رواية زهرة في مستنقع الرزيلة الفصل الثامن عشر 18 بقلم جيهان عيد

رواية زهرة في مستنقع الرزيلة الفصل الثامن عشر 18 بقلم جيهان عيد 

 

18=رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الثامن عشر
د. خالد: قصدك على الخلفة؟
زهرة: لا أنا عايزة أشتغل.
د. خالد: برضو، حاضر يا حبيبتي.
زهرة: بقالى خمس سنين بأسمع الكلمة دي.
د. خالد: المرة دي بجد صدقينى.
زهرة: أما نشوف.
انجبت هيلانا زوجة حسام بنتا أطلق عليها اسم زهرة، ثم ولدا اسماه سليم، ورغم إدعاء زوجته اعتناق الاسلام إلا أنها لم تطبق منه سوى القشور، مثل ارتداء الحجاب، أدت الصلاة مدة قليلة ثم انقطعت عنها، رفضت صوم رمضان بحجة إرهاقها في العمل الذي كانت تعود منه منتصف الليل، خلعت الحجاب وعادت لأرتداء الملابس المثيرة وشرب السجائر، بل والخمور، حاول حسام تغيير طباعها بكل الطرق لكنه فشل فشلا ذريعا.
حدث خلاف كبير بينهما، لقد جاءا من عالمين مختلفين في العادات والتقاليد والقيم والأفكار والمرجعيات الاجتماعية والدينية، كل هذا كان يمكن التغلب عليه لو كان لدى كل منهما رغبة في إرضاء الاخر، حسام تزوجها مبهورا بشخصيتها القوية وتفوقها العلمى وجمالها الملفت والأهم عقابا لأمه، لكنه فوجئ بند قوى له، عنيد لم يستطع فرض هيمنته الذكورية عليها، المرأة الأجنبية ليست الخانعة الخاضعة المطيعة لأوامر زوجها، لا تفعل إلا ما تريد فعله، لم يستطع حسام فرض أى شئ على هيلانا حتى لو كان حقه الشرعى.
أما هيلانا فقد تزوجته مبهورة بفكرة الرجل الشرقى الرومانسي الطيب الحنون ذو البشرة القمحية والعيون الآسرة، لكنها فوجئت برجل عصبى، بارد في مشاعره، جاء من مجتمع لا يرى الاجنبية سوى جسد مثير، زال الانبهار ورأى كل منهما الآخر على طبيعته، وبدأ في مهمة تغييره وفقا لهواه، ما زاد الأمور سوءا أن كلاهما أراد الآخر كما يريد هو دون أن يغير من نفسه، حسام لم ينس حبه لزهرة، ولم يتقبل فكرة أن غيره سبقه لجسد زوجته، حاول فرض سيطرته عليها وتقييد تحركاتها وعلاقاتها حتى لا يتكرر ما حدث أو ما يسمع عنه من الخيانات الزوجية المنتشرة بشكل كبير في الدول الغربية، وهيلانا لم يكن لديها الدافع لعمل ذلك، لم يجمعها بحم قصة حب اسطورية تجعلها لينة سهلة التشكيل، فالحب وحده من يجعل المرأة تتقبل قيود الرجل حتى لو حبسها في زنزانة من حديد.
عانت إحدى جارات نرمين من الإجهاض المتكرر، كانت لا يكتمل لها حملا ولا يستمر أكثر من شهرين، وفي المرة الأخيرة استمر الحمل حتى الشهر السادس، لكنه سقط فجأة، مما أحزنها كثيرا، زارتها نرمين لمواستها، عرضت عليها الذهاب لدكتور خالد، نظرا لبراعته الشديدة وهنا كان رد الجارة الصادم.
الجارة: دكتور خالد عز الدين سمعته زى الزفت، ده ما فيش واحدة راحت له العيادة إلا أما اتحرش بيها، ده غير علاقاته مع ستات متجوزة بيروحوا له العيادة على إنهم زباين.
تفاجئت نرمين من كلام الجارة التي كانت لا تعرف صلة القرابة بين نرمين ودكتور خالد.
نرمين: مين اللي قال لك الكلام ده؟
الجارة: بنت أختى راحت اشتغلت عنده فترة، ما كملتش شهرين ومشيت، من أول يوم شغل وهو بيتحرش بيها وهي مش فاهمة، كانت فاكرة إن حركاته مش مقصودة، لإنه كان يتعمد يبين إنه ما يقصدش، وبقت تبعد نفسها عنه، بعد فترة بجح وبان إنه قاصد، وأما صدته نزل مرتبها النص عشان يطفشها، في الشهرين دول شافت العجب، ستات معينة بتروح له على طول وهي مش تعبانة وتدخل للكشف وتفضل بالنص ساعة عنده، ستات بتروح له بعد مواعيد العيادة أو قبلها، حتى في المستشفى اللى شغال فيها سيرته وحشة.
