رواية زهرة في مستنقع الرزيلة الفصل الثامن 8 بقلم جيهان عيد

رواية زهرة في مستنقع الرزيلة الفصل الثامن 8 بقلم جيهان عيد 

8=رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الثامن
عبد الرحمن: أنت اتجننت يا خالد؟ أنت واعى للى بتقوله؟
د. خالد: أيوه واعى ومستعد أكتب عليها دلوقتى حالا، لكن ده مش ممكن طبعا، عشان كدة أنا بأقترح إن يتم جوازنا على آخر الأسبوع.
عبد الرحمن: مش بأقولك أتجننت.
د. خالد: أستنانى الليلة أنا جاى أخطبها منك.
د عبد الرحمن: أنت بتتكلم بجد؟
د. خالد: وعمرى ما كنت جد زى النهاردة.
عبد الرحمن: تبقى بجد اتجننت، أنت عارف زهرة دى أصغر منك بكام سنة؟ ده أنت لو كنت اتجوزت…
خالد مقاطعا: عارف لو كنت أتجوزت كنت خلفت قدها.
عبد الرحمن: انسى الهبل اللى أنت بتقوله ده، ولو عايز تتجوز شوف لك واحدة مناسبة لسنك.
د. خالد: ما فيش غير زهرة، ولو ما أتجوزتهاش مش هأتجوز غيرها.
عبد الرحمن: إن شاء الله ما عنك اتجوزت.
دخل عادل ألقى للسلام
عادل: سلامو عليكوا.
لم يرد عليه أحد.
عبد الرحمن: أنا ماشى قبل ما أتهور وأقتلك.
د. خالد: طب استنى اسمعنى.
عادل مندهنشا: هو في إيه؟
خرج عبد الرحمن يتبعه دكتور خالد.
د. خالد: اسمعنى بس يا عبدو.
عبد الرحمن: سمعت الرعد في ودانك.
ركب عبد الرحمن سيارته غاضبا وترك دكتور خالد، لاحظت زهرة هذا فسألته بود: في إيه يا عمو؟
عبد الرحمن بعصبيه وانفعال: ده أكيد اتجنن.
ثم انطلق بسيارته مسرعا.
فهمت زهرة أن الأمر يتعلق بها فصمتت خصوصا مع انفعال عمها الشديد.
ركب دكتور خالد سيارته هو الاخر، وفور جلوسه على مقعد السيارة اتصل بالموبايل: عايزك حالا يا عايدة، تعالى لى حالا على الشقة.
عايدة: حاضر، حاضر.
رقصت عايدة فرحا، ظنت أنه يريدها، حتى أنها خرجت دون أن تتصل بعبد الرحمن وفي الطريق تذكّرته، فاتصلت به تخبره بذهابها لزيارة شقيقتها.
وما أن علمت عايدة بالسبب الحقيقى لطلبها حتى قالت بغضب: أنت اتجننت يا خالد؟ عايز تتجوز بنت من دور عيالك؟
خالد: حبتها.
عايدة: أنت طول عمرك رافض الجواز مش معنى دلوقتى؟
د. خالد: ما كانش عندى ثقة في أى ست.
عايدة: وزهرة بقى اللى رجعت لك الثقة دى؟!
د. خالد: تصدقينى لو قلت لك إنى منساق ليها، مسحور بيها، عايزها لو آخر يوم في عمرى.
عايدة: مش بأقولك اتجننت، اتجوزها يمكن تخلص فيك اللى عملته فيا وفي غيرى.
د. خالد: مالكيش أنتى دعوة، أنتى مهمتك بس تقنعى جوزك بجوازنا، وإلا أقسم بالله ما هتشوفى وشى تانى.
عايدة: كدة كتير، كتير!
د. خالد: ولا كتير ولا حاجة، أنتى مش كنتي بتقولي شاور على أى واحدة وأنا أجيلهالك، أديني شاورت.
عايدة: إلا زهرة يا خالد.
د. خالد: خايفة عليها وإلا غيرانة منها؟
عايدة: صغيرة عليك يا خالد، مش هتفهمك.
د. خالد: قولت مهمتك تقنعى عبد الرحمن بالموافقة، حياتى أنا وهي دى تخصنا إحنا، وبعدين من مصلحتك إنى أبقى قريب من العيلة، أقدر أدخل وأخرج في أى وقت، مش مجرد صديق لجوزك.
عايدة: ماشى يا خالد بس أقسم بالله لو زهرة خدتك منى لأهد المعبد على اللى فيه.
