في خميس العهد.. طقس «اللقان» بالكنيسة القبطية يجسد التواضع والمحبة بمشهد مميز

في خميس العهد، عاشت الكنائس القبطية الأرثوذكسية لحظات من التأمل والخشوع خلال إحياء طقس “اللقان”، الذي يُعد أحد أبرز التقاليد الروحية المرتبطة بأسبوع الآلام في المسيحية. ويجسد هذا الطقس قيم التواضع والمحبة التي علّمها السيد المسيح، ويحمل رسالة عميقة تهدف إلى تذكير المؤمنين بضرورة الخدمة والعطاء كأساس للحياة الروحية.

طقس اللقان: تاريخ وتقاليد متأصلة في الكنيسة القبطية

يعود طقس “اللقان” إلى يوم خميس العهد، عندما قام السيد المسيح بغسل أرجل تلاميذه خلال العشاء الأخير. تُنفذ الكنيسة القبطية هذا الطقس في مناسبات خاصة، أبرزها خميس العهد، حيث يتم تقديمه بأسلوب روحي عميق يعكس أصوله التاريخية. يُقام الطقس عادةً في الهيكل قبل أو بعد قداس هذا اليوم، وتشمل شعائره قراءة من إنجيل يوحنا، لا سيما الإصحاح الثالث عشر، الذي يروي تفاصيل غسل السيد المسيح لأرجل تلاميذه في لفتة رمزية تحمل معاني التواضع والخدمة.

الطقس يتمثل في قيام الكاهن أو الأسقف بغسل أرجل اثني عشر شخصًا من المصلين، في محاكاة رمزية لتلاميذ السيد المسيح. ويُرافق ذلك صلوات وتراتيل تعزز من عمق التجربة الروحية، وتحث المشاركين على التأمل في معانٍ إنسانية راقية مثل المحبة والتضحية.

رمزية اللقان ومعانيه الروحية

الابتعاد عن المظاهر السطحية والتركيز على الطهارة الداخلية هو أحد أهم رموز طقس “اللقان”. كلمة “اللقان” ذات أصل يوناني، وتعني “الوعاء المقدس”، في إشارة إلى الحوض المستخدم في غسل الأرجل أثناء الطقس. هذا الطقس المميز يُغطي أبعادًا روحية متعددة، ومنها تجديد العهد بين الإنسان والخالق، والدعوة لمحبة الآخرين دون قيود.

الطقوس التي يتخللها هذا الحدث تحمل كذلك دعوة للعودة إلى الجذور الروحية، إذ يقول السيد المسيح: “أن تحبوا بعضكم بعضًا”. من هنا، فإن كل عنصر من عناصر هذا الطقس يحمل رسالة تعزز من الارتباط الروحي بالمسيح وتعاليمه.

الاحتفاء بالأجواء وسط حضور مكثف من المصلين

شهدت الكنائس القبطية في جميع المحافظات أجواءً مفعمة بالخشوع والسكينة خلال طقس “اللقان”. أقبل المصلون منذ ساعات الصباح الأولى للمشاركة في هذه اللحظات الروحانية الخاصة، حيث تولى الكهنة والأساقفة شرح رمزية الطقس وأهدافه للمصلين، بمن فيهم الأطفال والشباب، في محاولة لتعميق فهم الأجيال لما يحمله هذا الطقس من معانٍ خالدة.

ختامًا، يعكس طقس اللقان في خميس العهد جوهر المحبة الروحية التي لا تزال القيم المسيحية تُعمقها في كل زمان ومكان. هذا الاحتفاء يحمل رسالة خالدة تُذكر بأن الخدمة والتواضع أساس الحياة، وهما الطريق الأمثل لتحقيق السلام الداخلي، لا سيما في عالمنا اليوم الذي يتعطش بشدة لمثل هذه القيم الإنسانية السامية.