التطبيع أولاً.. كيف أعادت حرب غزة رسم أولويات ترامب في السعودية؟

وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. بينما كانت التطلعات موجهة نحو إحياء ملف التطبيع مع إسرائيل، تُعقّد الحرب في غزة خطط الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل الشروط السعودية المتعلقة بإنهاء العدوان الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

زيارة ترامب والبعد الاقتصادي: استثمارات بمليارات الدولارات

كان الهدف الأبرز من زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى المملكة تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين وطرح مشاريع استثمارية واعدة. تعد المملكة العربية السعودية، الغنية بمواردها النفطية، شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة، وتسعى لتعزيز استثماراتها بما يزيد عن تريليون دولار خلال السنوات المقبلة. وتشمل هذه الاستثمارات مجالات متعددة مثل الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، والصناعات الحديثة. خلال الزيارة، أكدت المصادر وجود صفقات ضخمة على طاولة المناقشات، تشمل مشاريع في مجال الدفاع والتكنولوجيا، مما يعزز مكانة البلدين كقوة اقتصادية عالمية.

ملف التطبيع مع إسرائيل: تعقيدات سياسية في ظل النزاع الفلسطيني

التطبيع بين السعودية وإسرائيل كان حلماً لطالما سعت الولايات المتحدة لتحقيقه لتعزيز الاستقرار الإقليمي. إلا أن الأحداث الأخيرة في غزة والإجراءات العسكرية الإسرائيلية شكلت عقبة أمام هذا التوجه. وفقاً لمصادر قريبة من دوائر القرار، تواجه إدارة ترامب صعوبة في إقناع السعودية بالتطبيع دون التزام إسرائيلي بوقف القتال والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني. ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يُعتبر لاعباً أساسياً في المعادلة، حيث طالب بإنهاء الحرب في غزة كشرط أساسي لاستئناف المفاوضات السياسية.

الصراع الأمريكي الصيني والجهود الأمريكية لتأكيد النفوذ

تأتي زيارة ترامب إلى المنطقة في إطار الجهود لاستعادة النفوذ الأمريكي أمام صعود الصين، الخصم الاقتصادي الأكبر. حيث تسعى بكين منذ سنوات لتوسيع علاقاتها الاقتصادية في الخليج، مما يهدد نظام الهيمنة التقليدي للبترودولار. ورغم الجهود الأمريكية لمحاصرة هذا الصعود، أصبحت الصين شريكاً اقتصادياً مهماً للسعودية، خاصة في مشاريع رؤية 2030 التي تشمل الطاقة والبنية التحتية والطاقة المتجددة. وتواجه الولايات المتحدة تحدياً كبيراً في خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية للمستثمرين الخليجيين وسط احتدام التنافس الدولي.

تظل زيارة ترامب إلى الرياض حدثاً محورياً يتعلق بالتوازنات الجيوسياسية ومستقبل العلاقات الأمريكية السعودية. بين الملفات الاقتصادية ومساعي السلام الإقليمي، تبدو المعادلة معقدة وتتطلب جهوداً دبلوماسية كبيرة. ومع استمرار التغيرات السريعة على الساحة السياسية، ستنعكس نتائج هذه الزيارة على مستقبل منطقة الشرق الأوسط بأكمله.