علماء الحديث أولاً: لن أحذف.. إليك السبب الحقيقي – أخبار السعودية

يتساءل الكُتّاب دومًا عن قيمة الحذف في عالم الكتابة الإبداعية؛ هل هو ضرورة تعزز من جودة النص أم خيانة للذات وللإبداع الأول؟ الصديق الدكتور أحمد العرفج أشار إلى أهمية الحذف كفن، لكن آخرين يرونه مجرد مرحلة مؤقتة، إذ يمكن إعادة تدوير الأفكار والعبارات في سياقات جديدة. فهل الكتابة الحقيقية تمنح النصوص حياة جديدة مع الزمن؟

فن الحذف في الكتابة.. رؤية تجمع بين الإبداع والتحرر

تعد الكتابة فعلًا شخصيًا عميقًا يعبّر عن تجربة الكاتب الذاتية وإلهامه الأول. الدكتور أحمد العرفج سلّط الضوء على مقولة شائعة “الكتابة هي فن الحذف”، مشيرًا إلى أنها أصبحت قاعدة يتبناها الكثير من الكُتّاب. ومع ذلك، يؤكد آخرون على ضرورة عدم الإزالة النهائية للنصوص لما تحمله من ملامح ذاتية قد تنبعث بشكل جديد في وقت لاحق. الكاتب الذي يواجه جمودًا إبداعيًا يمكنه الاعتماد على محذوفاته كمرجع ومخزون قابل للتنقيح وإعادة البناء.

وتتعدى المسألة مجرد مسح الكلمات، بل تتوجه نحو إعادة تدوير الأفكار بشكل أكثر حيوية وديناميكية. فمثلما قال أحد علماء الحديث: “إذا كتبت فقمش، وإذا حدثت ففتش”، وهو ما يعني جمع الأفكار والصياغة بشكل واسع، ثم اختبارها أثناء العرض للقراء، ما يعكس عملية تحرير أكثر دقة.

إعادة تدوير النصوص.. حياة جديدة لما تم حذفه

العديد من الكتاب لا يعتبرون الحذف فعلًا دائمًا، بل يرونه حالة تخزين مؤقتة. هناك طرق متعددة لتوظيف النصوص المحذوفة مستقبلًا:

• الاحتفاظ بالجمل والأفكار في وثائق أو دفاتر مستقلة.
• تنظيم النصوص المحذوفة في فئات لتسهيل إعادة استخدامها.
• إنعاش الأفكار القديمة بدمجها مع رؤى جديدة في مشاريع أدبية لاحقة.

هنا تظهر قيمة المحذوفات كجذور قد تساهم في نمو نص آخر. الكاتب الذي يتبع هذا النهج يؤمن بأن الإبداع طاقة دائمة تُعاد صياغتها باستمرار.

الإبداع المستدام.. لماذا لا تموت الأفكار؟

الحذف لا يعني نهاية النصوص، بل هو بداية حياة جديدة. يصف الدكتور أحمد أن النصوص “المجمدة” قد تكون مصدرًا للإلهام عندما تجف قريحة الكاتب. يؤكد هذا النهج على أن الكتابة ليست عملية ذات اتجاه واحد، بل هي تفاعل مستمر بين الماضي والحاضر.

ولا شك أن الحفاظ على المحذوفات والعمل عليها يعود بالفائدة على الكتابة الإبداعية، ما يجعل المقطوعات القديمة طاقة مستدامة تُغذي أعمالًا جديدة. عند النظر إلى هذا النموذج، يظهر أن الكتابة ليست مجرد حروف تُكتب ثم تُنسى، بل هي عالم نابض بالحياة، يظل في حالة تجدد دائم. فكل كلمة أو فكرة تحمل معها إمكانية المستقبل.