د. خالد: اطمنى، أنتى عارفة إنى ما بأحبش أكل فاكهة واحدة كتير، بأحب أنوع عشان ما أزهقش، وبعدين يا حبيبتي ما فيش حد فاهمنى زيك.
عايدة: طالما قولت يا حبيبتي ما أقدرش أرفض لك طلب.
فكرت عايدة في الموضوع بعقلانية، خالد حتما سيمل منها يوما خصوصا مع تقدمها في السن، بزواجه من زهرة تستطيع أن تهدده بإخبارها بما بينهما لو فكر يوما في تركها.
دخل دكتور عبد الرحمن حجرته، وعايدة خلفه.
تظاهرت بعدم معرفة شئ وقالت بود مصطنع: في إيه يا عبدو؟
عبد الرحمن: سيبنى دلوقتي يا عايدة، أنا العفاريت الزرقا بتتنطط قدامي.
وقف يغير ملابسه، فقامت بمساعدته وناولته بيجامته ثم ابتسمت ابتسامة صفراء وقالت: مش عايز تقول مالك أنت حر، بس مش هتبطل العادة الزفت دى! كل ما تكون متضايق ترفض الأكل، أنا ذنبى إيه؟ البنات ذنبهم إيه؟ يا حبيبي مليون مرة قولت لك بلاش عصبيّة عشان صحتك، أنا مليش غيرك.
عبد الرحمن: هأقول لك كل حاجة.
اقتربت منه واحتضنته وقالت: لو هتتعصب بلاش، ما تتكلمش إلا لما تهدى خالص، وتعالى ناكل الأول.
عبد الرحمن: مش عايز أتكلم قدام البنات، الزفت خالد عايز يتجوز زهرة.
عايدة: إيه؟ هو اتجنن؟
عبد الرحمن: نفس اللي أنا قولته.
عايدة: ومضايق نفسك ليه؟ ارفض وخلاص.
عبد الرحمن: ياريتنى ما بعتها معاكي العيادة، ياربى أنا محافظ عليهم طول عمري، ومانع أى واحد من أصحابي يدخل البيت عشانهم، وفي الآخر ما تقعش إلا في خالد.
عايدة: أنت مكبر الموضوع وخلاص، قولت لك ارفض.
حاولت عايدة أن تكون طبيعية، فليس من المعقول أن تدافع عن خالد فور علمها بالخبر، فقد يتهمها زوجها بالرغبة في التخلص من زهرة.
ذهب خالد إلى زهرة في كليتها، اتصل عليها وطلب لقائها في كافتريا الكلية على وجه السرعة.
وما أن رأته زهرة حتى قالت: جيبت رقمى منين؟ أنا والله ما كنت جاية لولا إنك ألحيت.
د. خالد: فكرتى في جوازنا؟
زهرة: أولاً أنت لسة قايل لى امبارح بالليل، يعني حتى ما عداش 24 ساعة، ودى مدة ما تكفيش التفكير حتى في شرا فستان مش جواز.
د. خالد: في حاجات ما ينفعش فيها التفكير.
زهرة: طبعا الجواز مش منها.
د. خالد: الجواز هو الحاجة الوحيدة اللى مهما فكرتى واحتطتى مش هتمنعى قدرك.
زهرة: بس…
د. خالد: ما بسش، أنتى موافقة؟
زهرة: أنت غريب قوى.
د. خالد: وأنتى جميلة قوى.
زهرة: عمى مش هيوافق.
د. خالد: أنتى موافقة؟
قال هذا وهو يتعمد النظر في عينيها، ثم أكمل: قولي آه وأنا أخلى الدنيا كلها تحت رجلك، خالد عز الدين وقلبه وكل ما يملك رهن إشارة من صباعك الصغير.
حجرة زهرة ونرمين
زهرة: تفتكرى عمك هيوافق؟
نرمين: لأ طبعا.
زهرة: تعرفي أنا حبيته قوى.
نرمين: أنتى لحقتى؟
زهرة: تحسى كدة إنه رجل، مش زي العيال الصيص بتاعة الأيام دي، ميكس كدة بين رجولة أحمد مظهر وعماد حمدى على وسامة كمال الشناوى وحسين فهمى، وكاريزمة رشدى أباظة…
نرمين مقاطعة: حيلك حيلك.
زهرة: والا كلامه، وكله كوم وصوته كوم، ناس قليلة قوى اللى لما بتتكلم صوتها بيأسرك كدة.
نرمين: شكلك وقعتى.
زهرة: وقعت بس، ده أنا حاسة إنى بأعشقه لدرجة إنى كان نفسي أقول له اتجوزني حالا، مش هأتحمل بعدك.
