حظر «إخوان الأردن».. خطوة حاسمة للقضاء على الأفكار المتطرفة نهائياً

اتخذ الأردن خطوة بارزة ومثيرة للجدل بحظر جماعة “الإخوان المسلمين”، وهو القرار الذي أثار اهتمام المراقبين وصناع القرار على الصعيدين الإقليمي والدولي. هذا القرار لم يكن مفاجئاً، بالنظر إلى التوترات المستمرة مع الجماعة التي استغلّت المساحة السياسية والاجتماعية في الأردن لنشر أفكارها واستقطاب الموالين؛ وقد جاء القرار ليضع حداً لهذه الحقبة التي استمرت لعقود طويلة.

جذور مشكلة “الإخوان المسلمين” في الأردن

تعود جذور مشكلة جماعة “الإخوان المسلمين” إلى تأسيسها في الأردن واستغلالها للأوضاع السياسية والاقتصادية. منح العديد من الحكومات السابقة الجماعة مساحة للنمو تحت ضغوط سياسية مختلفة، ولعبت الجماعة بدورها دوراً مزدوجاً أحياناً؛ حيث كانت تتعاون مع الأنظمة لتحقيق مكاسب سياسية، وفي الوقت ذاته تستغل تلك الفرصة لبناء حضورها العقائدي والقواعد الشعبية. إن ترك الجماعة من دون ضبط أدى إلى تراكم نفوذها؛ حيث سيطرت تدريجياً على المؤسسات التربوية والدينية، ما ساهم في نشر أفكار متطرفة تجاوزت النطاق الأردني وهددت بإحداث حالة من الفوضى في البلاد.

دور الأوضاع الاقتصادية في نمو الفكر المتطرف

لطالما استفادت “الإخوان المسلمون” من الأزمات الاقتصادية والفقر المتصاعد في المنطقة العربية لصالح أجنداتها. غياب التنمية الاقتصادية شجّع الجماعة على ترويج نفسها كبديل للنظام السياسي الحالي، مقدمة حلولاً زائفة للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية. في الواقع، تستغل الجماعات المتطرفة الفساد وسوء الإدارة الحكومية لزيادة شعبيتها، مجندة أفراد الطبقات المهمّشة؛ وبالتالي تصبح هذه الفئات وقوداً لمشروعها التوسعي، مما يعقّد مهمة الدولة في مكافحة الفكر المتطرف.

الأبعاد الثقافية والفكرية لاستمرار تأثير “الإخوان”

لعبت الأبعاد الثقافية والتعليمية دوراً كبيراً في ترسيخ الفكر الإخواني في أذهان الأجيال الجديدة. سيطرت الجماعة على المناهج الدراسية واستقطبت المعلمين لنشر عقيدتها داخل المدارس والجامعات، كما استخدمت المنابر الثقافية والشبكات الاجتماعية لتعزيز خطابها المتطرف. في ظل غياب رقابة فاعلة من الدولة، استمرت الجماعة في نشر ثقافة الكراهية وإثارة النعرات الطائفية مستغلة شعارات مثل القضية الفلسطينية والدين؛ ما ساهم في تشويه الوعي العام وإعادة إنتاج التطرف.

في النهاية، يعكس قرار الأردن بحظر جماعة “الإخوان المسلمين” إدراكاً لأهمية مواجهة الفكر المتطرف من جذوره. لا يمكن القضاء على آيديولوجيا متطرفة من خلال الإجراءات الأمنية فقط؛ بل يجب التكامل مع مبادرات اقتصادية وثقافية تعيد ثقة المواطنين بالدولة. التجربة الألمانية في القضاء على النازية تقدم دليلاً واقعياً على أهمية تقديم بدائل ناجحة للمجتمعات المتضررة من الأفكار المتطرفة، وهذا ما ينبغي تطبيقه في مواجهة الفكر “الإخواني”.