لماذا يفضل أثرياء أمريكا فتح حسابات في البنوك السويسرية؟

في ظل أجواء سياسية واقتصادية متقلبة، بدأت سويسرا تشهد تدفقاً كبيراً لرؤوس الأموال من الأثرياء الأمريكيين الذين يسارعون إلى فتح حسابات مصرفية خارج الولايات المتحدة. يبرز هذا التوجه كنتيجة لمخاوف متزايدة من سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب، حيث يعتبر الأثرياء أن الحسابات المصرفية السويسرية وسيلة لحماية الثروات من المخاطر الاقتصادية والتقلبات المحتملة.

لماذا يفضل أثرياء أمريكا البنوك السويسرية؟

لاقت البنوك السويسرية اهتمامًا متزايدًا من الأثرياء الأمريكيين، خاصةً العائلات الديمقراطية، التي ترى فيها ملاذًا آمنًا وسط مخاوف من قيود محتملة على نقل الأموال. بحسب “روبرت بول”، الرئيس المشارك في شركة “لندن آند كابيتال”، بلغت التحويلات نحو البنوك السويسرية وجزر القنال ما بين 30 و100 مليون دولار للحساب الواحد، وهو ما يعكس قلقًا صارخاً بشأن سياسات مالية داخلية محتملة قد تفرضها الحكومة الأمريكية.

وتُعد هذه الخطوة بمثابة “خيار جغرافي” لحماية الأصول، حيث يسعى الأثرياء الأمريكيون لتنويع ثرواتهم خارج النظام المالي الأمريكي. ويترافق ذلك مع تزايد الإقبال على هياكل ائتمانية واستثمارات دولية تنقل المال إلى خارج الحدود.

سياسات ترامب وتأثيرها على ثقة المستثمرين

رغم أن إدارة ترامب لم تصرّح رسميًا عن مخططاتها لفرض قيود مباشرة على الأموال، إلا أن سياساته التجارية الحمائية، مثل رفع الرسوم الجمركية، أصابت المستثمرين بالقلق. الخبير الاقتصادي “ديفيد لوبين”، من مركز “تشاتام هاوس”، أشار إلى احتمالية اتخاذ الإدارة إجراءات مثل الحد من تدفقات رأس المال لدعم الدولار وتقليل العجز التجاري.

مع هذه التحركات، تتزايد التوقعات بأن سياسات ترامب قد تؤثر على الاقتصاد الأمريكي. البيانات الأخيرة الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي تشير إلى تراجع توقعات النمو الاقتصادي من 2.1% إلى 1.7%. هذا الانخفاض يضيف مزيداً من الضبابية، ما يشجع الأثرياء على اتخاذ خطوات استباقية لحماية ثرواتهم من أي تأثير سلبي قد يخلفه الوضع الاقتصادي الحالي.

التوجه نحو تنويع الأصول والاستثمار خارج أمريكا

لا يقتصر الأمر على الحسابات المصرفية فقط، بل يمتد إلى استثمارات أخرى، مثل برامج الهجرة الاستثمارية. فقد أوضحت “جودي جالست”، المديرة الإدارية في “هينلي آند بارتنرز”، أن 25% على الأقل من عملائها يبحثون عن خيارات تشمل تأشيرات المستثمر على غرار تلك المتوفرة في نيوزيلندا.

وأضافت جالست أن بنوك سويسرية تلقت طلبات كبيرة من أثرياء أمريكيين مؤخراً، وصلت إلى افتتاح 12 حسابًا خلال أسبوعين لفئة المستثمرين الخاصين.

هذا التوجه يعكس استشعارًا للخطر بين الأثرياء، خاصة من المجموعات الديمقراطية، الذين يعتبرون التنويع المالي خارج الولايات المتحدة سياسة ضرورية. حتى الآن، يبدو أن عدم اليقين السياسي يدفع الأثرياء نحو ملاذات آمنة كالبنوك السويسرية، التي تظل خياراً مفضلاً لحماية الثروات وسط هذه التحديات.