لم تخبرها نرمين بصلة القرابة التي تربطها به، واستأذنت في الانصراف، وعلى الفور ذهبت إلى زهرة، حاولت إخبارها لكنها وجدت زهرة تتحدث عنه وكأنه قديس، حاولت توصيل فكرة عدم الثقة المطلقة في أى شخص مهما يكن، ظلت تحكي حكايات عن خيانة بعض الرجال من جيرانها لزوجاتهم رغم استبعاد حدوث منهم، نظرا لما يتمتعون به من الاحترام والتدين.
زهرة: مالك يا نرمين عمالة تلفى وتدورى كدة ليه؟ أنتى عارفة حاجة ومخبية؟ شوفتى على خالد حاجة؟
نرمين بارتباك: لا، بس ما ينفعش الثقة الجامدة دى فيه، ما فيش حد معصوم من الغلط خصوصا لو كان الماضى بتاعه زى دكتور خالد.
زهرة: أنا بقالى أكتر من خمس سنين متجوزة خالد ما شوفتش عليه حاجة.
نرمين بأنفعال: ما هو لإما أنتى هبلة، لإما هو حريص قوى.
زهرة: لإما هو اتعدل فعلا.
نرمين: ما أظنش.
زهرة: في إيه يا نرمين؟
نرمين: بصراحة أنا سامعة كلام وحش على خالد.
زهرة: كدب، ما أصدقش حتى لو شوفت بعينى.
نرمين: براحتك، خليكي عايشة في الوهم.
زهرة بمرارة وصدمة: معقولة يكون بيخونى؟!
وعلى الفور ارتدت زهرة ملابسها وذهبت إلى دكتور خالد.
دخلت زهرة عيادة زوجها،
تفاجئت السكرتيرة بها.
السكرتيرة: مدام زهرة!؟ أبلغ دكتور خالد؟
زهرة: لا سيبيه يخلص براحته.
أرسلت فايزة رسالة على الهاتف المحمول تخبره بوجود زهرة حتى يحتاط من أى تصرف.
ظن خالد أن زيارة زهرة زيارة عابرة، كما أخبرته أنها كانت في زيارة شقيقتها ووجدت نفسها قريبة من العيادة فجاءت إليه، وبعد انتهاء عمل دكتور خالد انصرف معها، دعاها إلى العشاء في مطعم فاخر.
وعندما تكررت الزيارة بدأ دكتور خالد يشعر بالضيق، وجود زهرة قلل كثيرا من تحركاته ومغامراته.
جلس خالد بسيارته على كرسى القيادة وبجواره زهرة.
د. خالد: ها مش هتقول لى إيه مخليكى كل يوم والتانى تجى لى العيادة؟
زهرة: أبدا بتوحشنى.
د. خالد: يا سلام؟! كدة مرة واحدة؟
زهرة: ما أنا بأفضل قاعدة لوحدى طول النهار، قلت أجى أضيع الوقت ده معاك.
د. خالد: بس يا حبيبتى أنتى كدة هتتعبى وتزهقى، أنتى بتفضلى قاعدة لوحدك، بدل كدة روحى اقعدى مع أختك أو مرات عمك.
زهرة: ما تقلقش عليا يا حبيبى، أنا مش متضايقة، كفاية إنى أكون جنبك، وبعدين أنت مش كنت بتتضايق لما بأروح أى مكان؟
د. خالد: خلاص يا حبيبتي اللى يريحك اعمليه.
كادت عايدة أن تجن بعد أن أصبحت محرومة من زيارة دكتور خالد في عيادته، أو حضوره إليها في شقته الخاصة، حاولت إلهاء زهرة بدعوتها لزيارتها، وفي كل مرة تذهب زهرة ولا تجدها، فتتعلل بعلة مختلفة، لم يخطر ببالها أبدا ما قصدته عايدة، التي فاقت ألاعيبها ألاعيب الشياطين.
أصبح مشهد مشاجرات حسام وهيلانا يتكرر كل يوم، خلافات عادية كالتى تحدث في كل بيت، وفي إحدى هذه المشاجرات استفزت هيلانا حسام بشدة فصفعها صفعة خفيفة، وليته لم يفعلها، في أقل من ربع ساعة كانت الشرطة في منزله، اقتادوه إلى قسم الشرطة، ورغم اعتذار حسام لهيلانا وتنازلها عن الشكوى إلا أن جهات التحقيق ظلت تحقق معه، هذا وفقا للقانون الفرنسى الذي يسمح للقاضى باستمرار التحقيق رغم تنازل الشاكى، للبحث عن أسباب عنف الزوج مع زوجته، وبعد انتهاء التحقيق مع المعنف يتم الحكم عليه بالخضوع للعلاج النفسي في ?حد المراكز التابعة للحكومة الفرنسية، على أن يعد الطبيب المعالج تقريراً عن تطور حالة المعنف كل ثلاثة أشهر على الأقل، ويوجهه إلى قاضي تطبيق العقوبات للتأكد من تحسن سلوكه وتفادي عودته إلى نفس الأفعال التي أدين من أجلها.
