومي، حيث تم تسريح عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين داخل البنتاجون بهدف تقليل البيروقراطية وخفض التكاليف. ووفقاً لتصريحات إيلون ماسك، المستشار الحكومي المسؤول عن الكفاءة الإدارية، تهدف هذه السياسات إلى تقليص النفقات بمقدار تريليوني دولار. ترافقت هذه الخطوات مع موجة انتقادات واسعة، حيث شدد المناوئون على أهمية التمهل لتقييم نتائج مثل هذه القرارات الجذرية ودراسة آثارها بعناية.

تفكيك برامج التنوع وإحياء مشروع “القبة الذهبية”

ألغت إدارة ترمب برامج التنوع والإنصاف، التي كانت تعتمدها وزارة الدفاع منذ سنوات. يرى المؤيدون أن هذه الإجراءات تهدف إلى توجيه المؤسسة العسكرية لمعايير الكفاءة القتالية بعيداً عن الحسابات الاجتماعية. في الوقت ذاته، دُشن مشروع “القبة الذهبية”، الذي يطمح لتطوير منظومة دفاع جوي فضائية متطورة. ورغم أن هذا المشروع الطموح يواجه تحديات تقنية ومالية، فإنه يحمل وعداً بتعزيز القدرات الدفاعية الأميركية وحماية المصالح الأمنية في ظل تعقيدات المشهد الدولي.

التوجه نحو خفض المساعدات العسكرية لأوكرانيا

أثارت قرارات واشنطن بتجميد شحنات المساعدات العسكرية لأوكرانيا جدلاً واسعاً، بين من يروها خطوة لضبط النفقات، والضغط على كييف للجلوس إلى طاولة التفاوض مع روسيا. ومع ذلك، أبرم الطرفان اتفاقيات جديدة تركز على التنقيب عن المعادن النادرة، مما يعزز التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين. يُؤمل أن تساهم هذه الاتفاقيات في دعم الإنتاج الأميركي وتقوية الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في مواجهة التحديات المستقبلية.

ختاماً، تتضح رؤية إدارة ترمب التي تسعى لإعادة صياغة المشهد العسكري والاقتصادي الأميركي وفق معايير جديدة تهدف لتحقيق الكفاءة والفعالية الميدانية، لكنها تستدعي نقاشات عميقة حول تأثيرها الداخلي والخارجي على المدى الطويل. تظل التحديات المرتبطة بهذه الإجراءات محوراً هاماً للسياسة الأميركية خلال السنوات القادمة.