نرمين: ونسيتى حسام؟
زهرة: يا حبيبتي حسام ما حبنيش، ولا أنا كمان حبيته، كنت موهومة، عمك كان قافل علينا وما عرفتش حد غيره.
نرمين: بس فرق السن كبير قوى بينكوا.
زهرة: ما يهمنيش أى حاجة، كل اللى يهمنى إنى أتجوزه، ادعى ربنا عمك يوافق.
نرمين: يارب ياحبيبتي طالما دى رغبتك.
زهرة: ربنا يجمعك أنتى كمان بعمر.
نرمين: مش باين، عمر مش قادر يقنع والده بيا، رافض نهائي.
زهرة: لازم يكون لك موقف حاسم يا نرمين العمر بيجرى، أنتى عندك أربعة وعشرين سنة، دلوقتى بيجيلك عرسان بعد كدة يا عالم، قولى له لو عايزك يجى يخطبك مش عايزك يسيبك.
نرمين: قال لى يجى من غير والده، بس أنا عارفة عمك مش هيوافق.
زهرة: مش عارفة ليه طنط عايدة ما بتحاولش تقنعه.
نرمين: مين قال لك؟ أكيد حاولت هي كمان ورفض.
زهرة: ربنا يحنن قلبه ويقرب لك البعيد يا حبيبتي.
نرمين: يارب.
اتصل دكتور خالد بعبد الرحمن لكنه رفض الرد عليه، ذهب إليه بالشركة فرفض مقابلته أكثر من مرة.
جلست نرمين على مكتب الشركة، حضر عمر فتهلل وجهها فرحا.
عمر: أنا كنت فايت قريب من هنا، قولت أعدى عليكى.
نرمين: هو أنت محتاج تبرير عشان تجى هنا يا عمر؟ أنت تجى في أى وقت.
عمر: واحشانى قوى.
نرمين بإنكسار: مش باين يا عمر.
عمر: صدقينى بعدى عنك غصب عنى، أنا إن كان عليا مش عايز أبعد عنك لحظة.
نرمين: لحد امتى يا عمر؟
عمر: ما تعذبنيش يا نرمين.
نرمين بعيون باكية: تعبت، ليه الناس بتحاسبنى على ذنب ما عملتوش، ربنا قال ولا تزر وازة وز أخرى.
قالت هذا وبكت
عمر: على عيني دموعك يا نرمين.
نرمين: اوعدنى إنك عمرك ما تتحلى عنى يا عمر.
عمر: أوعدك يا حبيبتى، وهأعمل المستحيل عشانك.
صب خالد حمم غضبه على عايدة ورفض مقابلتها، فجن جنونها وفهمت أن خالد يضغط عليها لكى تقنع عبد الرحمن بالموافقة.
عايدة: ممكن نتكلم بهدوء ومن غير عصبية.
عبد الرحمن: عايزة إيه؟
عايدة: أنت ليه مش موافق على جواز خالد من زهرة؟
عبد الرحمن: أنتى أتجننتى يا عايدة أنتى كمان؟! عارفة فرق السن بينهم قد إيه؟
عايدة: عارفة، لكن فرق السن ما بقاش مهم دلوقتى، الطب اتقدم والانسان يقدر يعيش لحد الستين وهو بكامل صحته، وفي ناس بتعيش أكتر من كدة بكتير.
عبد الرحمن: الموضوع مش على الصحة وبس، هي من جيل وهو من جيل، تفكيرهم مختلف، اهتماماتهم، أنا مش عايزة أظلمها.
عايدة: مين قال لك إنك بتظلمها، هي كمان عايزاه، وهي اللى قالت لى وطلبت منى إنى أقنعك توافق، ما أنا كنت زيك رافضة، لكن لقيتها موافقة.
عبد الرحمن: مسكينة خدعها بكلامه الحلو، تعرف إيه عنه عشان تتعلق بيه؟ ده فلاتى وكل يوم مع ست.
عايدة: كل راجل بيبقى له ماضى وعلاقات، ومن الأفضل إن تكون العلاقات دى قبل الجواز، بدل ما تبقى بعد الجواز.
عبد الرحمن: أنت ما بتنسيش أبدا.
عايدة: أنسى؟ أنسى إنك كنت هتتجوز عليا السكرتيرة بتاعتك، ولولا إنى لحقتك ولميت الموضوع كان زمانك متجوزها.
عبد الرحمن: وليه ما تقوليش كان زمانى عندى عيل وإلا عيلين؟ الله يسامحك بقى.