و أسقط في يد حسام الذي أصبح بحكم القانون مريض نفسي لأنه فقط قام بصفع زوجته، كما أصبح مهددا في حالة تكرار ما حدث بالسجن مدة لا تقل ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشر إلا إذا اقترن العنف بعاهة مستديمة، وكذلك الغرامة، الغريب أنها عادت معه وكأن شيئا لم يحدث.
عاد حسام لكنه لم يعد كما كان، لقد كره هيلانا، سقطت من نظره، لم يعد يطيقها، تجنبها، لم يعد يحدثها أو يهتم بوجودها.
لاحظ عبد الرحمن أن عايدة له تعد تحاصره بشكوكها.
عبد الرحمن: أحسن حاجة إنك بطلتى تقولى لى أنت بتخوني.
عايدة بميوعة: اوعى يا عبدو تكون بتخوني.
عبد الرحمن: أخونك إيه بقى، ما أنتى عارفة اللى فيها.
عايدة: خيانة المشاعر أصعب من خيانة الجسم.
عبد الرحمن: يحرم عليا ما حبيت ست غيرك من يوم ما شوفتك، أحسن حاجة عملتها ماجدة في حياتها إنها عرفتنى بيكى.
تزوجت مريم شقيقة حسام من طبيب مصرى كان يعمل بالكويت واستقرت معه هناك، أما ملك فقد أحبت زميل لها بالجامعة ولأنه فقير رفضت أمها زواجها منه رفضا تاما، رفضت ملك كل من تقدم لها وأمها على عنادها وإصرارها على الرفض، وفي النهاية وبعد مرور أكثر من خمس سنوات استسلمت ملك لرغبة أمها وتزوجت مهندس شاب ابن رجل أعمال شهير، لم تستطع أن تحبه رغم وحبه الشديد لها.
ملت زهرة من ملاحقة دكتور خالد ومراقبته، لقد كان حريصا فلم تستطع العثور على دليل يدينه، فلم تعد تذهب إليه في العيادة واكتفت بالاتصال به كل نصف ساعة أو أقل، بعد أن كان هو من يفعل ذلك، وفي كل مرة تصر على أن يصور لها نفسه ومكان وجوده، ولأنه من نسل الشياطين كان يقوم بتصوير نفسه عدة مقاطع يقوم بإرسالها لزهرة عند اتصالها وهو في الشقة مع عايدة أو غيرها، لكنه خاف أن ينكشف أمره فقرر التخلص من زهرة بتشغيلها.
عاد دكتور خالد من الخارج، وفور دخول شقته قال لزهرة.
د. خالد: عندى ليكى مفاجأة، لا هما مفاجئتين
زهرة: مفاجأة إيه؟
د. خالد: أنت مش كنتى عايزة تشتغلى؟ هتشتغلى يا ستى، ومش أى شغل، شغل في مجال تخصصك.
زهرة متفاجئة: أشتغل؟ هاشتغل إيه وفين؟
د. خالد: في جريدة.
زهرة باستغراب: في جريدة؟ جريدة إيه؟
د. خالد: جريدة الأمل في بكرة بتاعة محسن خيرى صاحبى.
زهرة: إزاى وأنا مش خريجة إعلام؟ وبتقول في مجال تخصصك؟
د. خالد: أيوه لإنك هتردى على مشاكل الناس، المشاكل العاطفية، أنتى مش دارسة علم نفس؟
زهرة: أيوه، بس الجريدة دى جريدة مش مشهورة، وتوزيعها مش قوى؟
د. خالد: محسن خيرى صاحب الجورنان معرفة قديمة، كان صاحبى من أيام الجامعة، والجريدة دى كانت ملك والده الله يرحمه، هو لسة ماسكها من شهرين وعايز يعمل فيها شوية تغيرات عشان التوزيع، اقترحوا عليه يكون في باب لحل المشاكل، ولما عارف إنك خريجة آداب قسم علم نفس طلب منى إنك تشتغلى عنده في الجريدة.
زهرة: هو اللى عرض عليك وإلا أنت اللى طلبت منه عشان تشغلنى عنك؟ لا أسألك رايح فين ولا كنت فين.
د. خالد: أنتى دايما ظالمانى.
زهرة: يارب أكون ظالماك
د. خالد: ولسة المفاجأة التانية

التاسع عشر من هنا