الأزمة الجزائرية الفرنسية: كيف أشعل وزير الداخلية الفرنسي التوتر مجددًا بعد تقارب ماكرون وتبُّون؟

تجددت الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا بعد تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الذي دعا إلى استخدام “أدوات ضغط أخرى”، منها تقليص منح التأشيرات وإعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية، لإجبار الجزائر على استعادة مواطنيها الذين تم ترحيلهم من فرنسا. هذه التصريحات أثارت جدلًا واسعًا وسط أجواء سياسية مشحونة، مما أعاد العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى دائرة التوتر.

التوترات الجزائرية الفرنسية: مواجهة دبلوماسية تتجاوز التصريحات

شهد ملف العلاقات بين الجزائر وفرنسا تصعيدًا غير مسبوق، حيث وصف وزير الداخلية الفرنسي بلاده بأنها “أمة عظيمة” أثناء مطالبته باستعادة الجزائريين المرُحلين، معتبرًا أن المسألة ليست دبلوماسية بقدر ما تتعلق بكرامة الفرنسيين، على حد قوله.

هذه التصريحات لم تمر بهدوء في الجزائر، حيث أدانت وزارة الخارجية الجزائرية بشدة موقف روتايو، واعتبرته استمرارًا لسلوك عدائي يضر بالعلاقات الثنائية. ومن جانب آخر، يرى مراقبون أن تصريحات الوزير الفرنسي تأتي في سياق داخلي يهدف لإرضاء جهات سياسية وصنعة موجة من الجدل الإعلامي.

جذور الأزمة: من اختطاف بوخرص إلى التصعيد الدبلوماسي

الصراع بين الجزائر وفرنسا أخذ منحى مختلفًا عندما اتهمت فرنسا أربعة جزائريين، بينهم موظف بالسفارة الجزائرية، باختطاف الناشط السياسي أمير بوخرص المعروف بـ”أمير دي زد”. الأخير، الذي يُقيم في فرنسا وينتقد النظام الجزائري، أشار إلى أنه تعرض للخطف تحت تهديد السلاح من قِبل أفراد يرتدون زي الشرطة.

على إثر ذلك، طردت الجزائر عدداً من موظفي السفارة الفرنسية وطالبتهم بمغادرة أراضيها في غضون 48 ساعة، معتبرة أن الخطوات الفرنسية تنتهك الأعراف الدبلوماسية. في هذا الصدد، أكد بيان للخارجية الجزائرية رفضها العلاقة المزعومة بواقعة الاختطاف، مضيفة أن تلك الاتهامات “تتجاوز القوانين والاتفاقيات الدولية”.

ومما زاد الأمور تعقيداً أن السلطات الفرنسية أقدمت على اعتقال ثلاثة ناشطين جزائريين بتهمة “التحريض على الإرهاب”، وهو ما ساهم في تأجيج الأزمة المفتوحة.

الصحراء الغربية والتوترات السياسية: ملف قديم في صراع جديد

الأزمة بين البلدين لا تقتصر على مسألة الترحيل، بل تعود جذورها إلى ملفات جيوسياسية حساسة، أبرزها موقف فرنسا من الصحراء الغربية. أشعل دعم باريس لخطة الحكم الذاتي المغربية في الإقليم غضب الجزائر، ما دفع الأخيرة إلى استدعاء سفيرها في يوليو 2024 كإجراء احتجاجي قوي.

وفي حين حاولت العلاقات بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون تهدئة الأمور عبر اتصالات مباشرة وزيارات دبلوماسية رفيعة المستوى، إلا أن الخطوات الفرنسية الأخيرة أعادت الأزمة من جديد إلى السطح، ما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقة المتوترة.

الأزمة الجزائرية الفرنسية تُظهر تعقيدات ملف العلاقات بين البلدين وصعوبة الوصول إلى حلول دائمة في ظل الملفات الشائكة. الأيام القادمة وحدها كفيلة بالكشف عن الاتجاه الذي ستتخذه هذه العلاقة المتأرجحة.