«كارثة مروعة» انهيار مبنى فاس يثير الجدل بالبرلمان واتهامات لبنبراهيم والأزمي

تعد قضية المباني الآيلة للسقوط من المشكلات المزمنة التي تهدد أرواح المواطنين في العديد من المدن المغربية، ومنها مدينة فاس التي شهدت مؤخرًا انهيار مبنى مأساوي أودى بحياة عشرة أشخاص. إن هذه الحادثة المؤلمة أعادت فتح ملف المباني القديمة والعشوائية، مما يستدعي التفكير في حلول عاجلة لحماية الأرواح وتحديد المسؤوليات بوضوح.

المباني الآيلة للسقوط في فاس: أسباب المشكلة وتداعياتها

إن مشكلة المباني الآيلة للسقوط في فاس ليست وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى عقود طويلة من الإهمال وغياب المراقبة الفعلية على عمليات البناء، خاصة في الأحياء القديمة والشعبية. فالعديد من هذه المنازل بنيت بطرق عشوائية، دون الالتزام بمعايير السلامة أو الحصول على تراخيص قانونية، مما جعلها عرضة للانهيار في أي لحظة، سواء بسبب الأمطار الغزيرة أو تقادم البنية التحتية. وقد أظهرت الحادثة الأخيرة أن هناك تقصيرًا واضحًا من الجهات المسؤولة، سواء على مستوى الجماعات المحلية أو السلطات الإدارية التي لم تنفذ قرارات الإخلاء رغم صدورها منذ سنوات. إن غياب التنسيق بين الأطراف المعنية، وتأخر التدخل لحماية الساكنة، يبقى من أبرز العوامل التي تفاقم هذه الأزمة وتزيد من المخاطر التي تهدد حياة المواطنين.

تحديد المسؤوليات في أزمة المباني الآيلة للسقوط

في سياق مناقشة قضية المباني الآيلة للسقوط في مدينة فاس، أثار النواب البرلمانيون تساؤلات جوهرية حول توزيع المسؤوليات بين مختلف الأطراف. فقد أشار كاتب الدولة المكلف بالإسكان إلى أن القانون رقم 94.12 حدد بوضوح واجبات كل جهة، حيث يتحمل رئيس الجماعة المحلية مسؤولية إصدار قرارات الإخلاء ومتابعة تنفيذها، بينما يتوجب على الساكنين إبلاغ السلطات عن أي مخاطر محتملة. ومع ذلك، يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي على أرض الواقع، حيث ظلت قرارات الإخلاء حبرًا على ورق لسنوات في حالة المبنى المنهار. إن هذه الفجوة تبرز الحاجة إلى تعزيز آليات المراقبة، وضمان التزام جميع الأطراف بواجباتهم لتجنب تكرار مثل هذه الفواجع التي تكبد المجتمع خسائر بشرية ومادية لا تُعوض.

حلول مقترحة لمواجهة خطر المباني الآيلة للسقوط

لتفادي تكرار حوادث المباني الآيلة للسقوط، من الضروري اعتماد استراتيجيات فعالة تجمع بين التدخل العاجل والتخطيط طويل المدى. يمكن للسلطات المحلية، بالتعاون مع الوكالة الوطنية للتجديد الحضري، تحديث قوائم المنازل المهددة بالانهيار، وتسريع عمليات الجرد والخبرة لتحديد الأولويات في التدخل. كما ينبغي تكثيف حملات التوعية لتشجيع الساكنين على الإبلاغ عن أي مخاطر قد تهدد سلامتهم، مع توفير بدائل سكنية مؤقتة للمتضررين. من جانب آخر، يجب تشديد العقوبات على البناء العشوائي، ووضع خطط لإعادة إيواء السكان في مناطق آمنة، مع التركيز على تطوير البنية التحتية في الأحياء القديمة. إن هذه الخطوات، إذا تم تنفيذها بحزم وتنسيق، يمكن أن تحد من مخاطر المباني المهددة وتحمي أرواح المواطنين من الأخطار المحدقة بهم.

في هذا السياق، يمكن الاطلاع على بعض الإحصائيات المتعلقة بهذه المشكلة من خلال الجدول التالي الذي يوضح الأرقام التقريبية للمباني المهددة في مدينة فاس:

العنصر القيمة التقريبية
عدد المباني الآيلة للسقوط أكثر من 4000 منزل
عدد السكان المتضررين حوالي 20,000 نسمة

إضافة إلى ذلك، يمكن تلخيص بعض الخطوات العملية التي يمكن للسلطات اتباعها للحد من هذه المشكلة في القائمة التالية:

  • إجراء مسح شامل لجميع الأحياء القديمة لتحديد المباني الخطرة.
  • تخصيص ميزانيات لترميم المنازل القديمة أو إعادة بنائها.
  • توفير سكن بديل للعائلات المعرضة للخطر قبل تنفيذ عمليات الهدم.
  • تفعيل دور اللجان الإقليمية لمتابعة تنفيذ قرارات الإخلاء.

في الختام، يبقى ملف المباني الآيلة للسقوط في المغرب، وخاصة في مدن تاريخية مثل فاس، قضية معقدة تحتاج إلى تعاون جميع الجهات المعنية، من سلطات محلية ومركزية إلى مواطنين ومنظمات المجتمع المدني. إن حماية أرواح الناس يجب أن تكون الأولوية القصوى، وذلك من خلال تطبيق القوانين بصرامة، ووضع خطط مستدامة لمعالجة مشكلة البناء العشوائي والمباني المهترئة. إن التدخل السريع والفعال، مع تعزيز الوعي بمخاطر هذه الظاهرة، هو السبيل الوحيد لتجنب المزيد من الفواجع التي تهز المجتمع وتترك جروحًا عميقة في قلوب المتضررين.