عايدة: مش عايزين نقلب في الماضي، آن الآوان بقى نرتاح من مسؤليتهم.
عبد الرحمن: يعنى نرميها عشان نرتاح منها؟
عايدة: مين قال إنك بترميها، خالد دكتور مشهور، وغنى، وبيحبها ومتعلق بيها زى ما فهمت من زهرة.
د عبد الرحمن: أنا هاتكلم معاها وأقنعها، زهرة لسة صغيرة مش عارفة مصلحتها.
جلس دكتور عبد الرحمن بجوار زهرة، ظل يحدثها أكثر من ساعة، كلاهما فشل في إقناع الآخر برأيه
، حتى كاد أن يفقد صوابه من إصرارها على الزواج من خالد، فاقترب منها ملاطفا ووضع يده على كتفها محتضننا لها وقال بود: يا حبيبتي عمره ضعف عمرك وأكتر.
زهرة: ما يهمنيش فارق العمر، وبعدين مش حضرتك طول عمرك بتقول عليه أن عقلى سابق سنى، وهو اللى يشوفه ما يدهوش أكتر من خمسة وتلاتين سنة.
عبد الرحمن: يا بنتى بأقولك بتاع ستات، كل يوم مع واحدة، حتى المتجوزين ما عدوش من تحت ايده.
زهرة: ده عشان مش متجوز، لكن أما يتجوز.
عبد الرحمن مقاطعا: يا بنتى اللى فيه العيب ده بيعيش ويموت بيه، ما بيشبعش ولا بيملى عينه إلا التراب.
زهرة: هو قالى إنه ما قابلش الست اللى تملى عينه بصحيح، عشان كدة عرف ستات كتير، أنا واثقة إنه لما يتجوزنى مش هيعرف ولا هيشوف غيرى.
عبد الرحمن: يا بنتى الجوازة دى مش متكافئة، وفرق السن مش المشكلة الوحيدة، الكل هيفتكر إنك اتجوزتيه عشان فلوسه، ده غير طمع الناس فيكى، قصدى طمع الرجالة فيكى، اللى بتتجوز رجل أكبر منها بتكون مطمع للرجال، الحياة بينكوا هتستحيل بعد كام سنة، هتختلف ميولكوا وطباعكوا، ما تخليش الحب يعمى عينيكى.
زهرة: اطمن يا عمى أنا وخالد طباعنا وميولنا هتفضل واحدة، هأحب اللى يحبه وأكره اللى يكرهه، هأكيف نفسى حسب ظرفه، وأقسم بالله إنى مش طمعانة في فلوسه، إحنا ميسورين والحمد لله، أنا مش بنت فقيرة بتدور على رجل غنى عشان تخلص من فقرها، أنا عارفة إن بعد كام سنة خالد هيدخل مرحلة الشيخوخة، وأنا هأبقى في عز شبابى، لكن لكل سن جماله، وأنا مش أول واحدة تتجوز واحد أكبر، وبعدين خالد مش مفروض عليا، هأتجوزه بكامل إرادتى، وده سبب كافى لنجاح جوازى منه.
عبد الرحمن: أنا مستحيل اوافق على المهزلة دى.
لجأ عمر إلى أخر سلاح يمتلكه، سلاح المقاطعة، قاطع الجميع، والده وشقيقتيه، رغم أن شقيقته الثانية لم تعترض على زواجه من نرمين، بل باركته، اعتزل الجميع ووالده كالحجر الصلد لا يغير موقفه.
اتصل دكتور خالد بعايدة
د. خالد: ما عملتيش أى حاجة.
عايدة: مش ملاحظ إننا ما أتقابلناش من يوم ما جيت لك أنا وزهرة العيادة.
د. خالد: ومش هنتقابل قسما بالله إلا لما أتجوز زهرة، قال هذا وأغلق الهاتف.
ومن جديد حاولت عايدة إقناع عبد الرحمن لكنه رفض.
عبد الرحمن: من فضلك يا عايدة بلاش السيرة دى، وبعدين أنتى ناسية حاجة مهمة، إزاي أوافق على جواز زهرة وأختها اللي أكبر منها قاعدة بقالها أربع سنين.
عايدة: هو بقى في حد دلوقتي يهتم بالكلام ده، اللى يجى لها عدلها تتجوز.
عبد الرحمن: ده مش عدلها، ده مصيبة سودا وحطت على دماغنا كلنا، أنا مستحيل أوافق على جوازه منها.
وهنا لجأت عايدة إلى حيلة من حيلها الشيطانية