في تصعيد جديد للأزمة المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي، لوّح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على الصادرات الإيرانية، مهددًا بقصف عسكري إذا فشلت المفاوضات المستقبلية في تحقيق النتائج المرجوة. وردًا على ذلك، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن استعداد بلاده لقبول وساطة عمانية لإجراء مفاوضات غير مباشرة، مع رفضه القطعي لأي حوار مباشر مع واشنطن دون الوفاء بالالتزامات السابقة.
المشهد النووي ومستقبل الاتفاق مع إيران
الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني يعود بالأساس إلى عام 2015، عندما وُقّع الاتفاق النووي المعروف باسم (JCPOA) بوساطة دولية. ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 خلال إدارة ترامب، تصاعدت التوترات مجددًا. وفيما استأنفت طهران عمليات تخصيب اليورانيوم بعد الانسحاب الأمريكي، لم تؤدِ المفاوضات المتعثرة منذ عام 2021 إلى تحقيق أي تقدم يذكر لإحياء الاتفاق.
تعقيد الموقف مرتبط بملفات خلافية متعددة، بما في ذلك مدى التزام إيران بالشفافية تجاه المجتمع الدولي، بالإضافة إلى التحفظات الأمريكية على أنشطة إيران الإقليمية المستمرة، والتي تعتبرها واشنطن تهديدًا للاستقرار في الشرق الأوسط.
العقوبات الاقتصادية وتأثيرها على إيران
لعبت العقوبات الاقتصادية دوراً محورياً في الأزمة الحالية. فقد فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات المشددة على إيران، مما تسبب في أزمات اقتصادية حادة، أبرزها:
- انهيار الريال الإيراني إلى مستويات تاريخية.
- ارتفاع معدلات التضخم إلى أرقام قياسية، أدت إلى تدهور معيشة المواطنين.
- تراجع الاستثمارات الأجنبية وهروب رؤوس الأموال.
تطالب إيران برفع هذه العقوبات كشرط أساسي لأي تقدم في المحادثات الدبلوماسية، لكن واشنطن ترفض ذلك إلا مقابل ضمانات محددة بخصوص البرنامج النووي وأنشطة إيران الإقليمية.
دور الوساطات الدولية في تهدئة الأزمة النووية
لم تغب الوساطات عن المشهد رغم تعقيد المواقف. وسلّطت الأضواء بشكل خاص على سلطنة عمان، التي تسعى منذ سنوات للعب دور الوسيط بين الطرفين. إلى جانب ذلك، كانت هناك محاولات عراقية وأوروبية متفرقة لتهدئة الأوضاع دون نجاح يُذكر حتى اللحظة.
جهود الوساطة تواجه تحديات كبيرة بسبب تصلّب مواقف الجانبين وغياب الثقة المتبادلة، خاصة مع استمرار إيران في تطوير برنامجها الصاروخي وتصعيد أنشطتها العسكرية في المنطقة. وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى زيادة الاشتباكات غير المباشرة بين الطرفين، بما في ذلك هجمات على ناقلات نفط وفرض إجراءات أمنية مشددة على الملاحة الإقليمية.
الأزمة النووية بين إيران والولايات المتحدة ليست بجديدة، بل هي جزء من صراع طويل الأمد يمتد منذ الثورة الإيرانية عام 1979، لكنها تشهد حاليًا تطورات أكثر تعقيدًا مع تداخل قضايا إقليمية واستراتيجية جديدة، ما يجعل التوصل إلى حلول دائمة مهمة أكثر صعوبة.